في يوم العاشر من محرّم، دارت ملحمة إنسانية عظيمة على أرض كربلاء، راح ضحيتها خيرة أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله). لم تكن تلك الملحمة شيئًا عابرًا أو حدثًا صار ومضى، بل كان لوقعها أثرٌ غائرٌ على مدار عقود، ما زال أثره راسخًا في الوجدان والذاكرة. ومن بين رموز تلك الملحمة الجبارة، شخصية الحسين بن علي (عليهما السلام)، حيث تولّى زمام تلك المعركة، ليس طمعًا، بل أداءً لرسالة سامية في إرساء القواعد الإسلامية الصحيحة.
رسالة مقدسة
ترى التدريسية أمل ياسين أن الثورة الحسينية تُعدّ من أبرز الثورات على مرّ التاريخ، إذ أصبحت منهجًا يتناول أبرز التضحيات والخطابات التي كانت مؤثرة في عمقها الأدبي والفلسفي، وقد حملت رسالة مقدسة حول النضال من أجل العدل والإنصاف، ومقاومة الظلم والفساد والاستبداد والطغيان. ومن هذه الثورة نتعلّم كيف نكون مظلومين فننتصر، وكيف نناصر الحق ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.
طريق الشهادة
فيما قال الباحث الاجتماعي حسنين الياسري: إن لقضية عاشوراء بُعدًا فكريًا ينبئ عن مدى قوة القرار لشخصٍ عرف مصيره سلفًا، وعلى الرغم من ذلك سار بعياله إلى هلاكه دون وجل، وهذا بحد ذاته درسٌ نتعلّمه، بأن نتقبل مصيرنا بشجاعة، مدافعين عن الحق، وإن كان الثمن حياتنا.
وأضاف: من الصعب أن نمتلك هذه القوة الجبّارة، ولن نُغالط أنفسنا، فطريق الشهادة ليس بالأمر اليسير، ولن ينالها إلا ذو حظٍّ عظيم، فهنيئًا لمن كان من أنصار الحسين (عليه السلام) في وقته، وفي وقتنا أيضًا. وأشير بقولي هذا إلى الذين لبّوا نداء الجهاد، ونالوا هذه المنزلة المشرفة (الشهادة لنصرة الحق).
منارًا أخلاقيًا
من جانبٍ آخر، حدثنا الشيخ عبد الرزاق الساعدي قائلًا: لقد تحوّلت شهادة الحسين (عليه السلام) إلى نقطة فارقة في الوعي الإسلامي على مختلف المستويات: الدينية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، فكانت منطلقًا لمواجهة الانحرافات المختلفة. وهذا ما أثار حفيظة الظالمين والفاسدين في ذلك الوقت وإلى الآن.
إلا أنّ الأمر لم يتوقف عند إحياء القضية ونشر أبعادها العقائدية والفكرية، وتناولها بشتى الوسائل لتأخذ حيزها الذي تستحقه؛ فكلما تم تحجيمها ورفض إحياء شعائرها من قبل المغرضين والوُشاة، ازداد الناس قوّةً وإيمانًا في تعظيم هذه الشعائر وإبراز أجمل صورها النابضة، وما تحمله من قيم إنسانية واجتماعية للعالم أجمع.
ختم حديثه: نسأل الله أن يتقبّل منّا ما نسعى إليه في نشر قضية عاشوراء وأبعادها الفكرية ودروسها التربوية للأجيال القادمة، لتكون منارًا أخلاقيًا تحذو به الأمم.
ديمومة البقاء
أجمعت المصادر التاريخية على أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان صاحب عقيدةٍ ومبدأ، وقد كان مستعدًّا للتضحية في سبيل مبادئه. إذ كان هدفه النبيل هو إصلاح الأمة، وإعادة الدين إلى نصابه الصحيح، وإحلال العدالة الاجتماعية والمساواة.
وبهذا الهدف النبيل، ترك الإمام بصمة لا تُنسى في طفّ كربلاء، وسجّل ذلك الحدث التاريخي ديمومة البقاء وتأثيره الأبدي، حيث ما زالت هذه الثورة الأبية ليومنا هذا شاخصة في الضمائر والذاكرة.
اضافةتعليق
التعليقات