• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وفاء الزيتون

فاطمة علي / الأثنين 20 كانون الثاني 2025 / ثقافة / 720
شارك الموضوع :

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق

سألَتْها غيمةٌ بفخر: "هل شربت أعذب من مائي؟"

فأجابها صمت حاد خدش كبرياءها. تغيّر لونها، تلاشى سوادها، وأومأت بوجهها عنها، حابسةً مطرها. لكن أشباح ذلك الصمت ظلت تزورها، حتى كبرت وجالت العالم فرأت بنفسها، وفهمت لما كان سكوت الزيتونة، تلك الشامخة فوق تلال العز، الصامدة تحت جور العدوان، المتأصّلة في حجر الانتماء، تجرّعت عذباً باردًا وعذبًا حارًا وعذبًا ملتهبًا. لا يستطيع عذب سحابة أن يرويَ ظمأها ويطفئ حرارة اشتياقها فقالت للغيمة عندما عادت مرّة أخرى:

نعم شربتُ عذبًا، كنتُ بين ظلماتٍ ثلاث، مع حبّات التراب، لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا. لم يكن الماء أول من روى ظمئي، بل كان عرقًا زلالًا باردًا. هبط عليّ، فأيقظني من طول هجعتي، فشربته حتى خرجتُ من الظلمات إلى النور.

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق، فكبرت ويد الفلاح ترعاني. لكنّي لم أكافئه على جزيل عطائه، بل غدت أغصاني عصيّةً تأبى أن تحمل لتوفّي شيئا من ديوني، وتكاثفت الديون، حتى بتُّ خجلةً من نفسي، أرجوه أن يتركني وحيدة، أعضّ على جراحي. لكنّ يديه الخشنتين كانتا تداعبانني بكل عطف، وهو يقول:

"الحمدلله الذي وفّقني لأن أسقي أرض وطني، وأربي في أحشائه شجيرات، يحفظن وجوده ويروينَ قصتي."

ثم شربت عذبًا حارًّا، تضعضعت له أركاني، واحتوته كل جوارحي، فبات يسري قوة بين أوراقي، والأعاصير تعصف بي، فتأبى أن تُكسر غصوني.

ارتويت من ذلك السائل الحار، الأحمر القاني، وأنا أنظر الى شابٍّ يستند عليّ، يحتمي بين أغصاني. احتضنته بملءِ وجودي، فلم أكفه شرّ رصاصٍ مزّق أعضاءه. لم أكفِ عينيه. لم أكفِ يديه. لم أكفِ صدره المشتعل حبًّا. لكنّه رواني وزادت ديوني.

ثم شربتُ عذبًا ملتهبًا، غلى به الشوق حتى غلت معه أركاني. شوق أمّ فقدت عزيزها، فاشتعل صدرها أسى، حتى تمنيتُ لو أن جوفي يُفتح لها، فتسكنه، ويسكن أنينها.

لكنّها احتضنت التراب بين أوصالي، تذكر شبّانا نالهم سلام صاحب الزمان. فسجدت شكرًا وصبرًا، والعيون تستعر نيرانا وعشقًا. فروتني النار وزادت ديوني.

كيف وفيتُ الديْن، هل تدري؟

حملتُ الخليط العذب ثمارًا خصّها ربّ العزّة بالذكر، ونشرتُها بين تراب الجنوب. فنمت أشجارٌ تروي قصص الصبرِ والنصرِ.



الوطن
قصة
الحب
العاطفة
الشهيد
الايمان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    تجديد الخطاب الديني: كيف يمكن أن يكون جسرًا للتواصل مع الجيل الجديد

    النشر : الخميس 05 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    نور الحمداني.. اطلالة على ثنايا الحضارة العراقية

    النشر : الأحد 03 تشرين الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    يوم الكتاب العالمي: إشعال شموس المعرفة بين الأجيال وبناء جسور الحضارات

    النشر : الأربعاء 23 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    جعفر الصادق: استشهاد نور العلم في وجه الظلام

    النشر : الخميس 24 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    البحث عن الحقيقة.. سلمان المحمدي إنموذجًا

    النشر : الثلاثاء 13 آب 2024
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ما بين الاستحقاق وجلد الذات

    النشر : الأحد 17 تشرين الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 742 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 627 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 618 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 440 مشاهدات

    من يتصدر نتائج الذكاء الاصطناعي؟ AIO يعيد رسم قواعد اللعبة

    • 364 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1070 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1048 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 970 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 742 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 2 ساعة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 2 ساعة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 2 ساعة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 2 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة