• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

العلاج المنسي

فاطمة زيني / الخميس 15 آب 2019 / تربية / 1676
شارك الموضوع :

مضى أحد وعشرون يوما على سفر والدي، لبرهة إرتابني تعب غير متوقع وشوقٌ يغزو قلبي سريعاً، كان يمتد بين خلاياه ليعطي صوتاً صامتاً بعيد المدى يُ

لأول من ديسمبر، الساعة الثانية بعد منتصف الليل..

 مضى أحد وعشرون يوما على سفر والدي، لبرهة إرتابني تعب غير متوقع وشوقٌ يغزو قلبي سريعاً، كان يمتد بين خلاياه ليعطي صوتاً صامتاً بعيد المدى يُشعرني بأمس الحاجة لعناق طويل.

أجل سأفعلها.. فور عودتهم سألمهم بعمق حتى يتلامس قلبي مع قلبهم. ولكن! عائلتنا لم تعتد على هذا!، لا أذكر يوما بأن أحد والدي عانقتي بعمق!، هل سيرفضون؟! آملُ أن لا يحدث ذلك، أشعر بحاجتهم.

هناك الكثير من المتاعب في هذا العالم، والتي يسقط القلم خجلا عندها (لبساطة حلولها) ينقصها روح شغوفة وعقول واعية تسعى للنهوض، وعند الحديث عنها تشعر وكأنك تحرق بيديك أعز شيء تمتلكة وكلما ازددتَ نظراً، تألمتَ أكثر.

 نعاني من إستياءنا وابتعادنا عن المقربين لنا بحجة أنهم عديمي الأخلاق ولا يملكون ثقافة حب الآخرين، وبالمقابل لم نحاول بأن نفكر يوماً قد نكون السبب في سوء هذا الفرد (الذي خُلق لغاية سامية). قد تكون سبب سوء أخلاق الإنسان فقط لأنه لم يسمع كلمة تطيبْ مشاعرهُ، كلمة تقول له لا بأس نحن بجانبك ونحن معك.

نؤمن جميعا بأن الإنسان يجب أن يكون ممتلئا ثقة بالله ويشعر بوجوده وجواره في كل وقت وكل لحظة من لحظات حياته ولكن الإنسان بطبيعته عندما يقع في مأزق أو مشكلة فإن عقله يبقى متشبثا بما ينقصه لا بما يملكه.

فالجميع يرغب بتلقي كلمة جميلة وعناق طويل يسد ثغرات روحه التي تثقبت بمتاعب الدنيا (وإن استصغرها المقابل لأنه لم يعشها، كمن عاش ألما ما أو قام بتجربة أشعرتهُ بأنه ينقصه الكثير وأهمها العاطفة ممن حوله).

العاطفة أشبة بالغذاء لا تغذي الروح فحسب وإنما تغذي الجسد والعقل أيضا، الإتصال النظري للطفل يعزز حبه لوالديه والتواصل الجسدي "العناق" يعزز ذلك أيضا. التواصل الجسدي بين الأم والرضيع والذي يليه التواصل البصري يخلق حباً قابلا للتجدد بين الأم وطفلها وهذا يعزز تقربهُ منها واللجوء لها عند وقوعه في أي مأزق في المستقبل.

السنوات الثلاث أو الأربع الأولى هي الفترة التي يتكون فيها حوالي ثلثي حجم مخ الطفل وهو بأمس الحاجة حينها ليتزود بالحنان والعاطفة التي تقوي من أساسه الصلب.

فنحن (أطفالنا خصوصاً) نحتاج العناق كحاجتنا للغذاء، نحتاج كحد أقل جرعتين منه يوميا لنتزود بالطاقة المتجددة، فهو يغذي أرواحنا بالإضافة إلى أهميته والتي أُثبتت علمياً فعند العناق يطلق الدماغ هرمون الـ "الأوكسيتوسين"، الذي يلعب دورا مهما في تنظيم مزاج الإنسان (لذا يسمى أيضا بهرمون السعادة أو هورمون العناق). بالإضافة إلى الأهمية العلمية للعناق التي تعزز الجهاز المناعي للفرد، العناق يشعرك أكثر سعادة وأكثرا تفاؤلا وأكثر حبا للآخرين.

وكذلك له فوائد جَمّة لعلاج القلق ويعزز من إحترام الإنسان لذاته، تقول فيرجينيا ساتير، عالمة النفس الشهيرة: «نحن نحتاج يوميًا لأربعة أحضانٍ لنعيش، ولثمانية لنعالج أنفسنا، ولإثني عشر لننمو ونتطوّر».

العالم الخارجي جميل ومغري وعند خروج الطفل من أسرته وهو ضعيف القاعدة ولم يشاهد الجمال ذاته في أسرته سيشعره ذلك بالألم وهذا الألم قد يؤدي إلى ماهو مُحرم.

يكاد مجتمعنا يخلو من ثقافة العناق وبالأخص عناق الأبوين لأبنائهم وهذا يولد ثغرة كبيرة لا تندمل، فتؤدي بهذا الطفل لتسول الحنان ممن حوله ويلجأ إلى أي من يشعره بعاطفةِ ولو كانت كاذبة ليوقعه في نهاية المطاف بفخٍ عميق نحتاج لسنين كي نخرجهُ منه، ولهذا نرى الإنحراف والعلاقات المُحرمة بين شبابنا لأننا لم نزودهم لما هم بحاجته من الحب والعاطفة والعناق.

ثقافة العناق التي نفتقر لها ليست سوءا أخلاقيا وليست من الصفات المنبوذة التي يرفضها ديننا الإسلامي بالعكس تماما نرى في أحاديث أئمتنا وساداتنا الحث على العناق والحب والرحمة فهذا ليس غريبا عن دين وجد لمصلحة الفرد فنرى أن أدعيتنا وزياراتنا لا تخلو من الحث على العطف والرحمة والمغفرة، وكذلك ما تحملة آيات القرآن العظيم من رحمة ومغفرة بين سطورها.

ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (من تمام التحية للمقيم المصافحة، وتمام التسليم على المسافر المعانقة). فهذا دليل على أن ديننا لا ينظر للعناق على أنه مفسدة، بل يعطي أهمية لتزويد المسافر الذي أبعد عن والديه وأقاربه أو زوجتهِ وأبناءه بأن نزوده بما فقده في فترة الفراق عنهم من عاطفة.

ويحق لنا أن نذكر عطف ورحمة الله علينا حين قال في كتابه: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، فرحمة وكرم كبير من الله عز وجل بأن يجيزنا بحسناتنا أضعافا ويعاقبنا بسيئاتنا ذاتها.

فحب الآخرين واحترامهم والحرص على أن يتزودوا بحناننا وعاطفتنا التي خُلقنا منها ليس بغريب عن ديننا، أزواجنا وزوجاتنا، اخواننا واخواتنا، أبنائنا وبناتنا وحتى أقربائنا وأصدقائنا لهم الحق علينا بأن نعطيهم عناق يشعرهم بالأمان.

قيل أن فلسفة الحياة تقضي بأن تبدأ حياتنا ببكائنا وتنتهي بالبكاء علينا، لأن الإنسان خلق من عواطف وهذه العوطف هي التي تقوده لمعاملة الناس بمشاعره فنراه يبكي أحيانا ويضحك في أخرى فلا بد من أن ننظر لهذه المشاعر والعواطف بعين الإعتبار، ولو شغل الأم والأب هذه الثغرات في نفوس أطفالهم لن يكونوا بحاجة لأن يبحثوا فيما بعد لمن يمدهم بالعاطفة والحنان لأنهم سيجدوا دوما بأن والديهم قاموا بالفعل بذلك مسبقا وعلى طيلة فترات تربيتهم.

بإمكاننا أن نختَلق العديد من العلاجات التي بدورها تمد يد العون لمن حولنا وتعزز من حبهم لأنفسهم ليسعوا بالاندماج والإنتاج. والسؤال الجميل؛ لماذا لا يكتب الأطباء في وصفات الدواء "يحتاج المريض إلى عناق"؟!

عدم الإهتمام بك من قبل من كنتَ تهواهم في طفولتك ليست نهاية العالم، أنت تستطيع أن تخلق الجمال لمن حولك وتزوده لأبنائك، لا تخلق منهم أُناساً يتسولون الحب من هنا وهناك، فقد قيل (إن من يظل أسير الماضي لن يوقف الزمن ولكن سيوقف نفسه).

ويقول أحد الكتاب ما يشفي الغليل: (العناق ليس ترفاً وإنما ضرورة. نحتاج إليه لنعيش ونبقى على قيد الحياة ونثمر، إنه يروينا كما يفعل الماء مع الشجر لو انقطع مات).

الانسان
صحة نفسية
الاسرة
العاطفة
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟

    وعي العباءة الزينبية ٢

    الامام الحسين.. صياغة ربّانية

    آخر القراءات

    كيف تقضي على البعوض بطرق طبيعية؟

    النشر : الخميس 02 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    أنا الذي سمتني أمي حيدرة

    النشر : الأحد 09 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    على ضفاف الفرات

    النشر : الثلاثاء 06 آب 2024
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    مبادئ أساسيّة تضمن السعادة الزوجيّة

    النشر : الأحد 14 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    ثوب علي!

    النشر : الخميس 15 حزيران 2017
    اخر قراءة : منذ 24 ثانية

    لماذا لاتطالب المرأة بحقوقها؟

    النشر : الثلاثاء 24 نيسان 2018
    اخر قراءة : منذ 25 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 571 مشاهدات

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    • 498 مشاهدات

    النساء أكثر عرضة للزهايمر بمرتين... لهذه الأسباب

    • 412 مشاهدات

    صراع الروح وتجلّي الحق

    • 391 مشاهدات

    نشأة الذكاء الأصطناعي وتطوره

    • 389 مشاهدات

    واقعة الطف معركة عابرة، أم هي قضية حق وإصلاح؟

    • 370 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1288 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 902 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 711 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 685 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 666 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 629 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها
    • منذ 16 ساعة
    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟
    • منذ 16 ساعة
    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة
    • منذ 16 ساعة
    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟
    • منذ 16 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة