• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الامام السجاد: حين يصبح الدعاء ثورة

زينب شاكر السماك / منذ 8 ساعة / تربية / 276
شارك الموضوع :

يا من علّمتنا أن الطهر لا يُهزم، وأن الذكر لا يُطفأ، وأن المظلوم قادر أن يكون معلّمًا للبشرية، إذا جعل من جرحه رسالة ومن دمعته صلاة

في سيرة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) نقرأ فصلًا من المظلومية النادرة، ليس فقط في حجم المصاب الذي عاشه، بل في طريقة تعامله مع هذا المصاب وتحويله إلى منهج حياة. كان شابًا مريضًا في خيام كربلاء، لا يقوى على حمل السيف، لكنه حمل أوجاع الأمة وهمّ الرسالة في قلبه. شهد قتل والده الإمام الحسين (عليه السلام)، وسبي عمته عقيلة بني هاشم السيدة زينب (عليها السلام)، وسار أسيرًا مكبّلًا من أرض المعركة إلى مجالس الطغاة، فهل هناك مظلومية أعظم من هذه؟!

ورغم كل هذا، لم ينكسر، بل صمد، وأدار معركته بطريقة مختلفة تمامًا. لم تكن معركة عسكرية، بل معركة بناء داخلي، وتربية روحية، وصياغة وعي جديد. لقد اختار أن يردّ على المظلومية بالدعاء، على السيف بالكلمة، وعلى الانكسار بالسجود. لم يجعل من مأساته حاجزًا أمام عطائه، بل جعلها منطلقًا لبناء مدرسة تهذيبية استثنائية.

ففي الصحيفة السجادية، لم يكتب الإمام مجرد أدعية، بل كتب فلسفة حياة، دروسًا في التوكل، في الصبر، في التواضع، في المسؤولية الاجتماعية، في مقاومة الظلم من داخل النفس. كانت كلماته نورًا في زمن الظلام، ومنارة لمن أراد أن يفهم جوهر العبادة. لم يكن يدعو لله من باب الخوف فقط، بل من باب الحب، من باب العرفان، وكان يسجّل هذه المناجاة لتكون ميراثًا خالدًا للأجيال.

كانت عمته زينب الكبرى (عليها السلام) الحصن الذي حماه في أول الطريق، وكانت عينها تبكي عليه، لكنه ما لبث أن أصبح هو السند المتبقي لبيت النبوة. العلاقة بينهما لم تكن فقط قرابة دم، بل كانت وحدة هدف، وحدة حزن، وحدة مسؤولية. ومِن بين دموعهما كانت تُبنى خطوات المرحلة القادمة. فكلّما اشتد عليه الألم، صلّى. وكلما ضاقت به الأيام، رفع يديه إلى السماء. وهكذا علّمنا أن الإنسان، مهما اشتدت عليه المآسي، قادر على أن ينهض، وأن يخلق من المحنة مشروعًا، ومن الألم بصيرة، ومن السجود طريق نجاة.

لم يكن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يتحدث عن الحياة من برجٍ عاجي، بل من وسط الجراح، من قلب التجربة. هو المظلوم، المسجون، المحزون، ومع ذلك ظل يعمل، ويربّي، ويدوّن، ويصلّي، ويغفر، ويحب، ويبني.

نعم، لقد علّمنا أن الإنسان يستطيع أن يرسم خريطة لحياته، حتى لو وُلد في ركام المآسي. فمنه تعلّمنا أن قيمة الإنسان لا تُقاس بما مرّ به من نكبات، بل بكيفية تجاوزه لها. ومنه فهمنا أن العبادة ليست انعزالًا عن الواقع، بل انغماس في مسؤوليته. وأن الدعاء ليس ضعفًا، بل سلاح الأقوياء، كان دعاؤه عليه السلام عند الشدة والجهد وتعسر الأمور (اللهم إنك كلفتني من نفسي ما أنت أملك به مني، وقدرتك عليه وعلي أغلب من قدرتي، فأعطني من نفسي ما يرضيك عني، وخذ لنفسك رضاها من نفسي في عافية).

إن سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) درس مفتوح لكل إنسان يبحث عن طريق في وسط الظلام، عن أمل وسط الخوف، عن معنى للحياة في زحمة الانكسارات. لم تكن حياته سلسلة راحة، بل سلسلة صبر. لكنه صنع من صبره منهجًا، ومن سجوده مدرسة، ومن ألمه نهضة.

اليوم، ونحن نعيش في عالم يموج بالتحديات، تظل سيرة سيد الساجدين (عليه السلام) دليلًا على أن الإنسان بإمكانه أن ينهض من تحت الركام، وأن يزرع أثرًا، وأن يترك بصمة، وأن يخلّد اسمه لا بقوته، بل بإيمانه وصبره وإخلاصه.

سلامٌ عليك يا زين العابدين، يا من علّمتنا أن الطهر لا يُهزم، وأن الذكر لا يُطفأ، وأن المظلوم قادر أن يكون معلّمًا للبشرية، إذا جعل من جرحه رسالة ومن دمعته صلاة.

الامام السجاد
الدعاء
الايمان
الثورة
كربلاء
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الامام زين العابدين والاستثمار في الانسان

    الوضع السياسي والاجتماعي للأمة في عصر الامام زين العابدين

    مواقع التواصل الاجتماعي.. إليكم تأثيرها الخفي على تواصل الأهل مع أبنائهم

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    فن المصارحة وبناء الأسرة في ضوء القيم الإسلامية

    حين صلّى الإمام الحسين من أجل الكوفة: موقف من نور

    آخر القراءات

    الشخص العدواني: كيف يمكن أن نتعامل مع سلبية هذه الشخصية؟

    النشر : الثلاثاء 30 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 29 ثانية

    أمنيات معلقة على ستار الكعبة

    النشر : السبت 25 آب 2018
    اخر قراءة : منذ 32 ثانية

    هل نهاية العالم أصبحت وشيكة؟

    النشر : الأحد 29 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 40 ثانية

    فوائد البصل المذهلة.. بين نوعيه الأحمر والأبيض

    النشر : السبت 02 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 40 ثانية

    المرجع الشيرازي: تستطيع المرأة أن تغير أمة بمفردها

    النشر : السبت 02 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 46 ثانية

    جمعية المودة والازدهار تقيم (نادي ريحانة) للفتيات

    النشر : الأحد 28 تموز 2024
    اخر قراءة : منذ 52 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 847 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 728 مشاهدات

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    • 465 مشاهدات

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    • 465 مشاهدات

    حيوية في التسعينيات من العمر.. ما سرّ تمتع هذه المرأة بالنشاط والفرح؟

    • 412 مشاهدات

    وعي العباءة الزينبية ٢

    • 390 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1294 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 918 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 847 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 728 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 694 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 683 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الامام زين العابدين والاستثمار في الانسان
    • منذ 8 ساعة
    الامام السجاد: حين يصبح الدعاء ثورة
    • منذ 8 ساعة
    الوضع السياسي والاجتماعي للأمة في عصر الامام زين العابدين
    • منذ 8 ساعة
    مواقع التواصل الاجتماعي.. إليكم تأثيرها الخفي على تواصل الأهل مع أبنائهم
    • منذ 8 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة