• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

رماد العيد

مروة حسن الجبوري / الجمعة 19 آب 2016 / حقوق / 4128
شارك الموضوع :

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة

منذ فجر الأمس وانا انوي الكتابة عنكم، سارعت كلماتي تحتضن الورق وتلتقط الحروف القلم، وتنصت الأرض لسيل حروفي الكامدة، يبقى قلبي  يضرب بنبضاته يريد أن يشارك في هذه الملحمة تمسكه النبضات، توقف  القلم عن الكتابة، صرخت الحروف: أكمل.. يسأل القلم تلك الحروف الغاضبة: عن ماذا اكتب؟  وبأي حبر أخط تلك  العبارات، اصطفت الحروف الثمانية والعشرين قائلة: نحن معك ما عليك فعله هو  ترتيبك لنا ونحن  نقول عنك كل شيء، اقتنع القلم وبدأ، لن أقول لكم كيف حالكم، ولن أسأل عن حال المدينة فالخبر معلوم، والحال مكتوم.

 لكن صدقا كل ليلة أضع راسي  على الوسادة وبين دهاليز الحزن أقضي ليلتي، أتأبط الأوراق المتساقطة من دون حروف، واتردد بين أروقة الدار أحمل معي يقظتي وبعض من ثرثرة أفكاري المتشددة، ينبهني  الفجر بانتهاء رحلتي لهذا اليوم، تتفادني الأصوات، وينتهي الليل وانا مازالت جالسة على كرسي ضخم، يشبه كرسي الرئاسة، كاللبوة  تدير المكان، عرفت ان هذا الكرسي هو من  يفعل كل هذا، تبتعد عني الحروف خائفة، لأنها لم تجد سوى لبوة متربعة، تحاصرني نظراتها تحرق اناملي، والتي كانت تمسك بها كما يمسك الطفل بأمه، تعتلي وجهي  أعراض الحزن، استجمع ما بي من قوة وارادة فأنا  صاحبة  تلك الحروف وانا من يرافقها في رحلتها. عانقتها أصابع يدي بعمق سحيق، وتأمرني ان أعود إلى احتضانها وترتيبها وتنسيقها، قائلة: شرط قبول عذرك أن نكتب اليوم عن رماد العيد!

_ماذا تقصدين يا حروف أي رماد؟؟

انتفضت قائلة: هل نسيتم رماد العيد.. اربعين يوم مضت على احتراقهم.

تشرق  الشمس  على روحي وتلقيها في هوَّة المدينة الأليمة التي لا ترى  من الرماد المتطاير، طال انتظاري في ليالي صمّاء عمياء ، دقت الحروف  سريعاً بدقات جديدة لم يعهدها من قبل قلمي، تشابكت الأوجاع على شرفة سنيني الخاوية، امضغ ما تبقى من أيامي، ويبقى الصمت مخيما على محياي، خوفا ان يضيع المنصب  ((الكرسي))  مني، عيناي تحدق بالسماء بينما جسدي يفترش الأرض، اتنفس الصعداء واغمض عيني قليلا، استرجع حادثة تمر عليها ذكرى الأربعين، حيث الناس بأمان يجهزون لعيد الفطر، عشاق يحتفلون بعيد ميلاد عشقهم، جميع الشباب  متواجدين، أضواء وأفراح، تشقّ كبد السماء وتخرج من بين اضلاعها أصوات ضحكاتهم، ألوان ملابسهم، وجوههم الناعمة خصلات شعرهم النائمة، السماء تعانق الجسد المرتعش، الأنامل البيضاء.

 في ذاتِ ليلةٍ ادلّهم الظلام وانضوى القمر،  مناجاة إلهية تسود المكان، فجأة تمتد يد الغدر  إلى ذاك التجمع الشبابي  أرادت أن تحرق المدينة بأهلها، زهور تحترق فتصبح رمادهم مسك يعطّر المدينة، أنين يملأ الأفق، هنا الشاب الذي كان يلفظ آخر أنفاسه، لم تمنحه الفرصة لوداع أشقاءه،  هنا تقف طفلة تلاعب بالونها الأحمر، عروسة تحتضن فستان زفافها الأبيض.

 أربعين يوما وموسم العزاء لم ينته بعد، لا زالت وريقات أعمارهم الصغيرة معلقة  فما بقي لِلشمعةِ بعد احتراق خيطها، ماذا علنا نفعل ايتها الحروف غير اننا نحزن ونعلن الحداد، صرخت: لا تملكون غير الحداد والحزن افعلوا شئيا، لا يشعر بالجرح إلاّ من ذاق الوجع ، ولا يشعر بالدموع الا من فقد، هنالك أب الى الان لم يعثر على جثة ولده، امه تنعاه من دون قبر، طفلة ضائعة، جرحى يرقدون، عيد شهيد وشاب فقيد ووجع شديد، اربعين يوم مضت على احتراق اجسادهم، اختناقهم، صرخاتهم، احلامهم.

 شاب كان حلمه ان يصبح محامي، والاخر امنيته ان يُزف عريسا، صينية زُينت بالشمع والياس والبخور والورد ترفع على جنائزهم، شهادات التخرج تملأ المكان، بعدما ارتدت الجدران لون الاسود وتخالطت مع بقايا رماد العيد سـقـط القلم، سقط مغشيـاًعليــه وتناثرت أشلائه في دفتر الأحزان، فقدعجز عن كتابة زفراتي وحسرتي، لتكون هي الاخرى رماد.

العراق
الارهاب
الكتابة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    تمكين المرأة من خلال سيرة السيدة زينب

    النشر : الخميس 16 كانون الثاني 2025
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    حتمية الطفوف وإشهار السيوف

    النشر : الأربعاء 27 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    هل أصبح البشر متعلقين عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟

    النشر : الخميس 12 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    الأبناء.. الضحايا الأكبر للخيانة الزوجية

    النشر : الثلاثاء 22 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    الغرق في متاهات الحياة

    النشر : الثلاثاء 02 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    الأكل على متن الطائرة.. هل هو صحي؟

    النشر : الخميس 13 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ 21 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 413 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 367 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 345 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1081 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1063 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 5 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 5 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 5 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 6 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة