في زحام الحياة، بين مواعيد العمل، وضغط الدراسة، وتفاصيل الأسرة، ورسائل الهاتف التي لا تنتهي، غالبًا ما نؤجل الأمور التي نظنها “غير عاجلة”، رغم أنها أهم ما في يومنا. من بين كل ما نؤجله، يظل ذِكر الله، واللحظة الصادقة معه، هي الضحية الكبرى.
فنسأل أنفسنا: أين نضع الله في جدولنا اليومي؟
بين الواجب والعادة
لكثير من الناس، يختزل “وجود الله” في يومهم في أداء الصلوات الخمس، وربما أذكار قصيرة بين الفينة والأخرى. وهذا شيء عظيم، لكنه قد يتحول إلى عادة ميكانيكية إذا لم يصاحبه حضور القلب. الإيمان ليس طقسًا نؤديه، بل علاقة نعيشها.
ليس السؤال فقط: هل صليت؟
بل: هل شعرت بالقرب من الله وأنت تصلي؟
هل خرجت من صلاتك أرحم بالناس؟ أصدق؟ أنقى؟
مكان الله في جدولك… هو مكانك عنده
حين نُعطي الله الهامش، نُعطي أرواحنا أقل مما تستحق. الله لا يحتاج إلينا، نحن من نحتاج إليه. ومثلما نرتب لقاءات العمل، ونخصص وقتًا للأصدقاء، يجب أن نسأل: هل خصصت وقتًا لله اليوم؟
ليس فقط لصلاة أو دعاء، بل لحظة تأمل، شكر، تفكّر في نعم لا تُعد، أو حتى صمت تُسلِّم فيه قلبك لله دون كلام.
الدين ليس وقتًا محددًا… بل وعي دائم
أن تضع الله في جدولك لا يعني أن تفصل لحظات “دينية” عن باقي يومك، بل أن تجعل الله حاضرًا في كل لحظة:
في ابتسامتك للناس: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”. في صدقك في العمل: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”. في تجنب الغيبة والنميمة: عبادة صامتة.
في رحمتك بمن حولك، حتى إن لم تتحدث.
عندما يتحول الدين من شيء نفعله إلى شيء نكونه، يصبح جدولنا اليومي أكثر بركة، وقلوبنا أكثر طمأنينة.
كيف نُدرج الله في يومنا عمليًا؟
ابدأ يومك بذكر قصير: حتى لو دقيقة واحدة بعد الاستيقاظ. اجعل لكل صلاة معنى: ركعة بخشوع خير من عشر بغياب قلب. خصص 5 دقائق للتفكر أو قراءة آية ومعناها.
ذكر الله أثناء المهام البسيطة: في الطريق، أثناء العمل، في لحظة تعب. ادعُ الله وكأنه صديق مقرب، ليس فقط في الشدائد.
وجود الله في جدولك لا يعني إضافة موعد… بل إضافة معنى لكل موعد. حين تجعل لله مساحة في قلبك ووقتك، ستندهش كيف يُعيد ترتيب فوضى يومك بهدوء، ويمنحك طاقة للنجاة من ضغط الحياة دون أن تفقد نفسك.
ربما لا نحتاج مزيدًا من الوقت.. بل مزيدًا من الوعي بمن يستحق وقتنا أولًا. فاسأل نفسك من جديد: أين وضعت الله اليوم؟
اضافةتعليق
التعليقات