في ظل انفتاح المجتمعات، وتغير بعض العادات، ظهرت ظاهرة مقلقة بين بعض النساء، حيث يُعامل ابن العم أو ابن الخال أو حتى أخ الزوج كأنه "أخ"، فيُتساهل في مسألة الحشمة أمامهم. هذا السلوك، وإن كان نابعاً من حسن نية أو جهل بالأحكام الشرعية، إلا أنه يخالف نصوص القرآن والسنة، ويعرّض المرأة للفتنة، ويهدد استقرار الأسرة والمجتمع.
لقد وضع الله سبحانه وتعالى حدوداً واضحة لحماية الأسرة وصيانة المجتمع، فقال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ...﴾ [النور: 31]. ومن الواضح أن الآية اقتصرت على المحارم الحقيقيين، ولم تذكر ابن العم أو ابن الخال أو أخ الزوج، ما يعني وجوب الاحتشام أمامهم كما أمام أي رجل أجنبي.
التساهل في هذه المسألة لا يقتصر أثره على الفرد فقط، بل يمتد إلى المجتمع بأسره. فغياب الحشمة والاختلاط بلا ضوابط قد يؤدي إلى تعلق القلوب وفتن اجتماعية، ويخلّ بعلاقات الأسرة، كما تؤكد أمثلة التاريخ والواقع.
النظر إلى بعض الأقارب على أنهم "إخوة" مجرد عادة اجتماعية، ولا أساس لها في الشرع. الأحكام الشرعية قائمة على النصوص، لا على العرف وحده، وقد شدد العلماء على أن العادة إذا تعارضت مع نصوص الوحي فلا اعتبار لها.
التزام المرأة بالحشمة لا يعني الانعزال أو قطيعة الرحم، بل يمكنها التواصل مع أقاربها ضمن حدود الشرع، بالكلمة الطيبة، واللباس المحتشم، والمجالس العائلية المنضبطة، دون تجاوز أو تعدّّ على أوامر الله، محافظة بذلك على كرامتها، ونيل رضا الله أولاً، ثم احترام من حولها.
اليوم، ثمة حاجة ماسة إلى خطاب توعوي صريح يذكّر الجميع بأن صيانة الحشمة واجب شرعي لا تقبل المجاملة أو التهاون. التدين الحق ليس مجرد شعائر ظاهرية، بل التزام عملي شامل بكل تفاصيل الحياة، خصوصاً ما يتعلق بالستر والعفاف وحماية القلوب من الفتن.
إن التعامل مع بعض الأقارب غير المحارم كالإخوة والتساهل في مسألة الحشمة أمامهم عادة مخالفة للشرع، وعلى الأسر أن تعمل على تصحيح هذا المفهوم المغلوط، حفاظاً على الأعراض وصوناً للمجتمع من الانحراف والفتن المتفاقمة.
اضافةتعليق
التعليقات