• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

زينب شاكر السماك / السبت 02 آب 2025 / تربية / 525
شارك الموضوع :

في زمن الضجيج، يعلّمنا الإمام الحسن كيف يكون الصمت رسالة. وفي زمن التسرّع، يُرينا أن التأني نجاة

في عالم اليوم، حيث تتسارع الأحداث، وتكثر التحديات، ويعيش الشباب بين ضغوطات الحياة وتقلّبات النفس، يبحث كثيرون عن قدوة حقيقية؛ شخصية تجمع بين الإيمان والواقعية، بين القوة الداخلية والحكمة العملية، بين الصبر والمبادرة. وفي خضم هذه الحيرة، يسطع اسم الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)، كأنّه النور الهادئ الذي لا يصرخ، بل يهمس بحكمة. هو الإمام الذي لم يُعرف فقط بعلمه ونَسَبه، بل بحُسن تصرّفه في المواقف المعقدة، وبكتمان ألمه حين صار البوح عبئًا، والصراخ ضررًا.

كثير من شباب اليوم يتعامل مع الألم كما لو أنه وصمة: يخشون الاعتراف بالحزن، ويظنون أن الصراخ وحده بطولة، والانتقام رجولة، والانفجار علامة قوة. لكن الإمام الحسن (عليه السلام) يُقدّم دروسًا من نوع مختلف؛ دروسًا في كتمان الألم لا كضعف، بل كقوة ناعمة، في ضبط النفس لا كخضوع، بل كسيطرة على زمام القرار، وفي السكوت الذي يختزن بداخله ثورة الوعي، لا خمول المشاعر.

تأمّل كيف واجه الإمام الحسن (عليه السلام) خيانات الداخل قبل تهديدات الخارج. لم تكن الطعنات من الأعداء فحسب، بل من أولئك الذين زُعم أنهم أنصار، من جنود فرّوا، وقادة خانوا، وقلوب لم تصمد أمام الإغراء. ورغم كل ذلك، لم ينحدر الإمام إلى مساحات الشكوى أو التبرير، ولم يقف على المنابر ليدافع عن قراراته أو يلوم من خذلوه. بل حمل الهمّ بصمت، وحمل الأمة فوق كتفيه كما يحمل الأب أبناءه الخائفين. اختار الصلح مع معاوية، وهو يدرك تمامًا أن الألسن ستنهشه، وأن البعض سيصفه بالضعف، وآخرين بالاستسلام. لكن الإمام (عليه السلام) كان يرى ما لا يراه العابرون، كان يرى دماءً تُحقن، ودينًا يُصان، وطريقًا يُمهَّد لأخيه الحسين، الذي سيُكمل المسير حين يحين أوان الصرخة.

وهنا الدرس: ليست كل مواجهة صياحًا، وليست كل بطولة على المنصّات، بل هناك مواقف تتطلب الهدوء لا العاصفة، التروّي لا التهور. كم من شاب اليوم يخسر نفسه وأهله ومستقبله لأنه لم يعرف متى يصمت؟ ومتى يتصرف بحكمة؟ كم من خلاف يُمكن حله بلين الكلمة، لكنه يتحول إلى معركة لأن الطرفين لم يتعلّما من الإمام الحسن (عليه السلام) كيف يكون القرار الصعب أحيانًا هو أكثر القرارات حكمة؟

ثم إن كتمان الألم لا يعني الإنكار، ولا يعني أن الإنسان لا يشعر بالوجع، بل يعني أنه يُحسن التعامل معه. الإمام الحسن كان يشعر بالخيانة، لكنه لم يجعل تلك المشاعر تتحكّم فيه. كان يعرف أن السم يُقطع أوصاله، لكن صوته بقي هادئًا، شامخًا، لم يشكُ لأحد، بل ترك رسالته في فعله، لا في صراخه. وهذا درس لكل شاب اليوم يشعر أن حزنه لا يُفهم، أو أن صمته يُساء تفسيره. لا بأس، طالما أن نيتك واضحة، وحكمتك حاضرة، فسيفهمك من يجب أن يفهم.

ومن جهة أخرى، كان الإمام الحسن (عليه السلام) ذكيًا في إدارة المواقف الاجتماعية، متواضعًا رغم مكانته، وكان يعامل الجميع بحُسن خُلق. كان يُحسن التصرّف حتى مع من أساء إليه. فمرة جاءه رجل شامي سبّه بكلمات نابية، فنظر الإمام إليه وقال بلين: "أظنك غريبًا، فإن كنت جائعًا أشبعناك، وإن كنت فقيرًا أغنيناك، وإن كنت ضالًا هديناك..." فانقلب ذلك الرجل إلى محبّ وموالي. هل يمكننا اليوم أن نتصرّف هكذا ونحن نعيش وسط بيئة من السخرية والجدل والتوتر؟ نعم يمكن، لو جعلنا من الإمام الحسن قدوتنا لا في السرد فقط، بل في التطبيق.

نحن نحتاج إلى الإمام الحسن في مدارسنا، في جامعاتنا، في أعمالنا، في علاقاتنا، لا كاسم مقدّس فقط، بل كمنهج عملي. نحتاج أن نتعلّم كيف نُدير الغضب كما أدار الحسن ثورته بصمت. نحتاج أن نُدرك أن الصلح ليس دائمًا تنازلًا، بل أحيانًا هو قمة القوة. وأن الاعتذار ليس ضعفًا، بل احترام للنفس. وأن الصبر لا يعني الانهزام، بل هو نضج، ونُبل، وثقة بالله.

في زمن الضجيج، يعلّمنا الإمام الحسن كيف يكون الصمت رسالة. وفي زمن التسرّع، يُرينا أن التأني نجاة. وفي زمن السقوط الأخلاقي، يرفعنا بقيم التسامح والرفق والعقلانية. شباب اليوم لا ينقصهم الحماس، لكنهم بحاجة إلى الوعي، ولا تنقصهم المشاعر، لكنهم بحاجة إلى من يعلّمهم كيف يوظفونها لصالحهم، لا ضدهم.

الإمام الحسن ليس ذكرى نمرّ عليها في مناسبات محدودة، بل هو ضوء يجب أن يرافق كل شاب وهو يواجه تحديات الحياة. هو إمام الهدوء الواعي، والقرار الصعب، والنفس الواسعة. فطوبى لمن جعل الحسن مرآته، يتأمل فيها كلما ضاقت عليه الدنيا، وكلما ظن أن كتمان الألم ضعف، أو أن حسن التصرّف لا يصنع الفرق.

الامام الحسن
الشباب
التاريخ
الوعي
القدوة
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    الأخطاء اللغوية في الاعلانات التجارية تهدد سلامة اللغة العربية

    النشر : الخميس 19 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأربعينية.. حشد مهيب وسفينة تنتظر الإبحار

    النشر : الأثنين 19 ايلول 2022
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    انقلبتم على أعقابكم

    النشر : الخميس 15 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    من درر أنيس النفوس: من لزمنا لزمناه

    النشر : السبت 17 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    هل تعلم أنَّ عثرات الفشل توصلك إلى النجاح؟

    النشر : الأثنين 11 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    فوائد تجارب الفشل: اسأل مجرب ولا تسأل حكيم

    النشر : السبت 10 حزيران 2023
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 541 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 478 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 414 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 368 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 357 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 334 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1194 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1160 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1097 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1083 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1064 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 12 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 13 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 13 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 13 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة