• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

المذبح

أمل الموسوي / الأربعاء 22 كانون الأول 2021 / حقوق / 2836
شارك الموضوع :

لم أكُن ْواهمة ًعندَما التقطت ُخيالاً مُغادِراً في أواخر ِتلك الليلة ِالظلماء، إذ كانت الساحات تَضُج ُّ بأنين ٍ مُوَحَد

هذا الوخز في قَلبي بات أكثر عُمقاً وإيلاماً، إنه ُشَرَك ٌمن مسامير صدِئة كُلما شَهقت لِألتقط  نفَساً تنغَرِز أكثر في القلب ِفيشتد ُّ الوجَع.

لم أكُن ْواهمة ًعندَما التقطت ُخيالاً مُغادِراً في أواخر ِتلك الليلة ِالظلماء، إذ كانت ِالساحات تَضُج ُّ بأنين ٍ مُوَحَد ٍ تَضرعَت ْ فيه ِ للخلاص، هي ذات الليلة ِالتي عاد َفي أوائِلِها مُهروِلاً والموت ُ مُمسك ٌبأطراف ِقميصه ِيحاوِل ُأن يَستَل روحَه ُمن خاصرته ِ بسكين ٍغادِر، لكنه ُ أفلَت بضربة ِحَظ، إذ طالما كان الموت يخطِئه، وهو يضحك مستهزئا من أولئك الذين َ يتوعدون وغيرَ قادرين، يلفُهُم ُالعجز دائماً،

: - لأن الله َ معنا.

هكذا يختم ُ قولَه ُ، إلا إن هذه المرة كانت مختلفة ، فلم يستطع ْ ابو محمد ٍ بائع ُ القهوة ِ المتجول ُ أن يعينَه ُ على الإفلات ِ بعد َ أن غادر َ الساحة ِ عائداً للبيت ِ، فكانت السكين ُ تنبت ُ في خاصرتِه ِ بعد َ أن أخطأَت ْ موضِع َ قلبِه ِ لكنه ُ لم يسقط ْ، كما النخلة ُ لن تسقط َ إن ْحاولوا قطع َ قلبِها - جُمّاراً - يبيعونه على الأرصفة ِفتبقى واقفة ًبشموخ ٍشاهدة على جريمة القتل، هو لم يسقط ْ أيضاً.

التفّت ْحولَه ُنِسوة ٌعابرات لَفَفْنَه ُبعباءاتِهن ّ كأسرار ِالعفة ِوالطُهر ِحتى وصل كَطرد ٍ مُقدس أفلَت َمن جهنم.

هي صور لذات المعنى والحال، متكررة متعددة من ساحة الحبوبي إلى التربية إلى التحرير، نسغ واحد، وذات اللوعة تحركُ الجميع.

وصوله كان إشعاراً لصفحة جديدة، لقرار تم تأجيله ألف مرة للسبب ذاته.

: - نحن أبناء البلد ونحن المتجذرون في طينه منذ الأزل.

لا خلاف على ذلك، في القلب تلتقي كل الجذور لتستمد الحياة والوجود.

هذه المرة رأيت دمعة ً ويأساً، لم يعطله الجرح عن اتصالات سريعة أجراها عبر الهاتف، لم يلتفت إلى غمامة الخوف والحزن التي احتوتني، حيرة وخليط من مشاعر متناقضة، لقد حزم أمره، ولا مجال للحوار بعد الآن، فقد رأيت في عينيه نظرة والدي ذاتها عندما تم الاستيلاء على بستانه بتزوير أوراق بغطاء قانوني، ورأى كيف يُنحَر النخيل ُويُقتَل، تتساقط النخلات الواحدة تلو الأخرى، يُسمَع صراخُها واستغاثتها لتتحول الأرض إلى مشروع استثماري للحاج أبي توفيق

كان يتألم مع عجزه، فخر ّمتهاوياً ومودِّعاً على أرضه المستباحة، لذا لم أعترض ولم أتدخل.

كنت أراقب كذبيح ٍعاجز أمام هذه الحالة التي تأبى الوصول إلى نهاية ما، أياً كانت فقط ينتهي الأمر ويتوقف الوجع، نهاية حتى لو كانت كحقنة مخدرة، سيان عندنا فقد وصل الحال إلى الاصطدام بجدار العجز واليأس.

سألته وأنا عاجزة عن الجلوس والهدوء

: - والآن؟

رفع رأسه نحوي، بدت عيناه كَبركتين لماء ساخن وَخَزني حريقُهما المشتعل فلذْت ُبالصمت.

بعد أن دقق مجموعة أوراقه وحزمها بمحفظته أجابني

: - سأرتب أمري وأتصل بك، كان لابد أن أهاجر منذ زمن فقد كان التأجيل بلا معنى هكذا ستكون الأمور، وإلا فإن الكواتم تعمل بصمت تحت جنح الليل، وخسارة أن يلتقطنا الجبناء واحداً تلو الآخر.

أخذ نفساً موجوعاً ويده تضغط على الجرح بألم وبدا صوته مختنقاً بعبرة بكاء مكتوم، وأردف قائلاً،

: - الأمور متأزمة ولن يستسلموا بعد أن ذاقوا طعم المال والسلطة سيحرقون البلد بأبنائه، فقد أختل ميزان القوى، الخوف والمال أخرس الجبناء، عرفوا جيداً من أين تؤكل الكتف، فأكلوا الأخضر واليابس بعد أن ساد الجهل والفقر، حبيبتي - لا تخافي ستكون الأمور بخير، إذ لابد من إعادة ترتيب الأوراق.

كنت أسمعه ولا أسمع، أنظر إليه ولا أراه، كأني أدور وسط ضباب بارد مع خدر وذهول، والعجز أصاب تفكيري وإحساسي، طلبت منه التريث متوسلة أن ينتظر حتى الصباح لمناقشة الحال مع باقي العائلة لإيجاد حل مناسب، باغتني وارتحل خلسة خوفاً من عجزه أمام ضعفي ووحدتي، بعد أن هومت عيناي بإغفاءة قصيرة رغماً عني كان قد غادر المنزل دون وداع.

كتمت السر كجمرة وسط رماد القلب بانتظار اتصال يعيد جذوة الحياة إلى هذا اليباس وعطش الروح.

أجوب شوارع مدينة تحتضر، وملامح المارة المريب تزيد من توجسي من أحداث قادمة،

استوقفني منظر طفل على تقاطع رئيسي، قد وضع مجموعة قناني من البنزين ليبيعها لأصحاب الدراجات النارية والتكاتك، قد ربط سلكاً كهربائياً مهملاً بين عمودين يشكلان قاعدة كبيرة للوحة اعلانات احتوت مجموعة من صور الشهداء، صنع منها أرجوحة يلهو بها غير عابئ بالسيارات وضجيجها، وكأنه يعيش حالة حلم لدفء عائلة وبيت آمن.

تأملت بعمق كامرأة تتوق إلى ملء حضنها بطفل تناغيه وتلاعبه كما الأمهات في حكايا (الدللو يلولد يبني).

أكملت طريقي مع صور اجتاحت مخيلتي، كان هناك على الرصيف الآخر بناية من القرميد الأحمر وباب خشبي موارب يعلوه قوس كبير ويرتفع فوقه صليب حزين، تسمرت عيناي على الباب وكأنه يناديني من بعيد، يهمس لي، مع نغم لتراتيل قديمة، كنت أسمع خلالها صهيل خيل بعيد وصليل سيوف،

: - أكاد أجزم أني رأيت وميضها يتخلل الغبار، ولا زال الهمس يغريني، انجذبت نحو الباب، اجتزت ممراً قصيراً يفضي إلى قاعة كبيرة كانت جميع الكراسي فارغة. وهناك في المقدمة رجل بملابس سوداء يحاول ايقاد شمعة تحت قدمي تمثال العذراء مريم، وهناك على المذبح نذور وأماني وورد أحمر. هيبة المكان وقدسيته استحوذت على كياني، لا زال الهمس يتصاعد في أذني والتراتيل تتعالى إنها روح عيسى ومريم الصليب يقطر دماً، أوقدت شمعة أخذت مكانها على المذبح مع نذور الأمهات، والأخوات، والعاشقات.

تكاثرت الشموع، وتعالت التراتيل تحمل دعوات قلوب حرى على المذبح الكبير.

الانسان
العراق
الحروب
قصة
الحزن
المسيح
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    مع تجهيزات المدرسة.. جيوب فارغة وقلوب منكسرة

    النشر : السبت 01 تشرين الاول 2016
    اخر قراءة : منذ ثانية

    بين دموع الثكالى ودماء الشهداء.. تمتزج فرحة العيد بالانتصار

    النشر : الأحد 03 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    المرأة وصياغة القرار السياسي في الانتخابات

    النشر : الأحد 06 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    التوافه المعدمة تصنع طلاقاً

    النشر : الأحد 30 حزيران 2019
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    نحو حياة متوازنة

    النشر : الأربعاء 02 تشرين الاول 2024
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى‏.. جَوابٌ قُرْآنِي

    النشر : الأربعاء 11 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 370 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 363 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 337 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 335 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3455 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1086 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1012 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 996 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 8 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 8 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 8 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة