• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنفاس الرضا

أفياء الحسيني / الأحد 11 آيار 2025 / تطوير / 662
شارك الموضوع :

في عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته

في زحمة الأرواح المُزدحمة بالأسئلة، يتوه الإنسان في متاهة من الكآبة والتبرُّم، كأنه يلاحق ظلَّه في غابة من المرايا، يسأل نفسه: لماذا لا أشعر بالسعادة؟ ولماذا لا يُرويني ما قسمه الله لي؟ وبين هذا الضجيج الداخلي، تلوح «زيارة أمين الله» كنافذة في جدارٍ مغلق، تُشرق منها أنفاس الرضا.

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه»، هكذا تبدأ الزيارة، وكأنها تسكب على القلب ماءً باردًا في حرّ الهمّ. ليست مجرد تحية، بل مفتاحٌ سرّيٌّ يفتح باب الطمأنينة. يقرأها الزائر عند باب الإمام علي، فتتحوّل الكلمات إلى عباءة من يقين تلفّ الجسد والروح معًا. في أول جملة بعد السلام، نسمع صوتًا من الأعماق: إن النفس المطمئنة هي التي وقعت على سرّ القدر، ورضيت قبل أن تفهم، وسكنت قبل أن تُجاب.

في هذه اللحظة، يصبح الدعاء تأهيلاً معرفيًّا، لا مجرد طلب. إننا نرتقي من طلابِ الحلولِ إلى عشّاقٍ للحكمة، فكل كلمة في الدعاء تعيد برمجة وعينا، ترفع من كفاءتنا المعرفية، وتمنحنا لغة جديدة نُحدّث بها أنفسنا: لغة الرضا. الدعاء عند الدخول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» ليس مجرد استعارة، بل هو بالفعل باب يُفتح من الداخل، حين كانت الروح محبوسة خلف أسوار الشكوى. وعند الخروج، تتردّد على اللسان كلمات كالندى: «واجعل خروجي من هذا المكان خروجًا من كل همٍّ وغمّ»، كأنك تخلع عنك أثقال الدنيا كما يُخلع الرداء المتسخ.

في إيران، يُلقَّب الإمام الرضا بـ«وليّ النعمة»، وما النعمة هنا سوى الرضا نفسه، لا الذهب ولا المال. كان الإمام الرضا وجهًا للرضا في هيئة إنسان، يمشي على الأرض وقلبه معلّق بالسماء. لم يكن الرضا عنده موقفًا مؤقتًا، بل مقامًا دائمًا، كمن سكن في بيتٍ نوافذه مفتوحة دومًا على الحكمة.

وعندما نزور السيدة فاطمة المعصومة، نصفها بـ«راضية مرضية»، ليست الصفة مجازًا لغويًّا بل حقيقة وجودية. هي المرأة التي جعلت من التسليم زينتها، ومن القبول وردها اليومي. يُذكّرها الدعاء القرآني: «ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية»، فتُصبح الرضا لباسًا سماويًّا يليق بالقلوب النقية.

في القاعات الدراسية، يدخل الطلاب الصفوف وهم يتذمّرون من كل شيء: من الواجب، من الزميل، من الوالدين، كأنما يحملون على ظهورهم حقائب من اللا-رضا، أثقل من الكتب نفسها. لكن الحقيقة أن الجذر واحد: إنهم غير راضين في داخلهم، لا عن أنفسهم، ولا عن أقدارهم. وهنا يكمن الفرق بين من يرى الواجب قيدًا، ومن يراه سُلَّمًا للترقّي، يُصعّده بشغف.

ولو أن دعاءهم استُجيب كما تمنّوا، لنالوا ما يظنون أنه سعادة، لكن السعادة الحقيقية كانت فيما لم يُعطَ، فيما تأخّر، أو فيما فُهِم لاحقًا. أحيانًا نُردّد: «إن الله على كل شيء قدير» ونحن نكاد لا نصدّق، ثم فجأة… يحدث شيء يجعلنا نخجل من ظنوننا القديمة. هل كان الرضا عنده طبعًا أم تربية؟ لا أدري… لكنه كان يُشعرك أن السلام عادة، لا حالة مؤقتة. ربما السكينة لا تأتي لأننا نحقق كل شيء، بل حين نكفّ عن مقاومة ما لم يحدث… لستُ واثقة تمامًا، لكني بدأت أصدّق هذا مؤخرًا.

فلننظر إلى امرأة فرعون، التي عاشت في قصر من حجارة باردة، لكن قلبها كان بيتًا من نور، أو إلى مريم العذراء، التي لم تحصل على زوج، لكنها نالت مقام الطهر والاصطفاء، حتى صارت مثالًا يُضرَب به. بعض النساء لم ينلن «نصيبًا مناسبًا»، لكنهن نِلن ما هو أسمى: الرضا الذي لا تذبل أوراقه.

هكذا نتعلّم من أنفاس الرضا أن السعادة لا تنزل من السماء كالمطر، بل تنبع من الداخل، كنبعٍ استراح بعد عاصفة. إن ذكر الله هو الأكسجين الحقيقي للروح، و«ألا بذكر الله تطمئن القلوب» ليست آية تُقرأ فقط، بل نَفَس يُستنشَق.

ففي عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته.

الامام الرضا
فاطمة المعصومة
الدعاء
اهل البيت
السعادة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    وعي العباءة الزينبية ٣

    التدهور المعرفي ليس حتميًا مع التقدم في السن.. وفق دراسة جديدة

    زينب العقيلة: سيّدة الصبر والعقل الواعي

    مجالس الرشد العاشورائية

    آخر القراءات

    التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ

    النشر : الثلاثاء 15 تشرين الاول 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    "أُزهِرُ رغم التقلّب".. ملامح من سيرة الدكتورة رغدة الحيدري

    النشر : الخميس 29 آيار 2025
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    سؤال وجواب قرأني حول لفظتي: (امرأة) و(زوج)

    النشر : الخميس 17 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    قراءة في كتاب: أنا تعب، لا أدري لماذا..!

    النشر : السبت 10 كانون الأول 2016
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    سيكولوجية العلاقة بين المرأة والرسول الأكرم في القرن الواحد والعشرين

    النشر : الأحد 25 ايلول 2022
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    يوم الكتاب العالمي: إشعال شموس المعرفة بين الأجيال وبناء جسور الحضارات

    النشر : الأربعاء 23 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 32 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 973 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 737 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 621 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 616 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 436 مشاهدات

    من يتصدر نتائج الذكاء الاصطناعي؟ AIO يعيد رسم قواعد اللعبة

    • 364 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1069 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1048 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 973 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 970 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 737 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان
    • الخميس 31 تموز 2025
    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة
    • الخميس 31 تموز 2025
    وعي العباءة الزينبية ٣
    • الخميس 31 تموز 2025
    التدهور المعرفي ليس حتميًا مع التقدم في السن.. وفق دراسة جديدة
    • الخميس 31 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة