• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عبّارة الموت ومجس الاختبار

نجاح الجيزاني / الأربعاء 27 آذار 2019 / ثقافة / 2458
شارك الموضوع :

ببراءته المعهودة سأل الطفل معلمته قائلا: هل تشتاقين إلى مكان قديم كنت تسكنين فيه؟ أجابته: نعم بالتأكيد ياعزيزي خصوصا إذا كنتُ أحبُّ المكان.

ببراءته المعهودة سأل الطفل معلمته قائلا: هل تشتاقين إلى مكان قديم كنت تسكنين فيه؟ أجابته: نعم بالتأكيد ياعزيزي خصوصا إذا كنتُ أحبُّ المكان.

فردّ عليها وقد اغرورقت عيناه بالدموع: وأنا أيضا مشتاق لبيتنا في الموصل! فأنا أحبه كثيرا.

فقالت: ولمَ لا تعود أنت وأهلك إليه؟ فأكثر المهجّرين عادوا إلى بيوتهم.

فأجابها: ولمن نعود ياست؟ أبونا قد توفي وبيتنا هدّمه داعش!!

إنه طفل تركماني من بلدي، من أهالي الموصل.. المدينة التي استوطن بها الارهاب، وبنى الموت بها أعشاشه.

وتستمر الحياة رغم قسوتها ومرارتها في الموصل الحدباء، بين سبي وتهجير وداعش بالأمس وبين اهمال وغرق وحوادث تدع الحليم حيرانا.. وما حادث عبّارة الموت هذه الأيام إلا حلقة واحدة في مسلسل الموت المجاني والذي أبتليت به الأمة.

موعد مع الموت لا يمكن تخطئته أو تجاوزه، فقد كان الضحايا يتوافدون على العبّارة بفرح وسرور وهم لا يعلمون ما يخبأه لهم الدهر من نهاية مأساوية في يوم عيد، الجميع مندفع وقد قطعوا تذاكر العبور لعبّارة (الموت) في مكان ترفيهي على سطح جزيرة.. أرادوا أن يعيشوا لحظات الفرح بكل تفاصيلها، بعد أن مرّوا بالنكبات المتتالية على مدينتهم الجميلة، ولكن هيهات.. فالفرح لم يطل عليهم من بوابّاته المألوفة، بل جاءهم الموت مسرعا ليأخذ كل أحلامهم عبر مياه النهر الجاري فيغرقها مع أجسادهم، وتحقق الموعد الذي لابد منه.

وسواء كان الغرقى ضحايا أم شهداء، فالمسميات لا تعنينا كثيرا في بلد يوزع الموت فيه بالمجان، وسواء كانت نتيجة جشع وسوء ادارة وفساد وتقصير أو لم تكن، لكنها تبقى في النهاية فاجعة كبرى بحجم الوطن.

إن حادثة العبّارة في الجزيرة الموصلية هي كارثة بكل المقاييس.. وبالتالي هي مجس اختبار لكل الوطن الذي يصبح ويمسي على ايقاعات الحزن، إنه يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الفساد ليس له وجه واحد بل أوجه متعددة.. وإذا استشرى الفساد في أمة من الأمم فإن لون الحياة فيها يتحول إلى لوحة سوداء قاتمة، لأن الفساد المستشري لا يدع حجرا على حجر، بل إنه سيخلق فوضى عارمة تلف المكان ويتعذر العيش في وطن ينخر الفساد في كل مفاصله. 

لقد عُرف شعب العراق منذ القدم بأنه الأول وفي المقدمة عالمياً في الغيرة والحمية والكرم والشجاعة واغاثة الملهوف ومد جسور التواصل والتعاون..

لكن كل ذلك لن يُخرج عاصمتهم بغداد الحبيبة وأخواتها من المدن الأخرى من ذيل قائمة أسوأ المدن في العالم فسادا ومحسوبيات.

(فالمدينة التي لا يُغرّم فيها من يتجاوز السرعة المحددة بغرامة فورية تُؤدِبه وتثنيه عن الاستخفاف بأرواح الناس، لا تُعد مدينةً بل هي عبارة عن محفل موتٍ مجاني بامتياز).

ونحن  _ أيها الأخوة  _ قبل أن نلعن متعهد العبّارة، ونلقي اللوم والمسؤولية على زيد وعبيد لننظر إلى أنفسنا أولا، فلا نساهم في نشر الفوضى في بلدنا وفي مناطقنا، ونسيء إليها من حيث لا نشعر.. لأننا حينئذ لن نتخيل أولادنا في المستقبل سيعرفون شيئا في قاموسهم اسمه

(النظام).

فلننشر على مواقع التواصل الإجتماعي كل المبادرات الايجابية التي نراها أمامنا، ولنكن المبادرين دوما لنشر كل ما هو جميل ونافع وفي الصالح العام، لكي تسود ثقافة التغيير على المستوى الفردي ومن ثم على المستوى المجتمعي.

ولنعلم جيدا أن سبب مأساة الموصل وغيرها، أكبر من أن يكون جشع متعهد أو تقصير مسؤول هنا أو هناك، بل هي نتاج ثقافة مجتمعية، وما المتعهد والمسؤول إلا نتاج التربية التي تلقيّاها منذ الصغر.. فلنبدأ بانفسنا أولا ولنكن قدوة للاخرين، ولتكن مأساة الموصل مجس اختبار لنا جميعا كأبناء لهذا الوطن الصابر المُمتَحن... وسببا لتغيير كل قواعد البنيان التي بنيناها على أسس خاطئة، فأدت إلى نتائج كارثية مريعة.

العراق
الموت
الوطن
القيم
مفاهيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    في الأزمات الحالية: كيف يتم صناعة الرأي العام؟

    النشر : الخميس 06 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الشباب ومشكلة الثقافة والإنتماء الفكري

    النشر : السبت 06 شباط 2021
    اخر قراءة : منذ ثانية

    المرأة وتأثير بيئة العمل في صحتها النفسية

    النشر : الأربعاء 20 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ ثانية

    شباب واعد لمستقبل زاهر

    النشر : الأربعاء 22 شباط 2017
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    الحيادية.. منطقة آمنة أم حقل ألغام؟

    النشر : الخميس 12 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    معرفة النفس.. طريقك للفيوضات الإلهية

    النشر : الأثنين 05 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1004 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 641 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 619 مشاهدات

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    • 602 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 446 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1072 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1053 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1004 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 973 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 12 ساعة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 12 ساعة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 12 ساعة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 12 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة