• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الوحش الذي صنعه الصمت

زينب شاكر السماك / الخميس 10 نيسان 2025 / ثقافة / 794
شارك الموضوع :

التحرش الجنسي بالأطفال ليس مجرد حدث مؤلم يمر وينتهي، بل هو جرح غائر يرافق الطفل حتى الكِبر

قدماه ترتجفان كأنهما تحملان جبلاً من الذنوب، ويداه المرتعشتان تفتحان باب الغرفة بعنف. ألقى بجسده المنهك على الكرسي الهزاز، كجثة فقدت روحها، بينما عيناه معلقتان بسقف الغرفة، كأنه يبحث عن خلاص لا يجده. ذهنه شارد، قلبه يخفق بجنون، والعرق يتصبب من جبينه كأنه يغسل خطاياه التي لا تُغسل.

فجأة، قطع شروده صوت قطرات ماء تتساقط بإلحاح. التفت نحو الصنبور فوجده مغلقًا، فازدادت حيرته. من أين يأتي هذا الصوت؟ بدأ يراقب المكان بعينيه المتعبة، لكنه لم يستطع تحريك جسده المثقل بالألم. ثم لمح قطرات الدم تتساقط من يده! نظر إليها بذهول، لا أثر لأي جرح، ولكن الدم مستمر بالجريان.

ركض نحو الحوض وفتح الماء بأقصى قوة، بدأ يفرك يديه بجنون، لكن كلما غسل، زاد تدفق الدم. جرب الصابون، الفرك العنيف، لكنه كلما اجتهد، كلما ازدادت اللعنة. في تلك اللحظة، دوّى في أذنه صوتها... الصرخة التي مزقت كيانه، الصوت الذي حاول نسيانه لكنه ظل يطارده في يقظته وأحلامه. تراجع إلى الخلف وغطى أذنيه بيديه الملطختين بالدم، جلس منهارًا، يدرك أن هذا الصوت، وهذا الدم، ليس إلا ذنبه المتجسد.

عاد بذاكرته إلى الوراء... إلى الطفلة التي سلب منها براءتها ثم قتلها بيديه المرتعشتين. لم يكن وحشًا بطبيعته، لكنه أصبح كذلك. كان في صغره ضحية مثلها، تعرض للتحرش لكنه صمت خوفًا، لم يجد من يحميه، لم يجد من يمد له يد العون. كبر وهو يحمل جرحه بداخله، وهو يعلم أن هناك خطأ ما في روحه، لكنه لم يعرف كيف يصلحه. لم يسأل أحد، لم يعترف لأحد.

حتى تحول إلى وحش يبحث عن ضحية أخرى ليعيد مشهد ألمه على جسدها الصغير. لكنه لم يدرك أن الجريمة لا تنتهي بفعلتها، بل تظل تنزف داخله، تتجسد في صرخات، في دماء، في نظرات الضحية التي تطارده حيثما ذهب.

وحين وقف أمام الطفلة التي اغتصبها، لم يكن يرى فيها شخصًا، بل كان يرى نفسه. كان ينتقم؟ ربما. كان يحاول إعادة المشهد؟ ربما. لكنه في تلك اللحظة، كان قد تخطى الحاجز الذي يفصل الإنسان عن الوحش.

وعندما انتهى منها، عندما سلب منها روحها، عندما تحول من الضحية إلى الجاني، اعتقد لوهلة أن الأمر انتهى. لكنه لم يكن يعلم أن الجريمة الحقيقية لا تحدث لحظة الفعل، بل تبدأ بعده. تبدأ عندما تغلق الأبواب، عندما يصبح الجاني وحيدًا، عندما يواجه نفسه في المرآة، عندما يسمع الصوت، عندما يرى الدم يقطر من يديه رغم أنه لم يلمس شيئًا.

رفع رأسه إلى المرآة، نظر إلى نفسه، لكن ما رآه لم يكن وجهه. كان وجه ذلك الطفل الذي كانه يومًا، الطفل الذي تعرض للتحرش، الطفل الذي صمت، الطفل الذي كبر ليصبح وحشًا. الطفل كان يحدق فيه، يملأ عينيه بالخوف، بالأسى، بالخذلان. لم يحتمل النظر أكثر. أغمض عينيه، لكن الصورة لم تختفِ.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، إن الطفولة هي المرحلة الأكثر حساسية في حياة الإنسان، حيث تتشكل فيها شخصيته، وتتبلور نظرته للعالم، وتُرسّخ فيها قيمه النفسية والأخلاقية. لكن هذه المرحلة، بكل براءتها ونقائها، قد تكون أيضًا الأكثر عرضة للخطر إن لم نكن يقظين كفاية لحمايتها.

-، وقد يتحول إلى وحش صامت ينهش روحه ويشوّه إدراكه لنفسه وللآخرين. كثير من الجناة الذين ارتكبوا جرائم لا تغتفر كانوا يومًا ضحايا، لكن غياب الدعم والاحتواء حولهم من متألمين إلى مؤذين.

رسالة أخيرة:

أبناؤكم أمانة في أعناقكم، فكونوا درعهم الأول، كونوا أصواتهم عندما يخافون، وكونوا أيديهم التي تنتشلهم إن تعثروا. لا تستهينوا بأي إشارة، ولا تتركوا أطفالكم يواجهون الخوف وحدهم، فوحوش الماضي قد تخلق وحوشًا جديدة في المستقبل إن لم نقف بوجهها اليوم.

الطفل
التربية
العنف
قصة
السلوك
التحرش
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    بنات يخاصمن أمهاتهن

    النشر : الأثنين 12 تشرين الثاني 2018
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    فلاتر تحويل الصور إلى أنمي: بين الترفيه والمخاطر

    النشر : الخميس 17 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    رفيقي الصامت

    النشر : الخميس 23 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    ثقافة الصحفي وكفاءته المهنية

    النشر : السبت 01 آذار 2025
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    آهات زينبية

    النشر : الأحد 13 ايلول 2020
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    ديمة الدخان

    النشر : الأثنين 29 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ دقيقتين

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 412 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 365 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 344 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1079 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 661 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 2 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 2 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 2 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 2 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة