• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنتِ حُرةٌ... لَيتَني ما سَمِعتُها!

فاطمة الركابي / الأربعاء 24 آب 2022 / اسلاميات / 1314
شارك الموضوع :

أتعلمين عندما سمعت عبارة "أنت حرة"، وأنا أخطو أولى خطوات رحيلي تراءى أمامي مشهد من واقعة الطف

كانتْ هناك جارية تجلس في زاوية من زوايا أزقة المدينة، وعلى محياها علامات الندامة والتأسف بادية! سأَلتها إحدى الماراتْ: ما خَطبُكِ يا أمة الله؟ هل لكِ حاجة أقضيها؟

نظرتْ إلى السماء، بعد أن أطرقت برأسها للأرض قليلاً، ثم نظرت لتلك السائلة قائلة: هل ترين هذا الطائر الواقف على حافة سطح تلكم الدار؟ قالت: نعم، ما به؟!

- يبدوا إنه يشبهني كثيراً، لا شك إنه كان يظن إن حريته في أن يُحلق في السماءِ، فهو لم يدرِ أنه أسيرها، كما نحن أسرى هذه الأرض، فالحر من كان متحررًا من الداخل!

- وكيف ذلك؟! (سألت تلك السيدة)

- بأن يتعلق قلبنا بأهل الحق، ويَسير بهديهم ويطيعهم وينقاد إليهم، ولا يفرط بقربهم إن ناله وبلغه يوماً ما.

تعجبت تلك السيدة من منطقها، وازداد فضولها لمعرفة ما هي حكايتها، فاستأذنتها كي تجلس بقربها، قائلة:

إذن احكي لي حكايتكِ، يبدوا أن لي فيها عِبرة ستَنفَعُني؟!

لم تمانع وبنبرةٍ خافتةٍ حزينةٍ أجابت قائلةً: كنتُ في سالف الأيام ممن ضحك بوجهها الحظ، وحلق فوق رأسها طائر السعد، فقد وهبني سيدي الذي يملكني إلى أشرف السادات، وصرت جارية أعمل في بيت من بيوتات قد رُفع ذكرها في الأرضين والسماوات، في بيت تشع الأنوار من كل ساكنيه، بل وحتى من كل الجمادات، كيف لا؟! وهو بيت مَن هو مِن نسل من كانتْ تُزهر بأنوارها لأهل السماوات قبل أهل هذه الأرض! إنه بيت سيدي وسيد الساجدين، وزين عُباد الثقلين.

وهكذا كنتُ أنعم بالأمن والهناءة، لكن جاء ذلك اليوم الذي غادر به طائر السعد بعيدًا عنيّ، بغفوة سرقت مني يقظتي، فبينما كنتُ أسكب لمولاي الماء ليُجدد وضوءه- فقد كان معتادا على التهيؤ للقاء ربه قبل أن يَحين وقت الصلاة- سقط الإبريق من بين يدي على وجهه فشجه!!

وما أن رفع رأسه إليّ، قلتُ وأنا للتو قد تنبهت مما اعتراني من نعاس، على أثر الصوت الذي أحدثه سقوط الإبريق: إن رب سيدي قال: {والكاظمين الغيظ}، فقال لي بصوت المشفق عليَّ: "قد كظمت غيظي"، ثم قلتُ وأنا بين وَجّل وحياء: {والعافين عن الناس}، فقال سيد الحلماء: "عفا الله عنك"، فقلتُ مستبشرة بعد أن دعا لي، ولم ينالني منه السخط لزلتي: {والله يحب المحسنين}، فقال: "أذهبي فأنت حرة لوجه الله" (١).

عندها سررتُ أيما سرور...! ولكن بعد أن خرجت من أسوار ذلك البيت الإلهي شعرت بأنني قد فقدت حريتي، بلى! فقد عدتُ لأعيش في بيوتات لا تحمل أي سمة منه، بيوت تخلو من الأنوار الإلهية الساطعة، من الرحمة والشفقة، فما عادت مسامعي قلبي تتغذى على سماع تمتمات ذكر سيدها زين العابدين، ولا عيني غفت بعدها على تسبيحات كتسبيحاته لربه في الغداة والآصال، وما أصبحت أصحوا على نجواه في الأسحار. آه... آه، كنتُ أتصور أنني في داره أسيرة، جارية، ممتهنة، والآن سأكون حرة، ولكن أدركت بعد فوات الأوان أنني كنتُ بالأصل حرة!

أتعلمين عندما سمعت عبارة "أنت حرة"، وأنا أخطو أولى خطوات رحيلي تراءى أمامي مشهد من واقعة الطف كنتُ قد سمعته يُحكى بوجعِ في ذلك البيت!.

عن تلك الأيام المصيرية لما سمع سيد الشهداء قلوب الكثيرين ممن التحقوا به، ترتجف خوفًا من الغد !! مع إنهم كانوا يتنعمون بالأمنة تحت خيمته، هم كانوا يعلمون أن من بقي معه وفي خدمته غدا شهيدًا، أوليس شائعًا بينهم إنه سيد الشهداء؟ لكن قلوبهم لم تَعِ هذه الحقيقة، إذ أخرج للناس كتابا فقرأ عليهم ما فيه

"بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع: قتل مسلم بن عقيل، وهانئ ابن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف، في غير حرج، ليس عليه ذمام، فتفرق الناس عنه، وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة، ونفر يسير ممن انضموا إليه..."(٢)

هم ظنوا أنه أحسن إليهم بإعطائهم المعذرة بالمغادرة، فغادر الكثيرون منهم ليبقوا لوقت أطول في الدنيا، إلا إنهم خسروا حظهم في المسارعة باللحاق إلى الرفيق الأعلى حيث الجزاء الأوفى.

حينها ذبت خجلاً... شعرتُ بأنني واقفة بذلك الموقف، لذا أستطيع أن أعرف جيدًا كيف كان شعورهم آنذاك، إلا إني لا أعلم لما بُحت لكِ بكل هذا، لكن أنتِ حتما تعلمين لماذا؟ ثم نهضتْ لترحل حيث لا عودة.

وبينما كانت تلك السيدة تفكر بما قالته لها، عادت الى نفسها قليلاً، مرددة: بلى أعلم... أعلم! فهي كانتْ من أهل الولاء للإمام السجاد، ومن أهل الود للعترة الأطهار، فها قد تذكرت كل ذلك التشكيك والاضطراب الذي كان يعتريها منذ مدة، على أثر ما يجري من ظلم وتضييق على إمام زمانها، فتنبهت لعظيم ما هي فيه من نعمة الولاء، فشكرت ربها إذ أرسل إليها من كانت لها خير مُذكرًا، وحمدته بأنها لم تخرج من هذه النعمة، فتكون أسيرة إتباع ولاة أهل الدنيا، وتوسلت به أن يَجعلها من أهل اليقين دائما، كي لا تفِل عقدة ولائها لإمامها، مهما رأت من فتن، فتعيش تلك الحسرة التي رأتها في عينيَّ تلك الأَمَة الكسيرة.

______

(١) بحار الأنوار: ج ٤٦، ص ٦٨.
(٢) بحار الأنوار: ج ٤٤، ص ٣٧٤.

الامام السجاد
الحرية
الايمان
قصة
التاريخ
الامام الحسين
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    خطوات بطيئة لوصولٍ آمن

    النشر : السبت 15 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ ثانية

    بناء المواطنة: الوسيلة المشروعة للقضاء على الفساد

    النشر : الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ ثانية

    ليس العيد لمن لبس الجديد

    النشر : الأحد 25 حزيران 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الطريقة الإجتماعية لدراسة التخلف في بلدان العالم الثالث

    النشر : الثلاثاء 21 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ ثانية

    هل إلى لقياك من سبيل؟!

    النشر : الأحد 04 آب 2019
    اخر قراءة : منذ ثانية

    منهج الوجه الواحد

    النشر : الأثنين 26 ايلول 2016
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 370 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 362 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 336 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 330 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3453 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1085 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1009 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 994 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 6 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 6 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 6 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة