• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

رماد العيد

مروة حسن الجبوري / الجمعة 19 آب 2016 / حقوق / 4043
شارك الموضوع :

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة، يبقى قلبي  يضرب بنبضاته يريد أن يشارك في هذه الملحمة تمسكه النبضات، توقف  القلم عن الكتابة، صرخت الحروف: أكمل.. يسأل القلم تلك الحروف الغاضبة: عن ماذا اكتب؟  وبأي حبر أخط تلك  العبارات، اصطفت الحروف الثمانية والعشرين قائلة: نحن معك ما عليك فعله هو  ترتيبك لنا ونحن  نقول عنك كل شيء، اقتنع القلم وبدأ، لن أقول لكم كيف حالكم، ولن أسأل عن حال المدينة فالخبر معلوم، والحال مكتوم.

 لكن صدقا كل ليلة أضع راسي  على الوسادة وبين دهاليز الحزن أقضي ليلتي، أتأبط الأوراق المتساقطة من دون حروف، واتردد بين أروقة الدار أحمل معي يقظتي وبعض من ثرثرة أفكاري المتشددة، ينبهني  الفجر بانتهاء رحلتي لهذا اليوم، تتفادني الأصوات، وينتهي الليل وانا مازالت جالسة على كرسي ضخم، يشبه كرسي الرئاسة، كاللبوة  تدير المكان، عرفت ان هذا الكرسي هو من  يفعل كل هذا، تبتعد عني الحروف خائفة، لأنها لم تجد سوى لبوة متربعة، تحاصرني نظراتها تحرق اناملي، والتي كانت تمسك بها كما يمسك الطفل بأمه، تعتلي وجهي  أعراض الحزن، استجمع ما بي من قوة وارادة فأنا  صاحبة  تلك الحروف وانا من يرافقها في رحلتها. عانقتها أصابع يدي بعمق سحيق، وتأمرني ان أعود إلى احتضانها وترتيبها وتنسيقها، قائلة: شرط قبول عذرك أن نكتب اليوم عن رماد العيد!

_ماذا تقصدين يا حروف أي رماد؟؟

انتفضت قائلة: هل نسيتم رماد العيد.. اربعين يوم مضت على احتراقهم.

تشرق  الشمس  على روحي وتلقيها في هوَّة المدينة الأليمة التي لا ترى  من الرماد المتطاير، طال انتظاري في ليالي صمّاء عمياء ، دقت الحروف  سريعاً بدقات جديدة لم يعهدها من قبل قلمي، تشابكت الأوجاع على شرفة سنيني الخاوية، امضغ ما تبقى من أيامي، ويبقى الصمت مخيما على محياي، خوفا ان يضيع المنصب  ((الكرسي))  مني، عيناي تحدق بالسماء بينما جسدي يفترش الأرض، اتنفس الصعداء واغمض عيني قليلا، استرجع حادثة تمر عليها ذكرى الأربعين، حيث الناس بأمان يجهزون لعيد الفطر، عشاق يحتفلون بعيد ميلاد عشقهم، جميع الشباب  متواجدين، أضواء وأفراح، تشقّ كبد السماء وتخرج من بين اضلاعها أصوات ضحكاتهم، ألوان ملابسهم، وجوههم الناعمة خصلات شعرهم النائمة، السماء تعانق الجسد المرتعش، الأنامل البيضاء.

 في ذاتِ ليلةٍ ادلّهم الظلام وانضوى القمر،  مناجاة إلهية تسود المكان، فجأة تمتد يد الغدر  إلى ذاك التجمع الشبابي  أرادت أن تحرق المدينة بأهلها، زهور تحترق فتصبح رمادهم مسك يعطّر المدينة، أنين يملأ الأفق، هنا الشاب الذي كان يلفظ آخر أنفاسه، لم تمنحه الفرصة لوداع أشقاءه،  هنا تقف طفلة تلاعب بالونها الأحمر، عروسة تحتضن فستان زفافها الأبيض.

 أربعين يوما وموسم العزاء لم ينته بعد، لا زالت وريقات أعمارهم الصغيرة معلقة  فما بقي لِلشمعةِ بعد احتراق خيطها، ماذا علنا نفعل ايتها الحروف غير اننا نحزن ونعلن الحداد، صرخت: لا تملكون غير الحداد والحزن افعلوا شئيا، لا يشعر بالجرح إلاّ من ذاق الوجع ، ولا يشعر بالدموع الا من فقد، هنالك أب الى الان لم يعثر على جثة ولده، امه تنعاه من دون قبر، طفلة ضائعة، جرحى يرقدون، عيد شهيد وشاب فقيد ووجع شديد، اربعين يوم مضت على احتراق اجسادهم، اختناقهم، صرخاتهم، احلامهم.

 شاب كان حلمه ان يصبح محامي، والاخر امنيته ان يُزف عريسا، صينية زُينت بالشمع والياس والبخور والورد ترفع على جنائزهم، شهادات التخرج تملأ المكان، بعدما ارتدت الجدران لون الاسود وتخالطت مع بقايا رماد العيد سـقـط القلم، سقط مغشيـاًعليــه وتناثرت أشلائه في دفتر الأحزان، فقدعجز عن كتابة زفراتي وحسرتي، لتكون هي الاخرى رماد.

العراق
الارهاب
الكتابة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    على مر العصور.. لماذا المرأة هي المستهدفة الأولى من قبل العدو؟

    النشر : الأربعاء 27 آذار 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    اليوم العالمي للغة الأم.. تأصيل لإحترامها

    النشر : الأربعاء 21 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    نساء الحروب... أوجاع صامتة وموت أخرس

    النشر : الأربعاء 22 آيار 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    فلسطين.. غربالُ الإنسانية

    النشر : الأحد 24 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    محكمة

    النشر : الخميس 18 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    الجار قبل الدار

    النشر : الثلاثاء 22 آذار 2016
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 741 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 627 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 618 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 440 مشاهدات

    من يتصدر نتائج الذكاء الاصطناعي؟ AIO يعيد رسم قواعد اللعبة

    • 364 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1070 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1048 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 985 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 970 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 741 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 26 دقيقة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 29 دقيقة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 34 دقيقة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 40 دقيقة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة