• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

لا تقتلوا أرواح أطفالكم

زينب شاكر السماك / السبت 22 شباط 2025 / حقوق / 1060
شارك الموضوع :

كونوا لأطفالكم الدفء الذي يحتاجونه، قبل أن يبحثوا عنه في قلوبٍ لا تعرفهم

كنت طفلة صغيرة، أركض بين الأغصان، أطارد الفراشات، وأضحك مع العصافير التي كانت تغني لي، وكأنها تحتفل بوجودي. كنت أظن أن بيتي الصغير، بأبوابه الفولاذية المرصعة، هو حصني الآمن وسط الغابة، حيث لا شيء يمكنه أن يزعزع سعادتي. لكنني كنت مخطئة…

في كل مرة أفتح فيها باب ذاك البيت الذي كنت أحبّه، يتلاشى الدفء فجأة، وأجد نفسي أمام جدران ممزقة، لا تروي سوى حكايات الصمت والخوف. لم يكن البرد الذي أشعر به ناتجًا عن الطقس، بل عن جمود المشاعر التي خيّمت على المكان. بين أبي وأمي، لم تكن هناك لغة سوى التوتر والصراخ، أصواتهما كانت تصدح في زوايا المنزل، تملأ الفراغ بين الجدران، وتترك في قلبي فراغًا لا يُسدّ.

كان بيتنا حلبة معركة، حيث الكلمات تجرح أكثر من السيوف، والنظرات تحمل بين طياتها سهامًا من اللوم والخذلان. كنت أختبئ تحت الطاولة، أضمّ ركبتي إلى صدري، وأحاول أن أصنع لي عالمًا آخر من الخيال، عالمًا لا تصله أصوات الاتهامات، ولا يعرف معنى القسوة. لكن مهما حاولت الهروب، كانت الحقيقة تتسلل إلى خيالي، تلوّث ألوانه، وتحطم جدرانه الوهمية. كان بيتنا دائما منشطراً إلى شطرين وإلى رأيين لم تجمعنا يوما مائدة طعام وكل جلسة بها نوع من الدفئ تنتهي برماد نار حامية يوميًا، كان يسقط حجر، ويومًا بعد يوم ينهار جدار، حتى أصبح الدار خاويًا ومنقسمًا، مثله مثل القلوب التي سكنته.

لم يكن أبي ولا أمي يدركان أنني كنت أكبر في الظل، أتلاشى شيئًا فشيئًا مثل ورقة خريفية لا يشعر أحد بسقوطها. كانا مشغولين بمعاركهما الخاصة، بتوزيع اللوم، بتحطيم بعضهما البعض بكلمات جارحة، حتى نسيا أن هناك طفلة تقف بينهما، تنتظر أن يمنحها أحدهما ذراعًا تحتويها.

لم يسألني أحد عن دراستي، لم يهتم أحد بما إذا كنت قد تناولت غدائي أو بكيتُ في الليل. كنت أذهب إلى المدرسة بجسد حاضر، لكن بروح غائبة، كنت أشعر أنني مختلفة عن زميلاتي، أنني أنتمي لعالم آخر لا يعرفونه. عالمٌ تملؤه الصراخات والدموع الصامتة. كبرت وأنا أبحث عن الحنان في وجوه الغرباء، في كلمات أساتذتي، في ابتسامة عابرة من صديقة، لأن البيت الذي يفترض أن يكون مصدر الأمان، لم يكن سوى سجنٍ من الجليد.

أيها الآباء، قبل أن ترفعوا أصواتكم، قبل أن تتقاذفوا الاتهامات، وقبل أن تغرقوا في معارك لا نهاية لها، تذكروا أن هناك عيونًا صغيرة تراقب، وقلوبًا هشّة ترتجف، وأرواحًا لم تُخلق لتحمل هذا الألم.

قد تظنون أن مشاكلكم تخصكم وحدكم، لكن الحقيقة هي أن أطفالكم هم أولى ضحايا خلافاتكم. كل صرخة تطلقونها، كل كلمة قاسية، كل نظرة ازدراء، تترك ندبة في قلب صغير لا يعرف كيف يداوي جروحه. الطفل الذي ينشأ في بيت مشحون بالصراخ والخلافات، يكبر وهو يشعر أنه غير مرئي، غير مهم، غير محبوب. يتعلم أن العائلة ليست مكانًا آمنًا، بل ساحة معركة يجب عليه النجاة منها.

لا تقتلوا براءة أطفالكم، لا تدفعوهم للعيش في خوف دائم، لا تجعلوا من بيوتكم سجونًا بلا قضبان. تذكروا أن الطفل الذي يُحرم من الحب في صغره، قد يقضي عمره كله يبحث عنه في الأماكن الخاطئة. كونوا لأطفالكم الدفء الذي يحتاجونه، قبل أن يبحثوا عنه في قلوبٍ لا تعرفهم، وكونوا لهم الأمان، قبل أن يصبحوا غرباء حتى عن أنفسهم.

الاب والام
الطفل
التربية
صحة نفسية
السلوك
الاسرة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    عوامل نمو المسؤولية الاجتماعية

    النشر : الخميس 30 كانون الثاني 2025
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الكهرباء والصيف.. أزمة العصر الحديث 

    النشر : الثلاثاء 11 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ ثانية

    نزعة الفردانية: أنا ومن بعدي الطوفان!

    النشر : الثلاثاء 18 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    سريعة كالبرق.. ماهي شريحة M3 التي لا تتعب؟

    النشر : الأثنين 06 تشرين الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    ضيعوا المشيتين.. العلاقات الزوجية بين الموروث والمناهج الحديثة

    النشر : الثلاثاء 29 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    آفة العُجُب في فكر الفقيه الشيرازي

    النشر : الثلاثاء 12 كانون الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 742 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 627 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 618 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 440 مشاهدات

    من يتصدر نتائج الذكاء الاصطناعي؟ AIO يعيد رسم قواعد اللعبة

    • 364 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1070 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1048 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 970 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 742 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 2 ساعة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 2 ساعة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 2 ساعة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 2 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة