وسط حالة عدم اليقين المحيطة بأهلية الحصول على أحدث لقاح لفيروس كوفيد-19 وإمكانية الوصول إليه، كشفت دراسة جديدة أنّ بخاخ أنف شائع الاستخدام قد يساعد على الوقاية من العدوى.
وخلال تجربة عشوائية مزدوجة التعمية باستخدام علاج وهمي، فُحصت فعالية بخاخ الأنف "أزلاستين" في الوقاية من عدوى "كوفيد-19"، ونُشرت في الدورية الطبية "JAMA Internal Medicine" في 2 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وخلص الباحثون إلى أنّ احتمال الإصابة بـ"كوفيد-19" كان أقل بثلاث مرات تقريبًا في المجموعة التي تلقت "الأزلاستين" مقارنةً بالمجموعة التي تلقت العلاج الوهمي.
فما هو "الأزلاستين"؟ وهل تعني نتائج هذه الدراسة أنه ينبغي علينا البدء بتخزين هذا البخاخ الأنفي؟ ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا من جديد، ما الاحتياطات التي ينبغي أن يتخذها الأشخاص لتقليل فرص الإصابة؟
تجيب على هذه الأسئلة الدكتورة لينا وين، الخبيرة الطبية لدى CNN، وطبيبة الطوارئ وأستاذة مساعدة إكلينيكية في جامعة جورج واشنطن، شغلت سابقًا منصب مفوضة الصحة في بالتيمور.
CNN: ما هو بخاخ الأنف "أزلاستين"، ولماذا تمت الموافقة عليه حاليًا؟
الدكتورة لينا وين: بخاخ الأنف "أزلاستين"، المعروف أيضًا بالاسمين التجاريين "Astelin" و"Astepro"، مضاد للهستامين يُستخدم لتخفيف أعراض الحساسية، ضمنًا انسداد أو سيلان الأنف، والحكة، والعطس. وقد جرت الموافقة على استخدامه لعلاج التهاب الأنف التحسسي الموسمي، والتهاب الأنف التحسسي الدائم.
ويعرف التهاب الأنف التحسسي الموسمي عادةً بـ"حمى القش"، أي أعراض الحساسية التي تظهر في أوقات معينة من السنة، عادةً في الربيع أو الصيف أو الخريف، عندما يكون هناك لقاح نباتي في الهواء ناتج عن الأشجار أو الأعشاب أو الحشائش.
أما التهاب الأنف التحسسي الدائم، فهو يسبب الأعراض على مدار السنة. ويحدث بسبب محفزات موجودة طوال العام، مثل عث الغبار، ووبر الحيوانات الأليفة، والعفن.
وجرت الموافقة على هذا الدواء لأول مرة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في العام 1996، وهو متوفر الآن بصيغته كدواء مكافئ. ويتطلّب وصفة طبية، باستثناء اسم تجاري واحد هو Astepro Allergy، الذي أصبح متاحًا للشراء مباشرة من الصيدليات من دون وصفة طبية.
CNN: لماذا اختبر الباحثون هذا البخاخ الأنفي للوقاية من أمراض الجهاز التنفسي؟
وين: في وقت مبكر من جائحة "كوفيد-19"، بدأ العلماء بدراسة ما إذا كان من الممكن إعادة استخدام أدوية موجودة بالفعل في السوق لمحاربة فيروس كورونا. وقد أظهر الأزلاستين نتائج واعدة في بعض الدراسات المخبرية.
وقد وجدت إحدى الدراسات أن "الأزلاستين" يمكن أن يرتبط بمستقبِل يستخدمه فيروس كورونا لدخول الخلايا البشرية. وأشار تقرير آخر إلى أن هذا المضاد للهستامين يُقلّل من مستويات الفيروس في أنسجة الأنف. كما وجدت دراسة ثالثة أن هذا الدواء قد يكون له تأثير مضاد للفيروسات بشكل أوسع ضد فيروسات تنفسية أخرى، بما في ذلك فيروس الإنفلونزا.
وبما أن هذا البخاخ الأنفي متوفر على نطاق واسع، أراد الباحثون اختباره على مشاركين في بيئة علمية صارمة لمعرفة ما إذا كان "الأزلاستين" قادرًا بالفعل على تقليل عدوى فيروس كورونا. وإذا ثبت ذلك، فقد يشكّل هذا الدواء وسيلة غير مكلفة لتعزيز الحماية.
CNN: كيف أُجريت هذه الدراسة الجديدة، وماذا أظهرت؟
وين: كانت هذه الدراسة تجربة سريرية من المرحلة الثانية، عشوائية مزدوجة التعمية ومضبوطة باستخدام دواء وهمي، شملت 450 متطوعًا بالغًا يتمتعون بصحة جيدة في ألمانيا، حيث تلقى جميع المشاركين (99.1%) تقريبًا جرعة واحدة على الأقل من لقاح "كوفيد-19".
وتم تقسيم المشاركين عشوائيًا على مجموعتين، في المجموعة الأولى، استخدم بخاخ الأنف "أزلاستين" في كل فتحة أنف ثلاث مرات يوميًا لمدة تبلغ 56 يومًا. أما المجموعة الثانية، فقد استخدمت بخاخًا وهميًا. وقد خضع المشاركون لاختبار "كوفيد-19" مرتين أسبوعيًا باستخدام اختبار المستضد السريع.
وقام الباحثون بتأكيد النتائج الإيجابية من خلال اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) في المختبر. أما المرضى الذين ثبتت إصابتهم بـ"كوفيد-19"، فاستمروا بإجراء اختبار المستضد السريع يوميًا حتى حصلوا على نتيجة سلبية، ما مكن الباحثين من قياس مدة استمرار العدوى. كما راقب الفريق البحثي إصابة المشاركين بفيروسات تنفسية أخرى، مثل فيروسات كورونا الموسمية، وفيروس الإنفلونزا، والفيروس الأنفي.
ووجد الباحثون أن معدل الإصابة بـ"كوفيد-19" كان أقل بشكل ملحوظ في المجموعة التي تلقت الأزلاستين مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي. وفي المجموعة الأولى، ثبتت إصابة 5 من أصل 227 مشاركًا (2.2%)، مقابل 15 من أصل 223 مشاركًا (6.7%) في المجموعة الثانية.
وكانت مدة الإصابة (أي عدد الأيام التي ظهرت فيها نتيجة إيجابية) أقصر في المجموعة التي تلقت "الأزلاستين"، بمتوسط 3.40 أيام، مقارنة بـ 5.14 أيام في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي.
اللافت أن المجموعة التي تلقت "الأزلاستين" كانت أقل عرضة أيضًا للإصابة بفيروسات تنفسية أخرى. حيث بلغ عدد المصابين بأي من الفيروسات التي تم اختبارها 19 من أصل 227 مشاركًا (8.4%) في المجموعة التي تلقت "الأزلاستين"، مقابل 42 من أصل 223 (18.8%) في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي. وأبلغ المشاركون في المجموعة التي تلقت "الأزلاستين" عن متوسط 1.73 يومًا من المرض، مقارنة بـ 2.75 يومًا لدى أولئك في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي.
CNN: هل على الناس البدء باستخدام "الأزلاستين" للوقاية من العدوى الآن؟
وين: رغم أنّ النتائج واعدة، يجب الأخذ بالاعتبار أن الدراسة كانت صغيرة نسبيًا. لم توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدام "الأزلاستين" للوقاية من "كوفيد-19" أو أي عدوى أخرى. وبالتأكيد، لا أشجع الناس على استخدام هذا البخاخ كبديل عن وسائل الوقاية الأخرى، مثل التطعيم وارتداء الكمامة.
CNN: ما الاحتياطات التي على الأشخاص اعتمادها مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا؟
وين: إذا كان بإمكانك الحصول على اللقاح المحدث لـ"كوفيد-19"، فعليك أن تفعل ذلك. وإذا كنت من الفئات الأكثر عرضة للإصابة الشديدة، فحاول تجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة. وإذا كان عليك التواجد في مثل هذه الأماكن، ففكر بارتداء كمامة من نوع N95 أو ما يعادلها.
وأخيرًا، أي شخص يعاني من أعراض تنفسية يجب أن يبقى في المنزل لتقليل احتمالية نقل العدوى، ليس فقط لفيروس كورونا، بل أيضًا للفيروسات التنفسية الأخرى. حسب cnn عربية
اضافةتعليق
التعليقات