بقلوب يملؤها الحزن والأسى نستذكر في السابع من شهر صفر ذكرى استشهاد سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
وهو الإمام الذي ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء مقدّمًا مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية ومُختارًا الصلح حقنًا لدماء المسلمين وتفاديًا لحرب أهلية كانت ستفتك بالجميع.
صلح من أجل الأمة:
لقد كان قرار الإمام الحسن بالصلح مع معاوية قرارًا استراتيجيًا حكيمًا اتخذه رغم ما فيه من مرارة وتنازلات ظاهرية.
فقد رأى الإمام أن الأمة في ذلك الوقت كانت تعاني من الوهن والانقسام وأن دخولها في حرب مع جيش معاوية سيزيد الطين بلة ويُسهم في إضعاف شوكة الإسلام أمام أعدائه.
فآثر الإمام السلام على الحرب والصبر على الثورة مُقدمًا بذلك نموذجًا فريدًا للقائد الذي يرى بعين الحكمة والتبصر ولا تحركه العواطف أو الرغبة في السلطة.
غدر وخيانة:
لم تمضِ فترة طويلة على الصلح حتى بدأ معاوية في تنفيذ خططه الخبيثة للتخلص من الإمام الحسن (عليه السلام).
فقام بتحريض زوجة الإمام جعدة بنت الأشعث على دسّ السم له. وقد تم ذلك على مراحل حيث سُقِي الإمام السم مرارًا حتى تقطّعت أحشاؤه من شدة الألم وظل صابرًا محتسبًا مؤمنًا بقضاء الله وقدره.
شهادة ومأساة:
في السابع من صفر فاضت روح الإمام الطاهرة إلى بارئها ليُفجع العالم الإسلامي باستشهاد سبط نبيه.
وقد كانت وصية الإمام لأخيه الحسين (عليه السلام) أن يُدفن إلى جوار جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، ولكن هذا الطلب قوبل بالرفض والمنع من قِبَل أتباع معاوية فكانت تلك المأساة التي تُضاف إلى مآسيه (عليه السلام) حيث دُفن في البقيع ليبقى قبره شاهدًا على مظلوميته.
نصائح مستلهمة من حياة الإمام الحسن للشباب:
إن حياة الإمام الحسن (عليه السلام) مليئة بالدروس والعبر التي يجب على الشباب أن يقتدوا بها في حياتهم ومنها:
* الحكمة والتروي: لم يتسرع الإمام في اتخاذ قرار الحرب بل فكر في عواقب الأمور، واختار ما فيه مصلحة الأمة. عليك أيها الشاب أن تتعلم التروي في اتخاذ قراراتك وأن تفكر في النتائج على المدى البعيد سواء في دراستك أو عملك أو علاقاتك.
* التضحية من أجل المبادئ: رغم أن الصلح كان مؤلمًا للإمام إلا أنه قدم مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية. كن مستعدًا للتضحية من أجل مبادئك وقيمك ولا تدع مغريات الحياة تلهيك عن تحقيق أهدافك السامية.
* الصبر والثبات: تحمل الإمام الحسن (عليه السلام) الألم والمصائب بصبر وثبات ولم ييأس أو يضعف. واجه التحديات التي تواجهك في حياتك بصبر وثبات واعلم أن كل محنة تمر بها هي فرصة لتنمو وتتعلم.
* الزهد في الدنيا: كان الإمام الحسن (عليه السلام) زاهدًا في متاع الدنيا ولم تكن السلطة أو المال هدفًا له. ركز على بناء شخصيتك وتطوير مهاراتك ولا تجعل جمع المال هو همك الوحيد، فالسعادة الحقيقية تكمن في العطاء والعمل الصالح.
اضافةتعليق
التعليقات