مشهد مهيب حيث تجتمع الشابات الجامعيات وهن يرتدين العباءة الزينبية اعلاناً منهن على حفظ هذا الإرث العزيز، سرعان ما ينقلب من مشهد يسر الناظرين إلى موقف لا يسر القلب، تنتشر صور البعض منهن على مواقع التواصل وما أن تزور حسابها الخاص حتى تجده مليء بالصور والمنشورات البعيدة عن مضمون هذا الحجاب الزينبي!.
العباءة ليست زينة بل التزام
هي كتلك المرأة التي تملك المجوهرات في خزانتها، هي عادة ما تخبئها للمناسبات الكبيرة، فما إن تُدعى إلى إحداها حتى تسارع بإخراجها لتتزين بها أمام الجموع الحاضرة، وما أن تنتهي -أي تلك المناسبة- حتى تقوم بإعادة زينتها إلى حيث كانت، وهكذا تفعل بعض شاباتنا الجامعيات فهي ترتدي العباءة في المحافل الدينية في العتبات، والخاصة بحفلات التخرج لتتزين بها هناك، ثم توثقها لتنشر صورها بارتدائها مفتخرة، وما أن تعود من هناك حتى تعيدها إلى خزانتها!! والبعض تتعامل هكذا مع العباءة حتى في الزيارات العامة التي تقوم بها للمشاهد المشرفة.
أمثال هذه النسوة لم يستوعبن أن العباءة ليست زينة ولا خزينة بل التزام، فكما أن الزينة يمكن أن يُستغنى عنها ويمكن أن تستبدل بغيرها، هكذا يُصبح التعامل مع العباءة عندما تكون زينة لا التزام واعي بما تحمله من قيم، وما تعكسه من تكريم لوجود المرأة بين غير المحارم والغرباء.
العباءة ليست تراث بل إرث
فالعباءة ليست تراث بل إرث، إذ أن هناك فرق بأن تُعطى شيء ويقال لك هذا [تراث] إحتفظ به، وبين أن يقال لك هذا [إرث] حافظ عليه، فتلك القطعة الأثرية أنت غير مضطر لاستخدامها او إظهارها إلا في مناسبات معينة أو عندما تسأل عنها، لكن ما ترثه أنت مسؤول عن الحفاظ عليه من الاندثار بالاستخدام، ومن الضياع بالاستعمال، ومن التلف بالانتفاع منه، والأهم إن الإرث سنسأل عنه.
ليس كل من ترتدي العباءة تمدح
ومن أهم الأسباب التي أوصلتنا لهذا التعامل مع العباءة هو المبالغة في مدح صاحبة العباءة والثناء عليها، بطريقة مفرغة من الوعي الحقيقي، بمعنى لم يحصل تأهيل كافي لفهم قيمة هذا النوع من الحجاب وشروطه وما على المرتدية له من التزامات وأخلاقيات، فتجد إنها تمدح فقط لأنها تضع عباءة على رأسها، دون التدقيق فيما وراء ذلك من سيرة وسلوك.
ذات العباءة من الجيل الجديد وثغرة نفسية
الخطورة أن يكون هذا الجيل ممن يتعامل مع لبس العباءة على أنه تحدي للمجتمع سواء المجتمع بشكل عام أو المجتمع الجامعي بشكل خاص، فتجد الفتاة ترتدي العباءة لتثبت إنها شجاعة أمام كلام المجتمع ورفضهِ للعباءة -بالمعنى السلبي- كتلك المتهتكة وغير المحتشمة التي لا تخجل من لبس ما لا يليق فقط لأنها تريد أن تقول أنها حرة ولا أحد يجبرها على شيء معين من اللباس، فهي ليس بالضرورة لا تحب العفاف بل هي رافضة لأعراف المجتمع المتدين فتقابله بجرأة نابعة من تحدي لما يتم رفضه.
وهكذا بعض اللواتي يرتدين العباءة كزينة في التجمعات الدينية والمناسبات والعتبات، هي تحب العفاف لكنها ترتديه بعنوان الشجاعة ضد المجتمع غير المتدين، فهي متذبذبة لا هي تعي قيمة العباءة فتلتزم بها وترتديها بشكل دائم، وتعيش بما تتطلبه من قيم وحدود وأخلاقيات، ولا هي منتمية إلى ذلك المجتمع الذي لديه حجاب ولكن بحدود معينة من الستر والاحتشام.
فكما إن السيدة الصديقة الكبرى والصغرى هما فرقان، فهذا الأرث الزينبي فرقان بين مستويين إما الحشمة والوقار وإما التهتك والفرار من الالتزام، ولكن يبقى هناك أمل بوجود نور خفي في قلب كل من تُقبل على ارتداء العباءة الزينبية حتماً سيكبر مع الزمن وتصل إلى أن تعي هذه الحقيقة.
اضافةتعليق
التعليقات