• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

ضجيج الأمل

زينب الاسدي / الأحد 13 آب 2017 / منوعات / 2683
شارك الموضوع :

تنحنحت أوراق العنب بأول مغازلة من نسیم الصباح وراحت تترنح لتسمح بتراقص النور المنبعث من أولی شعاعات الشمس، یجتاز احتیالاتها الملیحة. استی

 

تنحنحت أوراق العنب بأول مغازلة من نسیم الصباح وراحت تترنح لتسمح بتراقص النور المنبعث من أولی شعاعات الشمس، یجتاز احتیالاتها الملیحة.

 

استیقظ جمیل مبكراً كعادته ورفع ستائر الغرفة المنسدلة من أعلی السقف وصولاً لأسفل نافذة ال pvc الحدیثة التي غیرها مؤخراً، بدت شفافیة الزجاج فیها مضاعفة، یحیطها إطار أبیض بملمس ناعم كبیض الحمام.

 

راقت لي فكرة تغییر دیكور المنزل التي اقترحها جمیل .

كانت غرفتي متوسطة في اتساعها تشغلها منضدة من الخشب البني، مرصوفة في الجانب الأیمن، یقابلها تماماً السریر الذي تحدوه من الجانبین طبلتان؛ یشغل احداهما مصباح من النوع الفاخر، مقبب من الأعلی ومثبت فوق أسطوانة خزفیة مزینة بنقوش لنباتات وحیوانات فلكلوریة ملتویة بانسیابات غریبة وملونة بألوان فاقعة حیناً وباهتة حیناً آخر؛ أهداني إیاه زوجي في عید الحب المنصرم .

كنت أخالفه في بعض اعتقاداته إلا أنه یمازحني باقتناء هدیة في كل مرة متحججاً بقوله: طبع الكرام قبول الهدایا وقد قال الرسول {ص}: تهادوا تحابوا .

 

أومأت في المرآة المنتصبة أمامي كضابط یؤدي التحیة .

لم أتفاجأ أبداً، فقد نظرت في هذا الوجه طیلة ثلاثین عاماً من السنین المتعاقبة بحلوها ومرها ولا اعتقد أن الآتي سیختلف كثیراً عما مضی .

 

عملت موظفة في دور رعایة المسنین وقد قضیت في مهنتي أكثر من سبعة أعوام، رأیت فیها العجاب .

لم أنس یوماً أم سالم المقعدة التي جاء بها ابنها في یوم خریفي ماطر، وقد خالطت أنفاسه النتنة؛ الرائحة الزكیة المنبعثة من رذاذ المطر في الباحة وهو یقول: سوف أدفع لكم كل ما تطلبون إلا أنني ضقت ذرعاً من تحمل هذه الكتلة المریضة.  

سوف لن أنسی أبداً ابتسامة الحاجة أم جاسم ووجنتها اللامعة بإشراقتها المفعمة بالحب والحنان في كل یوم وأنا ألقي علیها تحیة الصباح.

فقدت الأخری ابنتیها في حادث سیر ولم یبق لها أحد في مواجهة أنیاب الدنیا ومخالبها.

 

في لحظة صمت صعقت بخاطر اقتحمني وهامَ بي في تیه سحیق؟!

لماذا نتعب في هذه الحیاة الملونة القاسیة الممتلئة بأحراش الشوك؟!

هل یا تری أولینا الأمور اهتماماً بالغاً أم قصرنا في أدائها ورحنا نتأرجح بین الإفراط والتفریط من غیر درایة؟!

أترانا اهتممنا بالمهم فضیعنا الأهم؟!

بالنسبة لي وأنا أم لماذا علي أن أفنی لیربی ولداي إن كان الدهر سیأخذهما مني في لحظة قدر مشؤوم؟!

ما أدراني ألم يحدث هذا مع أم جاسم؟

 

ألم یرم الزمان بأم سالم في حجر المأوی الحزینة بعد أن قضت كل عمرها في رعایة ولد لم یستحق سهرة لیلة واحدة من لیالیها اللیلاء؛ في جوف صحاري البرد وقیظ الحر؟!

 

انتشلني من بحر أفكاري المتلاطمة صوت جلبة العمال في الطابق الأرضي، وقد راحوا یتباحثون حول جودة الأصباغ الحدیثة وصنوفها اللامتناهیة .

 

بدت خطوات جمیل تقترب أكثر فأكثر، وهو یصعد الأدراج متوجهاً ناحیة الغرفة، فتح الباب وهو یرمي بابتسامة ملأت شدقیه واستفاضت في وجهه، قال بحماس:

ها أنت حبیبتي لقد استیقظت أخیراً. ما رأیك باللون الأبیض لغرفة الجلوس؛ ألیس جمیلاً؟

 

بالطبع إنه رائع، یمكن أن نضیف علیه بعض اللمسات في الزوایا والأعمدة، وتزیینه ببعض الأحجار والاقتراحات الحدیثة لمتخصصي الدیكورات، لم لا نستشیر أحد الاختصاصیین في هذا المجال؟

 

أجاب بإیماءة مغریة: إنها فكرة لا بأس بها .

 

رأیت في عینیه دافعاً وعنفواناً ووهجاً أضاء كل دهالیزي المظلمة .

الحیاة هي هي، بتموجاتها العرجاء حیناً وسكونها الصافي حیناً آخر، ولا سبیل سوی التخبط فیها والتزود من طیفها المتلون بذكاء وحنكة .

 

قد تبدو بعض التفاصیل تافهة كنمو أوراق جدیدة في السندانة، أو ملاحظة فراشة أضاعت الطریق فدخلت المنزل لتحط علی اللوحة الفنیة التي تربعت في منتصف الجدار لتكسر غطرسته وجموده؛ إلا أنها كالنَفَس الذي یذهب ویجئ علی عجالة دون تریث لیبعث الحیاة حاثاً القلب علی الصخب والإنتفاضة .

 

یسیر القطار وتستمر المسیرة شئنا أم أبینا، یزهر الیاسمین وتصطخب الرمال وتموج البحار وتفوح الورود بعطرها ویصرخ الأطفال ویلعبون ویرسمون ویقفزون كالغزلان  لیدوسوابأقدامهم أساطیر الفناء والموت... ولا بد للغیث أن یهطل وإن طال الأمد.

 

الحياة
الانسان
الأمل
الحزن
قصة
الانسانية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الأربعين: مسيرة تدعو للتجديد والتأمل في القيم الروحية

    في قلب كل خيبة… ميلاد جديد

    غياب الحقائق التاريخية في هدنة الإمام الحسن

    طبيبة تشرح ما يجب أن يعرفه الناس عن "كوكتيل الكورتيزول" المتداول عبر "تيك توك"

    من سعى للآخرة لا يلتفت إلى الدنيا: سيدة الصبر إنموذجًا

    خمس طرق للتعامل مع القلق

    آخر القراءات

    لايكفي أن تصل القمة

    النشر : الأربعاء 21 آذار 2018
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    برمجة العادات عند الإنسان

    النشر : الأثنين 13 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    مانح السعادة!

    النشر : الأثنين 19 آذار 2018
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    ماهي مرحلة القدرات الكامنة؟

    النشر : الثلاثاء 28 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ 19 ثانية

    لا للمضادات الحيوية.. 7 طرق للتغلب على التهاب الحلق

    النشر : الأربعاء 30 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    الشهداء أولاً: اللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيايَ مَحْيا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمَماتِي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

    النشر : الثلاثاء 06 آب 2024
    اخر قراءة : منذ 26 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1098 مشاهدات

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    • 778 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 681 مشاهدات

    الخاسرون في اختبار الولاية

    • 553 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 411 مشاهدات

    وعي العباءة الزينبية ٣

    • 368 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1188 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1098 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1073 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1001 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 982 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 857 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الأربعين: مسيرة تدعو للتجديد والتأمل في القيم الروحية
    • منذ 13 ساعة
    في قلب كل خيبة… ميلاد جديد
    • منذ 13 ساعة
    غياب الحقائق التاريخية في هدنة الإمام الحسن
    • منذ 13 ساعة
    طبيبة تشرح ما يجب أن يعرفه الناس عن "كوكتيل الكورتيزول" المتداول عبر "تيك توك"
    • منذ 13 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة