• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنفاس الرضا

أفياء الحسيني / الأحد 11 آيار 2025 / تطوير / 715
شارك الموضوع :

في عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته

في زحمة الأرواح المُزدحمة بالأسئلة، يتوه الإنسان في متاهة من الكآبة والتبرُّم، كأنه يلاحق ظلَّه في غابة من المرايا، يسأل نفسه: لماذا لا أشعر بالسعادة؟ ولماذا لا يُرويني ما قسمه الله لي؟ وبين هذا الضجيج الداخلي، تلوح «زيارة أمين الله» كنافذة في جدارٍ مغلق، تُشرق منها أنفاس الرضا.

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه»، هكذا تبدأ الزيارة، وكأنها تسكب على القلب ماءً باردًا في حرّ الهمّ. ليست مجرد تحية، بل مفتاحٌ سرّيٌّ يفتح باب الطمأنينة. يقرأها الزائر عند باب الإمام علي، فتتحوّل الكلمات إلى عباءة من يقين تلفّ الجسد والروح معًا. في أول جملة بعد السلام، نسمع صوتًا من الأعماق: إن النفس المطمئنة هي التي وقعت على سرّ القدر، ورضيت قبل أن تفهم، وسكنت قبل أن تُجاب.

في هذه اللحظة، يصبح الدعاء تأهيلاً معرفيًّا، لا مجرد طلب. إننا نرتقي من طلابِ الحلولِ إلى عشّاقٍ للحكمة، فكل كلمة في الدعاء تعيد برمجة وعينا، ترفع من كفاءتنا المعرفية، وتمنحنا لغة جديدة نُحدّث بها أنفسنا: لغة الرضا. الدعاء عند الدخول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» ليس مجرد استعارة، بل هو بالفعل باب يُفتح من الداخل، حين كانت الروح محبوسة خلف أسوار الشكوى. وعند الخروج، تتردّد على اللسان كلمات كالندى: «واجعل خروجي من هذا المكان خروجًا من كل همٍّ وغمّ»، كأنك تخلع عنك أثقال الدنيا كما يُخلع الرداء المتسخ.

في إيران، يُلقَّب الإمام الرضا بـ«وليّ النعمة»، وما النعمة هنا سوى الرضا نفسه، لا الذهب ولا المال. كان الإمام الرضا وجهًا للرضا في هيئة إنسان، يمشي على الأرض وقلبه معلّق بالسماء. لم يكن الرضا عنده موقفًا مؤقتًا، بل مقامًا دائمًا، كمن سكن في بيتٍ نوافذه مفتوحة دومًا على الحكمة.

وعندما نزور السيدة فاطمة المعصومة، نصفها بـ«راضية مرضية»، ليست الصفة مجازًا لغويًّا بل حقيقة وجودية. هي المرأة التي جعلت من التسليم زينتها، ومن القبول وردها اليومي. يُذكّرها الدعاء القرآني: «ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية»، فتُصبح الرضا لباسًا سماويًّا يليق بالقلوب النقية.

في القاعات الدراسية، يدخل الطلاب الصفوف وهم يتذمّرون من كل شيء: من الواجب، من الزميل، من الوالدين، كأنما يحملون على ظهورهم حقائب من اللا-رضا، أثقل من الكتب نفسها. لكن الحقيقة أن الجذر واحد: إنهم غير راضين في داخلهم، لا عن أنفسهم، ولا عن أقدارهم. وهنا يكمن الفرق بين من يرى الواجب قيدًا، ومن يراه سُلَّمًا للترقّي، يُصعّده بشغف.

ولو أن دعاءهم استُجيب كما تمنّوا، لنالوا ما يظنون أنه سعادة، لكن السعادة الحقيقية كانت فيما لم يُعطَ، فيما تأخّر، أو فيما فُهِم لاحقًا. أحيانًا نُردّد: «إن الله على كل شيء قدير» ونحن نكاد لا نصدّق، ثم فجأة… يحدث شيء يجعلنا نخجل من ظنوننا القديمة. هل كان الرضا عنده طبعًا أم تربية؟ لا أدري… لكنه كان يُشعرك أن السلام عادة، لا حالة مؤقتة. ربما السكينة لا تأتي لأننا نحقق كل شيء، بل حين نكفّ عن مقاومة ما لم يحدث… لستُ واثقة تمامًا، لكني بدأت أصدّق هذا مؤخرًا.

فلننظر إلى امرأة فرعون، التي عاشت في قصر من حجارة باردة، لكن قلبها كان بيتًا من نور، أو إلى مريم العذراء، التي لم تحصل على زوج، لكنها نالت مقام الطهر والاصطفاء، حتى صارت مثالًا يُضرَب به. بعض النساء لم ينلن «نصيبًا مناسبًا»، لكنهن نِلن ما هو أسمى: الرضا الذي لا تذبل أوراقه.

هكذا نتعلّم من أنفاس الرضا أن السعادة لا تنزل من السماء كالمطر، بل تنبع من الداخل، كنبعٍ استراح بعد عاصفة. إن ذكر الله هو الأكسجين الحقيقي للروح، و«ألا بذكر الله تطمئن القلوب» ليست آية تُقرأ فقط، بل نَفَس يُستنشَق.

ففي عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته.

الامام الرضا
فاطمة المعصومة
الدعاء
اهل البيت
السعادة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    ظواهر علم الإمام الصادق

    آخر القراءات

    هل استصلاح الفساد يحتاج إلى قدرة الله تعالى؟

    النشر : الخميس 10 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    الوحمة وأسبابها.. ليست كما تعتقدون

    النشر : الأربعاء 24 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    تأثير عمل المرأة على الأطفال

    النشر : الأربعاء 10 حزيران 2015
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    زاد المنتظرين من مائدةِ دُعاء زمن الغيبة

    النشر : الثلاثاء 18 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    آية وإضاءة للحياة: كيف نحفظ قدسية الزواج من البداية؟

    النشر : الأثنين 27 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    تزودوا له بخير زاد

    النشر : الأحد 03 نيسان 2022
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 535 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 336 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1087 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 22 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 23 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 23 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة