منذ القدم ارتبط "خل التفاح" بالطب الشعبي والتجارب المنزلية، واليوم يجد طريقه إلى الدراسات الطبية التي تؤكد بعض مزاياه الصحية، مثل المساهمة في ضبط السكر أو تحسين الهضم أو حتى دعم فقدان الوزن.
لا يكاد "خل التفاح" يغيب عن البيوت العربية، إذ يراه البعض مكوناً أساساً في المطبخ، بينما يستخدمه آخرون في وصفات شعبية أو كعلاج منزلي متوارث، لكن هذا السائل الذي يبدو بسيطاً، الناتج من تخمير التفاح، حظي خلال الأعوام الأخيرة باهتمام طبي وإعلامي لافت، بعدما روج له باعتباره وسيلة مساعدة على إنقاص الوزن وتحسين الصحة العامة.
يتكون خل التفاح بنسبة تقارب 94 في المئة من الماء، ويحوي حمض الأسيتيك، إلى جانب عناصر ومعادن دقيقة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والحديد والزنك والبوتاسيوم. هذه التركيبة جعلت منه مادة تستحق الدراسة، خصوصاً في ظل انتشاره الواسع عالمياً واستخدامه في أنماط غذائية وصحية متنوعة.
خفض مستويات السكر في الدم
من أبرز الفوائد التي رصدت علمياً مساهمة خل التفاح في خفض مستويات الغلوكوز لدى مرضى السكري من النوع الثاني. دراسة نشرتها مجلة "BMC Medicine" البريطانية المتخصصة في الأبحاث الطبية، أشارت إلى أن تناول الخل ساعد على تقليل نسبة الغلوكوز أثناء الصيام بنحو ثمانية ملليغرامات لكل ديسيلتر لدى المرضى الذين يعانون ارتفاعاً واضحاً في مستويات السكر. هذا التأثير يفسر بقدرة حمض الأسيتيك على تحسين استجابة الجسم للأنسولين، مما قد يساعد على استقرار مستويات السكر إذا استخدم باعتدال.
وعلى رغم ذلك يحذر الأطباء من الاعتماد عليه كبديل للعلاج الدوائي، وإنما كعامل مساعد ضمن نظام غذائي صحي وتحت إشراف طبي.
خصائص مضادة للميكروبات
جانب آخر من فوائد خل التفاح يرتبط بخصائصه المضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات. فقد أظهر بحث صادر عن "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية" في الولايات المتحدة أن حمض الأسيتيك قادر على قتل أو تثبيط نمو عدد من الميكروبات المسببة للتسمم الغذائي وبعض التهابات الجلد. ولهذا السبب، كان الخل على مر العصور يستخدم كمطهر طبيعي للجروح ولحفظ الأطعمة، لكن هذه الفائدة لا تعني أنه بديل كامل للمطهرات الطبية الحديثة، بل تظل استخداماته محدودة ويفضل أن تكون ضمن وصفات منزلية خفيفة.
المساعدة في فقدان الوزن
ارتبط اسم خل التفاح كثيراً ببرامج إنقاص الوزن، ففي تجربة سريرية نشرتها مجلة "BMJ" البريطانية، وهي من أعرق الدوريات الطبية في العالم، وامتدت 12 أسبوعاً، شارك أشخاص يعانون السمنة بتناول جرعات يومية من الخل. النتائج أظهرت انخفاضاً ملموساً في وزن الجسم ودهون البطن ومحيط الخصر. ويعزى ذلك إلى قدرة حمض الأسيتيك على تعزيز الإحساس بالشبع، وزيادة حرق السعرات، وتقليل احتباس السوائل في الجسم. غير أن المتخصصين يشددون على أن الخل وحده لا يعطي نتائج سحرية، بل ينبغي أن يكون جزءاً من نظام غذائي متوازن مع ممارسة النشاط البدني.
تحسين رائحة الفم
من الاستخدامات اليومية التي يوصي بها بعض المتخصصين، تخفيف خل التفاح بالماء واستخدامه كغسول للفم، إذ تساعد خصائصه المضادة للبكتيريا على استهداف الجراثيم المسببة لرائحة الفم الكريهة، مما يمنح إحساساً بالانتعاش، لكن الأطباء يحذرون من الاستعمال المفرط أو غير المخفف، نظراً إلى أن الحموضة العالية قد تضعف مينا الأسنان بمرور الوقت، لذا ينصح باستخدامه بصورة متباعدة، مع شطف الفم بالماء بعد المضمضة وعدم الاستغناء عن الفرشاة والخيط كوسائل أساسية لنظافة الفم.
دعم صحة الجهاز الهضمي
يرى باحثون أن خل التفاح يسهم في تحسين عملية الهضم من خلال تحفيز إنتاج حمض المعدة، وهو عنصر أساس لتفكيك الطعام وامتصاص العناصر الغذائية، كذلك فإن بعض أنواعه غير المصفاة تحوي بكتيريا نافعة (بروبيوتيك) تدعم التوازن الصحي لبكتيريا الأمعاء، مما ينعكس إيجاباً على صحة الجهاز الهضمي عموماً. هذا التوازن يعتبر عاملاً أساساً في تقوية المناعة والوقاية من مشكلات مثل الانتفاخ وسوء الامتصاص.
تحسين النوم وتقليل التقلصات
من الفوائد التي لفتت انتباه الدراسات الحديثة ارتباط خل التفاح بتحسين نوعية النوم، إذ أظهرت نتائج أولية أن تناوله قبل النوم قد يساعد على موازنة مستويات السكر في الدم، مما يمنع تقلباتها الحادة ليلاً، وأيضاً محتواه من البوتاسيوم يسهم في استرخاء العضلات والحد من التقلصات الليلية التي تعوق النوم. ومع ذلك يوصي المتخصصون بعدم الإفراط في الكمية، والاكتفاء بجرعات صغيرة مخففة.
تقليل خطر النقرس
وأخيراً، يبرز دور حمض الأسيتيك في المساعدة على تفكيك حمض اليوريك، الذي يؤدي ارتفاعه إلى الإصابة بمرض النقرس. من خلال هذه العملية يساعد الخل الجسم على التخلص من الفائض بصورة طبيعية، مما يقلل من احتمالية تراكم البلورات المؤلمة في المفاصل. وعلى رغم أن هذه الفائدة لا تزال في حاجة إلى مزيد من الأبحاث السريرية، فإنها تبقى ضمن قائمة الاستخدامات التقليدية التي يعتد بها كثير من الناس.
منذ القدم ارتبط "خل التفاح" بالطب الشعبي والتجارب المنزلية، واليوم يجد طريقه إلى الدراسات الطبية التي تؤكد بعض مزاياه الصحية، مثل المساهمة في ضبط السكر أو تحسين الهضم أو حتى دعم فقدان الوزن. غير أن ما بين هذه النتائج المؤكدة والوعود المبالغ فيها، يبقى العامل الحاسم هو الاعتدال في الاستعمال، فالإفراط قد يقلب الفوائد إلى أضرار، بينما إدخاله بجرعات مدروسة في النظام الغذائي قد يمنح إضافة بسيطة ولكنها مفيدة إلى حياة أكثر توازناً وصحة. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات