• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وأقسى من غربة المهجر ان تكون غريبا في وطنك

مروة خالد / الأثنين 29 آيار 2017 / منوعات / 3787
شارك الموضوع :

كانت ذاكرته تعزف بلحن بطيء على مسرح الالم حين راحت تستجوبه عن ماضي رحل وترك ندوبا على القلب وآثار الألم على قسمات الوجه وبدّل شعر الرأس الى ا

كانت ذاكرته تعزف بلحن بطيء على مسرح الالم حين راحت تستجوبه عن ماضي رحل وترك ندوبا على القلب وآثار الألم على قسمات الوجه وبدّل شعر الرأس الى ابيض، لماذا غادرت ارض الوطن ياجدي وتركتنا نولد هنا في هذه البلاد النائية؟

 كان قد هاج به الحنين فأطرق واحداث عمر مضى تتسابق امام عينيه، من اين يبدأ ليجيب على سؤال حطم حواجز حدودية واخرى زمانية وقرب المسافات ليجد نفسه شابا لتوه بلغ العشرين من عمره يحمل حقيبة على ظهره فيها القليل من الملابس والكثير من الألم، يغادر ارض الوطن حيث لا رجعة..

 وقبل ان يجيب على سؤالها رفع رأسه  ليوصيها برجاء؛ إن انا قضيت نحبي ياحبيبتي فأرسلوا بجثماني الى هناك ليدفن جسدي بين والداي في مقبرة العائلة، فإن تحملت العيش هنا في بلد غريب في الحياة فلا استطيع ان اكون بين الاغراب وانا في قبري ووحشتي.

 اعادت السؤال بصيغة اخرى عله يجيب، مالذي اجبرك على العيش بين الاغراب مدى اربعين عاما من حياتك يا جدي؟

حينها لاحت في عينه تلك اللمعة التي تنبئ عن هطول الدمع الغزير وراح يروي سبب هجرته منذ اكثر من اربعين عاما..

كانت حياتنا بائسة مليئة بالمتاعب وكان ابي يعمل فلاحا في بستان احد الملاكين لجلب لقمة العيش لستة بنات وولد وحيد وزوجة، على الرغم من فقر والدي الا انه متدين لايمد يدا للحرام مكتفيا بالقليل من الرزق، يتمتع بنفس راضية قانعة، يسعى لكسب رزقه بعرق الجبين وكف اليمين لم تشرق عليه الشمس وهو نائم في فراش ولم يعود الى البيت الا بعد غروبها.

 كان ابي يرى فيه  الامل الذي سيرتاح من عناء الايام على يديه، ولأني كنت اصغر من جميع اخواتي فقد شهدت زواج ثلاثة منهن في تلك الفترة حيث تزوجن في عمر مبكر لما لنا من السمعة الطيبة بين الناس، وفي ليلة لم تكن بحسابات القدر ذاته اقتادوا والدي رجال الأمن الذين يحملون الاسم ولا يتمتعون بالصفة الى السجن بتهمة لايعرفها احد ودون محاكمة زجوا به في سجن لانعلم اين هو ومنعنا من زيارته..

 ورغم ان الجميع يعلمون بنزاهة والدي ومدى امانته وايمانه الا انهم راحوا يصدقون مايقال هنا وهناك من اشاعات فلم تكتفِ القوات الظالمة بسجن والدي فحسب لا بل صادروا منزلنا الذي كان كل مانملك، وبعد فترة عامين مات والدي في السجن تحت التعذيب..

 ولم يحضر جنازته احد ورحت انا الذي كنت ابلغ من العمر خمسة عشر عاما ووالدتي المرأة الكبيرة او تلك التي كبرت عمرا كاملا بعد تهمة والدي ودخوله السجن وموته مظلوما فقيرا لاستلام جثمانه، لتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه اخيرا ليرتاح مما رأى من انوع الالم الذي كان باديا على جسده وهو مسجى على دكة المغتسل.

وبعد فترة الحداد على والدي راحت والدتي  تبحث عن عمل لتأمّن لنا لقمة العيش بعد ان صرنا نسكن بكوخ في بستان احد اقربائنا، وحتى تقنعني بإكمال دراستي راحت هي تعمل شتى الاعمال منها البيع في السوق ومنها العمل في البيوت ومنها العمل في ايام الحصاد كأجيرة تحت حرارة الشمس ولم افلح بإقناعها بتركي الدراسة والعمل بدلا عنها.

 ومن حسن الحظ ان اخواتي تزوجن بعد مضي عام على وفاة ابي حيث تقدم لخطبتهن شبان من كبار العوائل فخفّ الحمل عن والدتي بعض الشيء بعد ان اعتادت الناس ظلم ازلام البعث واتهامهم الناس بتهم لاواقع لها واعتقالهم خلاصة الناس الخيرين بتهمة ارتيادهم المساجد.

 عاد الجميع لمعاملته الحسنة الينا،وظلت تلك الارملة المسكينة تعمل حتى انهكها المرض بفعل الهم ولم تمضِ الكثير من الايام الا ولزمت والدتي الفراش ولم تستطع النهوض منه، كن اخواتي يتكفلن بأعمال البيت ومداراة والدتي بالمناوبة وانا تكفلت العمل بالاضافة الى الدراسة دون علم والدتي لتأمين الدواء والطعام ومصروف الدراسة ولم يستغرق مرض امي كثيرا حتى نامت نومتها النهائية الى جانب قبر ذاك الفلاح المظلوم وتركوني اقاسي مرارة الحياة من بعدهم.

شعرت باليتم والحزن الشديد الذي لم اشعر به حين وفاة والدي فكانت امي خير عوض عنه ولأني كنت اشعر بالحقد على ظالمي والدي اكثر من شعوري بالحزن على رحيله في حينها.

وتركت الدراسة في تلك السنة التي رحلت بها والدتي رغم انها كانت في اخرها ورحت اعمل واصرف اكثر ساعات ايامي في العمل..

في معزل عن العالم، منطويا على نفسي لا افكر سوى بالأنتقام، اوفر المال لشراء بندقية اقتنص بها ذاك الذي يسكن في نفس قريتنا ويأكل من خيراتها ويكتب التقارير على ابنائها لزجهم بالسجون يعذبون، هو من كان سبب فضيحتنا، وموت والدي مظلوما في السجن، وهو سبب وحدتي بعد رحيل تلك التي ماتت بحسرتها على زوجها.

هكذا كنت لا افكر الا بالانتقام، الى ان اهداني القدر هدفا جديدا بعد ان عاد ابن احد الجيران من بلاد المهجر بإجازة لزيارة اهله وعرض علي ان ارافقه في غربته بعد ان اصبحنا صديقين فقد كان هو ايضا يعاني من الوحدة، وحين احتسبت نقودي وجدتها تكفي لايصالي الى تلك البلاد..

ولما قاله من توفر العمل في تلك الدولة زاد حماسي، ورحت اودع اخواتي واحدة تلو الاخرى، على امل عودة قريبة، لم يعارضن هجرتي رغم انني سندهن في الحياة كما كن يقلن خصوصا وهن يعلمن ماكنت انوي فعله، فلم تفلح اي واحدة منهن بإقناعي عن الاقلاع حتى عن التفكير بالأمر، ودعتهن وعيونهن ملأى بالدموع.

 ومن بين احضان ستة من الاخوات الحانيات اسلمت نفسي لأحضان الغربة التي كانت تقتلني وجعا على رحيل والداي وفراق بلدتهم دون الاخذ بثأرهم، ومنذ ذاك الوقت لم اعد لوطني فقد اخذت على نفسي عهدا ان لا اعود الا وانا جسد دون روح مادمت لم اخذ بثأرهم.

الوطن
الغربة
الهجرة
الظلم
قصة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    المرأة من نعيم الإسلام الى جحيم الغرب!

    النشر : الأثنين 16 تشرين الاول 2017
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    من الظلام إلى السما

    النشر : الأثنين 09 آب 2021
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش: من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟

    النشر : الأحد 15 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    أنا المسؤول

    النشر : الأثنين 02 تموز 2018
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    قراءة في كتاب: إحياء عاشوراء

    النشر : الأحد 06 تشرين الثاني 2016
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الأمومة السامة وكيف تدمر نفسية أبنائها

    النشر : السبت 11 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 537 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 413 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 368 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 352 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1097 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1081 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1063 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 9 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 9 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 9 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 9 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة