فاطمة، اسم هزَّ المشاعرَ واخترق الحجبَ حتى وصل إلى قلب أوروبا، يحمل نداء الحق والنجاة، وتحديداً في البرتغال، إذ أُطلق على إحدى مدنها اسم «فاطمة».
كان ذلك عام 1916 ميلادي، بحسب ما نقلته الروايات، حيث كان ثلاثةُ أطفالٍ بينهم فتاةٌ يلعبون في بلدةٍ نائية وسط البرتغال، تقع في الجزء الغربي لشبه الجزيرة الإيبيرية غرب إسبانيا، وبينما كانوا كذلك إذا بملاكٍ يظهر أمامهم وهو يردد جملةً يطلب بها الرحمةَ والاستغفار.
وبعد هذه الجملة اختفى الملاك، ليعود بعدها مرةً في فصل الصيف وأخرى في فصل الخريف. روى الأطفال قصتهم إلى أهل قريتهم وذويهم بأن الملاك يطلب منهم تقديم الأضاحي والاستغفار من أجل المذنبين والخطاة، وأن يدعوا لأجلهم حتى يستقيموا. وقد بدا واضحاً أن هذا الظهور الثلاثي للملاك كان تحضيراً لرؤية الأطفال الثلاثة للسيدة صاحبة التسبيح وابنة رسول الإسلام فاطمة (عليها السلام).
معجزة الشمس
لطالما ينقل لنا المؤرخون والكتب السماوية – ومن بينها القرآن الكريم – قصص المعاجز التي خصَّ الله بها عباده الصالحين والمرسلين والأنبياء؛ فلا نستبعد معجزة الشمس التي ظهرت منذ آلاف السنين في دولة البرتغال لسيدة تجلَّت في قرص الشمس تدعو إلى التسبيح والاستغفار، ليُبنى لها مزارٌ خاص ومدينةٌ تحمل اسمها.
(بشرى حياة) التقت الشيخ عقيل الحمداني ليحدثنا عن مدينة فاطمة وعن سر تسميتها بهذا الاسم المبارك، واستهل حديثه قائلاً:
ما ذُكر عن معجزة الشمس هو روايةٌ أخذت صداها في بلاد البرتغال على الرغم من محاولاتٍ عدةٍ في تزييفها، إلا أن مبنى المزار في تلك القرية وتخليد صور الأطفال وتسمية المدينة على اسم ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان له الوقع الأصدق للرواية كما ذُكر آنفاً.
ففي الثالث عشر من شهر أيار عام 1917 رأى الأطفال مجدداً ضوءاً ونوراً عظيماً فوق شجرة بلوط تحيط بسيدةٍ أشد سطوعاً من الشمس، قالت لهم: «لا تخافوا أنا لا أريد إخافتكم!». فسألوها بوجل: «من أنتِ؟» فأجابت: «أنا فاطمة ابنة الرسول».
سألوها: «ومن أين أتيتِ؟» أجابت: «أتيتُ من الجنة». فقالوا: «وماذا تريدين منا؟» قالت: «لقد حضرتكم لتأتوا إلى هذا المكان مرةً أخرى، وسأقول لكم فيما بعد ماذا أريد». وأخذت السيدة صاحبة التسبيح، بعد هذا الحادث المهيب والمذهل، تظهر للأطفال البرتغاليين مرة كل شهر، وفي اللقاء السادس والأخير جاء سبعون ألف شخص لمشاهدة السيدة المقدسة التي حققت معجزةً أمام أنظارهم.
لتتناول هذه الحادثةَ الصحفُ في البلاد ما دفع الكثيرين للتحقق من رواية الأطفال حتى أصبح ما ذكروه موضع قبول وتصديق.
وتابع الحمداني: كما لاقى الأطفال الثلاثة مصيرهم بعد المعجزة وفق ما ذكرته لهم السيدة فاطمة (عليها السلام) بأن الصبيين سيلتحقان بها قريباً، وستأخذهما إلى الجنة معها، وبالفعل توفي الطفلان بعد سنتين أو ثلاثٍ من الرؤيا بسبب مرضٍ رئوي، فتحول رحيلهما المبكر إلى رسوخ الإيمان بالواقعة والظهور، وإثباتاً لأقوال هؤلاء الأطفال الذين أكدت عوائلهم أنهم لم يتصفوا بالكذب في حياتهم، أما الفتاة فدخلت سلك الرهبنة وكرست نفسها لهذه الرؤيا.
مزار ديني
وفي عام 1919، قرر الأهالي بناء مزار ديني في قريتهم باسم «فاطمة»، فقام بعض الحاقدين بإحراقه وتفجيره، لكن الأهالي أعادوا إعماره مجدداً. وفي عام 1938 وُضعت أولى لبنات الموقع الحجرية، وفي عام 1940 منح أسقف إيبيريا رخصته لإنشاء المزار المطهر لسيدتنا فاطمة (عليها السلام) بعدما سبقته الكنيسة بذلك.
وفي عام 1952 أقيمت مراسم خاصة وتوجت هذه الخطوة بتبني المزار رسمياً من قبل الحكومة البرتغالية، ومنذ ذلك الحين في الثالث عشر من أيار من كل عام يأتي محبو فاطمة (عليها السلام) من أنحاء البرتغال ومناطق الدول المجاورة إلى المنطقة التي سميت بمدينة «فاطمة» لطلب الشفاعة والشفاء والتوبة وتزكية الروح.
وقد كان كل شخص من أتباع هذا المذهب أو ذاك يقوم بمراسم زيارة «فاطمة» بأسلوبه وطريقته الخاصة، فهناك من يأتي مرتجلاً لأداء الزيارة، وآخر ينذر الشموع، فيما تُقام أماسي الدعاء ومجالس الذكر، وتحتل تمتمات وهمهمات التسبيح الجانب الأهم والرواج الأكبر والشهرة الواسعة، وذلك لأن السيدة المقدسة طلبت من الناس يوم ظهورها عليهم أن يقوموا بالتسبيحات قربةً إلى الله في كل يوم.
اضافةتعليق
التعليقات