• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

موت البنفسج

مروة حسن الجبوري / الأثنين 23 كانون الثاني 2017 / منوعات / 4156
شارك الموضوع :

تراخت أجزاء جسد امي، وكأنها خُدرت من الوجع، لم تنطق بحرف، اسبلت جفنيها الذابلة من الدموع، تتسارع نبضات قلبها، يظن من حولها انها تصارع الموت

تراخت أجزاء جسد امي، وكأنها خُدرت من الوجع، لم تنطق بحرف، اسبلت جفنيها الذابلة من الدموع، تتسارع نبضات قلبها، يظن من حولها انها تصارع الموت، لكنها في الحقيقة تصارع الحياة، نسائم الهواء تداعب شالها الأبيض، برودة اطرافها وسكينة الاجواء من حولها كمقبرة، الهدوء مخيف هنا، كنت اتمناه ان يكون بعيدا عن هذه الردهة، بينما تمر على أذني أصوات الممرضات وهم يقتربون من جسد امي، يغيرون ثيابها يجهزون الادوات، بينما تغمض امي عينيها وتسلم جسدها، كما يسلم الليل سواده، امي ماذا يفعلون افيقي من نومتكّ، لا تتركيني بيدهم، امي بدأوا يقتربون مني بأدواتهم الحادة، انا من قاتلتِ الجميع من اجله، انسيتي انني كنت زهرة في حياتك، تبتسمين عندما اتحرك، تعانق روحك السعادة كطوق حمامة، تحضنيني وانا قطعة صغيرة والان تتركيني!.

احست امي بوجع غريب، احتضنتني بقوة علمت انهم يفرقون بيننا، صرخت أمي مرعوبة، بينما كنت انا أتقطع قطعا قطعا، فتمسك يدي بقطعة من احشاء امي، لخوفي ان تصل الة حادة لي، من فعلها يا امي؟ إنها تبكي كثيراً لا اظن انها تبكي من الوجع بل لفقدي، لأنها بذلت الكثير من المال لكوني في رحمها، في منتصف ذلك الوجع بقيت اخر قطعة تربطني بأمي هي المشيمة، وبين كل تلك الصراعات، لازلت أسمع تأوه أمي مشدوهاً، بني لا تمت اتوسل بك يا الله، لم أحتمل تعذيبهم يا امي فانا قطعة صغيرة وايديهم كانت جافة تحصد ثمار عمرك بلحظة واحدة.

 يا ليتهم علموا ان الزرع لم يثمر بعد ليقطفوه، لا شيء يهدّئ روع امي الآن سوى  تلك الجرعة التي تخدر جسدها فيبقى قلبها يعاني الم الفراق بصمت رهيب، أمي إنني أختنق، تقذفني الحياة نحو سلة النفايات، هكذا هي تقتلنا قبل ان ندخل في عالمها؟ ما يؤلمني هو ان تفيق امي ولا تجدني في رحمها، ماذا تفعل بعدما قدمت كل هذا، الفزع والرعب يثار من حولها، لا احد يجرأ ان يخبرها ان قلبي توقف عن النبض، وانهم اجهضوني، دموعهم تنطق عن لسانهم، جعلت يدها على وجعها وغصت في البكاء.

 ما أعلمه أن صوت أمي كان ناعيا، يا إلهي ان امي عاجزة امام هذا البلاء، انا غائب ولن اعود لتنسى قليلا، كل شيء يأتي في  الوقت المناسب الا الحزن كل الاوقات حاضر مع امي، حتى في الفرح سرعان ما يأتي ويفسد كل شيء، كيف ستعيش امي بعدي، هل تنظر الى الاطفال وتتفقد ملامحي، هل تشتري ما كانت تفكر فيه من العربة والسرير المزخرف والملابس المطرزة بالعبارات (حبيب الماما، صباح الخير يا عمري) ماذا تفعل بصوري وانا في احشائها، كانت تعلق امنياتها في تاريخ ولادتي وتحذف الايام سريعا، تسافر مع احلامها في غيمة ألم الولادة، تحلم كثيرا ان اكون معها، كنت في قلبها امنية وفي صوتها دعاء، تختار لي الاسم والكنى وكيف سأكون اسمر اللون كأبي، اشقر، لا يهم عندها، لأنها تثق انني جميل، كجمالها، تحدثني عن معاناتها وماذا عملت بها سنين العجاف، كانت تنتظرني بكل الطرق، وعندما اكتمل الحلم افاقت، انتهى يا امي حلم العمر ومات جنينك قبل ان يولد، مع الليل المعتم سافرت نحو السماء ومعي دعواتك، وانت ِتتوسلين طفلي انت لم تمت اليس كذلك، انت معي، ستخرج من احشائي، وتمسك يدي، اشعر بنعومة جسدك، واقبل الانامل الصغيرة، فتغفى على نبضات قلبي، واناغي لتنام هادئا مطمئنا.

حدثت ربي عنكِ، حدثته عن كمية العلاج، حدثته عن اشياء ما كنت لأبوح بها لاحد غيره واخبرني سيعوضكِ بجنين اخر، لا تحزني يا امي، كنت بينكم زهرة اينعت بعد جفاف عودها، حلماً اراد ان يكتمل ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، تركت جرحاً نازفا في فؤاد امي، كم حزنت كم بكيت كم أحيت الليالي بدموع تحرق وجنتيها، كم مرت بلحظات خيبة امل، كم سمعت تلك الكلمات (عذرا لا يوجد حمل، عفوا التحليل سلبي) كم شعرت باليأس، وتحبس انفاسها حتى تكاد تمزق جفونها، وترسم على وجهها ابتسامات لا تتعدى فاها، لم تشعروا بحالتها، انا الوحيد من شاركت امي كل هذه اللحظات، لم تتركها الا ان سقطت ورقتي وانتهت رحلتي في عالم الاجنة، فطرقت روحي أبواب الرحيل، وقطع جسدي مسافة من السير، تاركا خلفي امي بجميع احزانها، ولا املك غير الدعاء لها؛ ربي لا تذرها فردا وانت خير الوارثين.

الأم
الطفل
الحزن
الموت
الحياة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    ظواهر علم الإمام الصادق

    لماذا تُعد الطاقة الشمسية مصدر الطاقة الأكثر استدامة؟

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    الإمام الصادق والحرية الفكرية

    آخر القراءات

    كيف تعيدين البهجة إلى الحياة الزوجية؟

    النشر : الأربعاء 16 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    دراسة حديثة تحذر النساء من \"أصباغ الشعر\"

    النشر : السبت 21 كانون الأول 2019
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    كيف ارتفعت أسهم ألعاب الفيديو عبر الإنترنت في الصين؟

    النشر : الثلاثاء 09 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    البقع العمياء في دماغك

    النشر : الخميس 07 آيار 2020
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    لا تخف من النقاط السوداء على الموز

    النشر : السبت 13 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    تمهّل.. لاتحكم على الظاهر!

    النشر : السبت 19 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 10 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 511 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 464 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 398 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 348 مشاهدات

    الفن الذي غيّر وجه العالم: كيف تؤثر اللوحة في السياسة؟

    • 344 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 341 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1188 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1148 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1072 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1063 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1051 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 886 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • منذ 21 ساعة
    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟
    • منذ 21 ساعة
    ظواهر علم الإمام الصادق
    • منذ 21 ساعة
    لماذا تُعد الطاقة الشمسية مصدر الطاقة الأكثر استدامة؟
    • منذ 21 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة