• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عبّارة الموت ومجس الاختبار

نجاح الجيزاني / الأربعاء 27 آذار 2019 / ثقافة / 2549
شارك الموضوع :

ببراءته المعهودة سأل الطفل معلمته قائلا: هل تشتاقين إلى مكان قديم كنت تسكنين فيه؟ أجابته: نعم بالتأكيد ياعزيزي خصوصا إذا كنتُ أحبُّ المكان.

ببراءته المعهودة سأل الطفل معلمته قائلا: هل تشتاقين إلى مكان قديم كنت تسكنين فيه؟ أجابته: نعم بالتأكيد ياعزيزي خصوصا إذا كنتُ أحبُّ المكان.

فردّ عليها وقد اغرورقت عيناه بالدموع: وأنا أيضا مشتاق لبيتنا في الموصل! فأنا أحبه كثيرا.

فقالت: ولمَ لا تعود أنت وأهلك إليه؟ فأكثر المهجّرين عادوا إلى بيوتهم.

فأجابها: ولمن نعود ياست؟ أبونا قد توفي وبيتنا هدّمه داعش!!

إنه طفل تركماني من بلدي، من أهالي الموصل.. المدينة التي استوطن بها الارهاب، وبنى الموت بها أعشاشه.

وتستمر الحياة رغم قسوتها ومرارتها في الموصل الحدباء، بين سبي وتهجير وداعش بالأمس وبين اهمال وغرق وحوادث تدع الحليم حيرانا.. وما حادث عبّارة الموت هذه الأيام إلا حلقة واحدة في مسلسل الموت المجاني والذي أبتليت به الأمة.

موعد مع الموت لا يمكن تخطئته أو تجاوزه، فقد كان الضحايا يتوافدون على العبّارة بفرح وسرور وهم لا يعلمون ما يخبأه لهم الدهر من نهاية مأساوية في يوم عيد، الجميع مندفع وقد قطعوا تذاكر العبور لعبّارة (الموت) في مكان ترفيهي على سطح جزيرة.. أرادوا أن يعيشوا لحظات الفرح بكل تفاصيلها، بعد أن مرّوا بالنكبات المتتالية على مدينتهم الجميلة، ولكن هيهات.. فالفرح لم يطل عليهم من بوابّاته المألوفة، بل جاءهم الموت مسرعا ليأخذ كل أحلامهم عبر مياه النهر الجاري فيغرقها مع أجسادهم، وتحقق الموعد الذي لابد منه.

وسواء كان الغرقى ضحايا أم شهداء، فالمسميات لا تعنينا كثيرا في بلد يوزع الموت فيه بالمجان، وسواء كانت نتيجة جشع وسوء ادارة وفساد وتقصير أو لم تكن، لكنها تبقى في النهاية فاجعة كبرى بحجم الوطن.

إن حادثة العبّارة في الجزيرة الموصلية هي كارثة بكل المقاييس.. وبالتالي هي مجس اختبار لكل الوطن الذي يصبح ويمسي على ايقاعات الحزن، إنه يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الفساد ليس له وجه واحد بل أوجه متعددة.. وإذا استشرى الفساد في أمة من الأمم فإن لون الحياة فيها يتحول إلى لوحة سوداء قاتمة، لأن الفساد المستشري لا يدع حجرا على حجر، بل إنه سيخلق فوضى عارمة تلف المكان ويتعذر العيش في وطن ينخر الفساد في كل مفاصله. 

لقد عُرف شعب العراق منذ القدم بأنه الأول وفي المقدمة عالمياً في الغيرة والحمية والكرم والشجاعة واغاثة الملهوف ومد جسور التواصل والتعاون..

لكن كل ذلك لن يُخرج عاصمتهم بغداد الحبيبة وأخواتها من المدن الأخرى من ذيل قائمة أسوأ المدن في العالم فسادا ومحسوبيات.

(فالمدينة التي لا يُغرّم فيها من يتجاوز السرعة المحددة بغرامة فورية تُؤدِبه وتثنيه عن الاستخفاف بأرواح الناس، لا تُعد مدينةً بل هي عبارة عن محفل موتٍ مجاني بامتياز).

ونحن  _ أيها الأخوة  _ قبل أن نلعن متعهد العبّارة، ونلقي اللوم والمسؤولية على زيد وعبيد لننظر إلى أنفسنا أولا، فلا نساهم في نشر الفوضى في بلدنا وفي مناطقنا، ونسيء إليها من حيث لا نشعر.. لأننا حينئذ لن نتخيل أولادنا في المستقبل سيعرفون شيئا في قاموسهم اسمه

(النظام).

فلننشر على مواقع التواصل الإجتماعي كل المبادرات الايجابية التي نراها أمامنا، ولنكن المبادرين دوما لنشر كل ما هو جميل ونافع وفي الصالح العام، لكي تسود ثقافة التغيير على المستوى الفردي ومن ثم على المستوى المجتمعي.

ولنعلم جيدا أن سبب مأساة الموصل وغيرها، أكبر من أن يكون جشع متعهد أو تقصير مسؤول هنا أو هناك، بل هي نتاج ثقافة مجتمعية، وما المتعهد والمسؤول إلا نتاج التربية التي تلقيّاها منذ الصغر.. فلنبدأ بانفسنا أولا ولنكن قدوة للاخرين، ولتكن مأساة الموصل مجس اختبار لنا جميعا كأبناء لهذا الوطن الصابر المُمتَحن... وسببا لتغيير كل قواعد البنيان التي بنيناها على أسس خاطئة، فأدت إلى نتائج كارثية مريعة.

العراق
الموت
الوطن
القيم
مفاهيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    آخر القراءات

    حكاية من بئر يوسف

    النشر : السبت 19 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    أعظم ست أفكار للإبداع والإبتكار

    النشر : الخميس 20 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    الزي الجامعي الموحد.. آراء مختلفة حول مدى فعاليته للطالب الجامعي

    النشر : السبت 21 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    ضحايا الاحتراق الوظيفي: التكلفة العالية للإنجازات العالية

    النشر : الثلاثاء 24 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    التأثيرات النفسية للتخلص من وجه الإعدادية

    النشر : الأحد 21 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    سيلفي مرض العصر

    النشر : الأربعاء 20 نيسان 2016
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 547 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 436 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 418 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 375 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 373 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 338 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1198 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1162 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1104 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1084 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1067 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 667 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة
    • منذ 3 ساعة
    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟
    • منذ 3 ساعة
    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة
    • منذ 3 ساعة
    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر
    • منذ 4 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة