تخيل أن شيئاً بناه البشر جعل الأرض تدور… أبطأ. نعم، هذا ليس خيالاً علمياً ولا مشهداً من فيلم. إنه سد الممرات الثلاثة في الصين – تحفة هندسية ضخمة، ومصدر للطاقة، وسبب في جدل علمي وفلسفي مستمر.
لكن قبل أن نغوص في التفاصيل، دعنا نبدأ من البداية...
مولود على ضفاف اليانغتسي
في قلب الصين، يتلوى نهر اليانغتسي، أطول نهر في آسيا، كأفعى ضخمة عمرها آلاف السنين. على ضفافه، وُلد حلم ضخم: سد يحبس الماء، ويطلق الكهرباء، ويُخضع الطبيعة لأوامر الإنسان. بدأ العمل في المشروع عام 1994، واستمر لما يقارب عقدين.
والنتيجة؟ أضخم سد على وجه الأرض، يمتد أكثر من 2 كيلومتر، ويعلو بارتفاع ناطحة سحاب.
حين همس السد في أذن الأرض: "تمهلي"
عندما امتلأ خزان السد بالماء – ما يزيد عن 39 مليار طن – حدث شيء غريب. كتلة المياه الهائلة التي تم نقلها من مناطق منخفضة إلى ارتفاع شاهق، غيرت توازن الكوكب. وكأن الأرض شعرت بالثقل... وأبطأت حركتها.
وفقاً لوكالة ناسا، أدى هذا إلى:
إبطاء دوران الأرض بمقدار 0.06 ميلي ثانية
تحريك محور الأرض بمقدار 2 سنتيمتر
هل هو تأثير مرعب؟ لا.
هل هو مذهل؟ جداً.
مشروع بشري ترك بصمة على الساعة الكونية.
قوة، طاقة... وخسائر
سد الممرات الثلاثة يضخ طاقة كهربائية تكفي لتغذية عشرات المدن. حمى ملايين السكان من الفيضانات، وحسّن الملاحة في النهر.
لكن... لا شيء يأتي بلا ثمن. أكثر من 1.3 مليون شخص تم تهجيرهم قسراً. تاريخ عمره آلاف السنين ابتلعته المياه.
تهديدات جيولوجية وزيادة محتملة في الزلازل والانزلاقات الأرضية. لك أن تندهش، لكن لا تكتفِ بالدهشة.
فالعالم من حولك ليس مجرد أحداث تُروى، بل ألغاز تنتظر من يكتشفها… وربما، من يغيّرها. سد الصين العظيم لم يُبْنَ بآلة فقط، بل ببصيرة إنسان قرر أن يحلم أكبر من الخوف، وأعمق من الماء.
فإن كان مشروع مثل هذا قد حرّك الأرض، فتخيل ما يمكن لأفكارك أن تفعله…
لا تقل: "ما شأني؟"
بل قل: "وماذا لو كنت أنا؟" كن ذلك العقل الفضولي، اللسان الذي يسأل، والقلب الذي لا يرضى بالقليل. العالم ينتظر من يراه بعين مختلفة… بعينك أنت.
اضافةتعليق
التعليقات