• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

موت البنفسج

مروة حسن الجبوري / الأثنين 23 كانون الثاني 2017 / منوعات / 4053
شارك الموضوع :

تراخت أجزاء جسد امي، وكأنها خُدرت من الوجع، لم تنطق بحرف، اسبلت جفنيها الذابلة من الدموع، تتسارع نبضات قلبها، يظن من حولها انها تصارع الموت

تراخت أجزاء جسد امي، وكأنها خُدرت من الوجع، لم تنطق بحرف، اسبلت جفنيها الذابلة من الدموع، تتسارع نبضات قلبها، يظن من حولها انها تصارع الموت، لكنها في الحقيقة تصارع الحياة، نسائم الهواء تداعب شالها الأبيض، برودة اطرافها وسكينة الاجواء من حولها كمقبرة، الهدوء مخيف هنا، كنت اتمناه ان يكون بعيدا عن هذه الردهة، بينما تمر على أذني أصوات الممرضات وهم يقتربون من جسد امي، يغيرون ثيابها يجهزون الادوات، بينما تغمض امي عينيها وتسلم جسدها، كما يسلم الليل سواده، امي ماذا يفعلون افيقي من نومتكّ، لا تتركيني بيدهم، امي بدأوا يقتربون مني بأدواتهم الحادة، انا من قاتلتِ الجميع من اجله، انسيتي انني كنت زهرة في حياتك، تبتسمين عندما اتحرك، تعانق روحك السعادة كطوق حمامة، تحضنيني وانا قطعة صغيرة والان تتركيني!.

احست امي بوجع غريب، احتضنتني بقوة علمت انهم يفرقون بيننا، صرخت أمي مرعوبة، بينما كنت انا أتقطع قطعا قطعا، فتمسك يدي بقطعة من احشاء امي، لخوفي ان تصل الة حادة لي، من فعلها يا امي؟ إنها تبكي كثيراً لا اظن انها تبكي من الوجع بل لفقدي، لأنها بذلت الكثير من المال لكوني في رحمها، في منتصف ذلك الوجع بقيت اخر قطعة تربطني بأمي هي المشيمة، وبين كل تلك الصراعات، لازلت أسمع تأوه أمي مشدوهاً، بني لا تمت اتوسل بك يا الله، لم أحتمل تعذيبهم يا امي فانا قطعة صغيرة وايديهم كانت جافة تحصد ثمار عمرك بلحظة واحدة.

 يا ليتهم علموا ان الزرع لم يثمر بعد ليقطفوه، لا شيء يهدّئ روع امي الآن سوى  تلك الجرعة التي تخدر جسدها فيبقى قلبها يعاني الم الفراق بصمت رهيب، أمي إنني أختنق، تقذفني الحياة نحو سلة النفايات، هكذا هي تقتلنا قبل ان ندخل في عالمها؟ ما يؤلمني هو ان تفيق امي ولا تجدني في رحمها، ماذا تفعل بعدما قدمت كل هذا، الفزع والرعب يثار من حولها، لا احد يجرأ ان يخبرها ان قلبي توقف عن النبض، وانهم اجهضوني، دموعهم تنطق عن لسانهم، جعلت يدها على وجعها وغصت في البكاء.

 ما أعلمه أن صوت أمي كان ناعيا، يا إلهي ان امي عاجزة امام هذا البلاء، انا غائب ولن اعود لتنسى قليلا، كل شيء يأتي في  الوقت المناسب الا الحزن كل الاوقات حاضر مع امي، حتى في الفرح سرعان ما يأتي ويفسد كل شيء، كيف ستعيش امي بعدي، هل تنظر الى الاطفال وتتفقد ملامحي، هل تشتري ما كانت تفكر فيه من العربة والسرير المزخرف والملابس المطرزة بالعبارات (حبيب الماما، صباح الخير يا عمري) ماذا تفعل بصوري وانا في احشائها، كانت تعلق امنياتها في تاريخ ولادتي وتحذف الايام سريعا، تسافر مع احلامها في غيمة ألم الولادة، تحلم كثيرا ان اكون معها، كنت في قلبها امنية وفي صوتها دعاء، تختار لي الاسم والكنى وكيف سأكون اسمر اللون كأبي، اشقر، لا يهم عندها، لأنها تثق انني جميل، كجمالها، تحدثني عن معاناتها وماذا عملت بها سنين العجاف، كانت تنتظرني بكل الطرق، وعندما اكتمل الحلم افاقت، انتهى يا امي حلم العمر ومات جنينك قبل ان يولد، مع الليل المعتم سافرت نحو السماء ومعي دعواتك، وانت ِتتوسلين طفلي انت لم تمت اليس كذلك، انت معي، ستخرج من احشائي، وتمسك يدي، اشعر بنعومة جسدك، واقبل الانامل الصغيرة، فتغفى على نبضات قلبي، واناغي لتنام هادئا مطمئنا.

حدثت ربي عنكِ، حدثته عن كمية العلاج، حدثته عن اشياء ما كنت لأبوح بها لاحد غيره واخبرني سيعوضكِ بجنين اخر، لا تحزني يا امي، كنت بينكم زهرة اينعت بعد جفاف عودها، حلماً اراد ان يكتمل ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، تركت جرحاً نازفا في فؤاد امي، كم حزنت كم بكيت كم أحيت الليالي بدموع تحرق وجنتيها، كم مرت بلحظات خيبة امل، كم سمعت تلك الكلمات (عذرا لا يوجد حمل، عفوا التحليل سلبي) كم شعرت باليأس، وتحبس انفاسها حتى تكاد تمزق جفونها، وترسم على وجهها ابتسامات لا تتعدى فاها، لم تشعروا بحالتها، انا الوحيد من شاركت امي كل هذه اللحظات، لم تتركها الا ان سقطت ورقتي وانتهت رحلتي في عالم الاجنة، فطرقت روحي أبواب الرحيل، وقطع جسدي مسافة من السير، تاركا خلفي امي بجميع احزانها، ولا املك غير الدعاء لها؛ ربي لا تذرها فردا وانت خير الوارثين.

الأم
الطفل
الحزن
الموت
الحياة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟

    وعي العباءة الزينبية ٢

    الامام الحسين.. صياغة ربّانية

    آخر القراءات

    الاقتصاد السياحي في العراق.. بين الاندثار والحاجة

    النشر : الأربعاء 23 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ ثانية

    استطلاع رأي: هل أنتِ مع زواج الأقارب؟

    النشر : الأحد 25 تشرين الثاني 2018
    اخر قراءة : منذ ثانية

    نساء مكافحات

    النشر : الأحد 03 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    قُصصٌ وَ فُرَصٌ ١١: آيتان وإشارتان تربويتان لكل رسالي

    النشر : الأحد 08 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    ‏ماهو داء غريفز؟

    النشر : السبت 22 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    أين تجد نفسك بعد عشرين عاما؟

    النشر : الأثنين 04 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 31 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 571 مشاهدات

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    • 498 مشاهدات

    النساء أكثر عرضة للزهايمر بمرتين... لهذه الأسباب

    • 412 مشاهدات

    صراع الروح وتجلّي الحق

    • 391 مشاهدات

    نشأة الذكاء الأصطناعي وتطوره

    • 389 مشاهدات

    واقعة الطف معركة عابرة، أم هي قضية حق وإصلاح؟

    • 370 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1288 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 902 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 711 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 685 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 666 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 629 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها
    • منذ 16 ساعة
    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟
    • منذ 16 ساعة
    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة
    • منذ 16 ساعة
    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟
    • منذ 16 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة