كنت أمرّ بمرحلة صعبة في حياتي. توالت عليّ خيبات الأمل، وضاق صدري من هموم متراكمة، وكل ما كنت أبحث عنه هو شيء يربطني من جديد بنفسي، بالله، وبالحياة. سمعت كثيرًا عن زيارة عاشوراء، لكنني لم أكن أتوقع أن يكون لها هذا التأثير العميق.
في البداية، قرأتها بدافع الفضول. كنت جالسًا وحدي في غرفتي، وفتحت كتاب مفاتيح الجنان. بدأت أقرأ الكلمات… ببطء، وبحذر. “السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك…” ولم أصل إلى السطر الثالث حتى بدأت دموعي تنزل دون إذن.
لم أفهم لماذا. الكلمات كانت قوية، لكنها ليست جديدة عليّ، لقد سمعتها من قبل. لكن هذه المرة، كانت مختلفة.
زيارة عاشوراء.. ليست مجرد زيارة
ما لم أكن أعلمه هو أن زيارة عاشوراء ليست طقسًا روحيًا فقط، بل ثورة داخل القلب.
في كل “لعن” و”سلام”، كنت أشعر أنني أخلع عن قلبي شيئًا من الخوف، من التردد، من الظلمة.
كنت ألعن قتلة الحسين، لكنني في داخلي كنت ألعن كل ما يشبههم في حياتي: الظلم، الجبن، الرياء، التعلق بالدنيا.
وفي كل “سلام”، كنت أعانق النور. سلام على الحسين.. سلام على القيم التي دافع عنها، على الدماء التي سُفكت لأجل الحق.
التحول الحقيقي: من قراءة إلى حياة
استمريت على قراءة زيارة عاشوراء يوميًا، ولم تكن تمرّ ثلاثة أيام حتى بدأت أشعر أن شيئًا تغير في روحي.
صلاتي أصبحت أكثر حضورًا.
علاقتي بأهلي وأصدقائي أصبحت أكثر صدقًا.
بدأت أتحرر من حاجتي لإرضاء الآخرين.
صرت أفكر: لو كان الحسين مكاني، ماذا كان سيفعل؟
وكانت هذه الجملة وحدها كفيلة بأن تغيّر قراراتي.
زيارة عاشوراء علمتني الشجاعة… لا، زرعت الشجاعة بداخلي.
البركات التي لم أكن أتوقعها
بعد المواظبة على قراءة زيارة عاشوراء، لاحظت شيئًا غريبًا:
كلما قرأتها بنيّة خالصة، تيسّرت أمور كنت أظنها مستحيلة.
أبواب فُتحت فجأة، راحة نفسية لم أذقها من قبل، وأهم من كل ذلك: كنت أشعر بقوة داخليّة لا توصف.
ليست قصة بل بداية
لن أقول إن حياتي صارت مثالية، ولكن بعد زيارة عاشوراء، صارت روحي أقوى، وعيني أبصر، وقلبي أوعى.
من كان يظن أن بضع صفحات يمكن أن تُشعل ثورة في داخلك؟
لكنها ليست مجرد صفحات… إنها نداء من كربلاء، وإذا استجبت له، فلن تعود كما كنت أبدًا.
اضافةتعليق
التعليقات