• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

يقظة قلب

بشرى حياة / منذ 10 ساعة / ثقافة / 221
شارك الموضوع :

عبد الله، المال لا يصنع مستقبلًا، لكنه قد يضيّعه. حين تفضله على العلم، تخسر الاثنين معًا

بقلم: مريم مهدي

في حيٍّ يعجُّ بصخب الحياة اليومية، حيث يلهو الأطفال في الشارع، وتصدح أصوات الباعة المتجولين في الأفق، كان عبد الله يركض عائدًا من المدرسة، يلهث من فرط السرعة، حتى وصل إلى الباب. ألقى السلام بعجالة، ثم اندفع إلى غرفته وأغلق الباب خلفه.

لكن، قبل أن يحكم إغلاقه، سمع الطرقات الهادئة المعهودة. طرقات أخته مريم، التي كانت دائمًا ملاذه الآمن، لكنها اليوم حملت إيقاعًا مختلفًا.

عبد الله (بصوت متوتر): “ادخلي”

دخلت مريم، أختُه الكبرى، وهي تكتف يديها، تتفحّص ملابسه المتّسخة كأنها تقرأ في ثناياها قصة هروبه المتكرر.

مريم (بهدوء حازم): “ملابسك متسخة مجددًا، يا ولد! أهربت من المدرسة لتعمل مع ذلك الرجل؟”

عبد الله (مندهشًا، يحاول إخفاء ارتباكه): “كيف عرفتِ؟”

مريم (تجلس على طرف السرير، بنبرة تجمع بين الحنان والحزم): “عبد الله، الامتحانات على الأبواب، وأنت في مرحلة حاسمة. الإعدادية ليست مجرد محطة عابرة، إنها الأساس! إن لم تجتهد الآن، ستضيع منك سنوات ثمينة. لماذا لا تستغل هذه الفرصة لتحجز مكانًا في أفضل الجامعات؟”

عبد الله (بابتسامة ساخرة، يحاول التهرب): “جميل… هل ستُطعمنا الكتب؟”

مريم (بحزن يخفي خلفه خيبة أمل عميقة): “يؤسفني أن أقول هذا… لكنك لا ترى من الحياة سوى المال.”

ثم أغلقت الباب بهدوء، تاركة خلفها صمتًا أثقل من العتاب نفسه.

كان يعلم أنها لن تخبر والده، فقد وعدها بالبقاء في المدرسة والاستعداد للامتحانات. لكنه كان يدرك في قرارة نفسه أن الوعود شيء… والواقع شيء آخر.

مرّت أسابيع قليلة…

كان عبد الله جالسًا في الصف، لكن ذهنه كان غائبًا. عيناه تراقبان عقارب الساعة، كأنها تعد اللحظات المتبقية قبل أن يهرب. ما إن دق الجرس، حتى خرج من الباب الخلفي للمدرسة، يركض عبر الأزقة الضيقة، مبتعدًا عن كل ما يذكره بالدراسة، يهرب من ذلك المصير الذي لطالما سخر منه.

وصل إلى المنزل مبكرًا، وبينما كان يمر عبر الممر المؤدي إلى الصالة، توقف فجأة.

كانت مريم هناك. جالسة على الأريكة، تنظر إليه نظرة أختٍ تعرف ما يدور في عقل أخيها قبل أن ينطق به.

مريم (بهدوء يشوبه التحدي): “عبد الله… أين كنت؟”

شعر عبد الله بثقل السؤال، لكنه حاول كعادته المراوغة.

عبد الله: “ما الغداء؟ أنا جائع!”

مريم (بحزم): “أجب أولًا.”

عبد الله (متنهّدًا بغضب، يكشف عن صراع داخلي عنيف): “أكره المدرسة! لماذا كل هذا التعقيد؟ أستطيع العمل وكسب المال الآن. لماذا أضيع وقتي؟”

تنهدت مريم، ثم رفعت نظرها إليه، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة.

مريم: “عبد الله، والدانا في زيارة لعمي، ولدينا متسعٌ من الوقت للحديث… اجلس.”

عبد الله (مترددًا، يشعر وكأنه أمام محكمة): “ماذا هناك؟”

مريم: “سؤال واحد فقط… من تحب من العترة الطاهرة؟”

عبد الله (بشيء من التردد، لكنه يجيب بصدق): “الإمام علي…”

ابتسمت مريم، وكأنها وجدت الخيط الذي كانت تبحث عنه.

مريم: “عليه السلام، كنت أعلم ذلك. ولهذا أحضرت لك هذا.”

أخرجت دفترًا صغيرًا، بغلاف مزخرف بنقوش بسيطة، ثم فتحته وبدأت تقرأ بصوت خاشع، يلامس شغاف القلب:

 “يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها… والناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع.”

توقفت لحظة، لتتأكد من وقع الكلمات عليه، ثم أكملت:

 “همج رعاع… أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.”

رفع عبد الله نظره إليها، وقد بدأ شيءٌ داخله يتغير.

عبد الله (بصوت منخفض، كأنه يكرر كلمة لم يفهمها من قبل): “همج رعاع؟”

أومأت مريم برأسها، ثم وضعت يدها على كتفه، وكأنها تزرع فيه بذرة أمل:

مريم: “عبد الله، المال لا يصنع مستقبلًا، لكنه قد يضيّعه. حين تفضله على العلم، تخسر الاثنين معًا. الإمام علي قال: ‘العلم خيرٌ من المال؛ العلم يحرسك، وأنت تحرس المال.’”

ثم أشارت إلى الدفتر في يده وأضافت:

“اقرأ كلمات أمير المؤمنين، مرة بعد مرة، وافتح عينيك… قبل أن يفوت الأوان.”

تأمل عبد الله الدفتر، غارقًا في الصمت، وكأن شيئًا داخله قد بدأ يتغيّر.

مرت السنوات…

ها هو عبد الله، في قاعة التخرج، يقف مرتديًا بدلة سوداء وربطة عنق تزيده هيبة، ووشاحًا يزين كتفيه، كأنه فارس انتصر في معركته مع الجهل.

اعتلى المنصة، تتقدمه نظرة واثقة، بينما عائلته تتابعه بفخر، وكأنهم يشهدون قصة نجاح لم يكن لها أن تحدث لولا ذلك اليوم.

عبد الله:

“بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. أما بعد، أختتم كلمتي بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

 ‘من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع.’”

صفّق الجميع بحرارة.

نزل عبد الله من المنصة متجهًا نحو والدَيه، قبّل يديهما عرفانًا، ثم التفت إلى مريم التي كانت تمسك بدفترها الصغير، وعلى وجهها ذات الابتسامة التي رافقته منذ البداية، ابتسامة أخت فخورة بأخيها.

مريم (بفخر): “ها قد أوفيت بوعدك…”

ابتسم عبد الله، وهمس لها وهو ينظر إلى الدفتر الذي غيّر حياته:

“لم أعد ذلك الذي تهيم به الرياح مع كل ناعق… لم أعد همج رعاع.”

الامام علي
عيد الغدير
قصة
العلم
المال
السلوك
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    عطش الغرقى ..

    فيض الغدير

    أطباء القلب يحذرون من عادة صباحية شائعة

    آخر القراءات

    علاقة الطالب مع المدرس...غير ابوية!

    النشر : الأثنين 08 حزيران 2015
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    امتلاء

    النشر : الثلاثاء 19 كانون الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الأفعى السوداء وألوان الطيف!

    النشر : السبت 02 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    وصفة سحرية تتكون من البقوليات

    النشر : الأحد 19 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    هل هناك حلول واقعية تسمو بالتعليم؟

    النشر : الخميس 12 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    ٢٧ نقطة للتعامل مع الشخصية الاضطهادية (الطواغيت الصغار)

    النشر : الأحد 26 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1052 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1024 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 997 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 444 مشاهدات

    خوف من المستقبل: لماذا يطاردنا.. وكيف نواجهه؟

    • 385 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 361 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3879 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3444 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1052 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1024 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 997 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 987 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    يقظة قلب
    • منذ 10 ساعة
    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة
    • منذ 10 ساعة
    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟
    • منذ 10 ساعة
    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان
    • الأحد 15 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة