• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

تحديات المجتمع القبليّ في عصرِ الإمام علي

نرجس الصافي / الخميس 14 آيار 2020 / حقوق / 2357
شارك الموضوع :

حُسد لأنه كان يسمو في كل يومٍ وليلة، حُسدَ لأنه كان يحمل تلك الروح الكبيرة التي ما استكانت وما خضعت سوى للهِ تعالى

حين يلفعكَ هجير الجهل، وحين تضمحلُ ينابيع المعارف؛ فأنت مضطرٌ لأن تشدّ الرحال باحثًا عن واحةٍ غيداء نبعها لا ينضب. وما أن تتتبعَ سيرَ من عَلّموا وتعلموا حتى تجدَها امتدادًا ظاهرًا من النبع الأصيل القاطن في بعضِ قبائل صحراءِ الحجاز حيثُ يسطعُ ذلك الوهج الوضّاء الذي ما انفكَ صاحبهُ يدلي عن نفسه تارةً وعن فتاهُ الأوحديّ أخرى.

_الفتى الذي مهدت له السماء وباهى به المليك الملائكة وقرنت محبته بمحبة الله_وما ذاك إلا لمن شخصت أبصارهم وإلا فهل تحتاج المراقي لمن يُعرّفها، وهل تُجهل؟

ولكن هذا هو نصيبُ من يحملُ بين نثليهِ علمًا لو أطلعَ أهل زمانهِ عليه لاتهموه بالجنون ولصارَ حكايةً أخرى تلهج بها ألسنُ الجدّات.

ولا غَرو فعصرهُ كانَ قريبَ عهدٍ بتلك الجاهلية الجهلاء والتي تفتقر لأدنى مقومات البقاء.

جلودٌ بلونِ الرّمال، ووجوهٌ تقاسيمها منهكة متشربةً هجيرَ الصحراء التي يقطنوها، روائحهم النتنة هي مزيجٌ من مخلفات الإبل والأغنام وكثيرٌ من التعرّق خصوصاً إذا كان الشخص ممن أدمن الخمر وأغلبهم هكذا، حياتهم عبارةٌ عن محاولاتٍ يوميّة لسدِّ رمقهم فحسب، ثيابهم المخشوشنة والتي عانت من كثرة رقعها ومحاولاتٍ فاشلة لتمويه شروخها.. تجمعاتُ بيوتهم حولَ بئرٍ ماء تشبهُ إلى حدٍ ما تلكَ الحشائش الصغيرة التي تتسابقَ على التحلّقِ حولَ مكانِ تلاحمِ الطينِ مع ماء المطر الهاطل من الميزاب.

حينما كانوا يقتاتون القذارات ويتقاتلون على إحنٍ يتوارثوها ولا تُطمرُ في قلبٍ طيبٍ يومًا بل تزداد البغضاء كلما ابتعد خط البداية.. بداية الحكايا المرّة.

وهذا ما يدفعهم لأن يقضموا أجسادَ بعضهم البعض بخبثِ سرائرهم، وفسادِ نواياهم.. آنذاك حيثُ القويّ يصارع الضعيف ويصرعهُ، والذئاب البشريّة تسعى للسيادة.

هجرٌ، وفراق، بغضٌ، ونفاقٌ وهجاء، ومراءٌ، ورياءٌ، وكل ما يأنفهُ قلبُ الانسان السويّ.. لا نحكمُ بدءً بل التأريخ يُنبينا.

ومادت الأرضُ لتُردي عنفوانهم وتخنع تلك العُسلان حين ترى أُسُودًا تمدها يد السماء، أسودٌ لا ترى غايتها في العيش، ولا يوقفُ همتها الموت، فلا يبقى عندهم ما يُباهى بهِ عليها.

وخضعت جوانحها رغمًا لأبهة عليٍّ ذلك الأنزع من الشرك، المبطون من العلم فقد حاز كل فضل وسبقهم في كل ميدان من ميادين الحياة.

إن هذا الرجل منذ ولجَ الحياة وهو يتدفق عطاءً؛ منه ما حباه الله به ومنه ما اكتسبه وإن كان في النتيجة من عطاء الله أيضًا.

فتحدره من أسرة وضاءة أعطاهُ حجمًا غير اعتيادي كون الأسرة تتدخل مباشرةً في تحديد حجم الشخص بدءً فهو من بني هاشم البيت الذي ما ولجَ الشرك عموده. ومن ثم ولادته التي كانت في أشرف بيتٍ يُغبط من يرمقه ببصره وكما يقول الآلوسي صاحب التفسير المشهور: (سبحان من وضع الأشياء في مواضعها لقد وضع عليًا «عليه السلام» في هذا المكان).١

فضلًا عن مربيه الذي احتضنه منذ أن رمقَ الدنيا، ذلك الحجر الطاهر الذي حملَ رسالة السماء حتى لم يكد يفارقه، فكان معه حين سمع رنة الوحي، ثم رأيناه بعد ذلك يحمل على يديهِ مشعلَ الحفاظ على دين السماء مع الرسول الأكرم «ص».

وهكذا راح يمضي قدمًا في هذهِ المسيرة ولا يكاد يمر على فضيلة ومنقبة إلا ويحملها حتى صار كتلةً من المناقب وحتى قال فيه الرسول الأعظم ”ص“: 

أما والله لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارىٰ في عيسى بن مريم لقلتُ اليومَ فيكَ قولًا لا تمرُ بملأٍ منهم قَلوا أو كَثروا إلا قَاموا إليكَ يأخذون التُرابَ من تحتِ قدميكَ يلتمسونَ في ذلك البركة، فقالت قريش: ما رضي حتى جعله مثلًا لابن مريم! فأنزل الله تعالى: (ولما ضربَ ابنُ مريم مثلًا إذا قومكَ منه يَصدون).٢.

وبعد هذا فمن الطبيعي أن يُحسَدَ عليّ.

حُسد لأنه كان يسمو في كل يومٍ وليلة، حُسدَ لأنه كان يحمل تلك الروح الكبيرة التي ما استكانت وما خضعت سوى للهِ تعالى، وأبت أن تنزلَ إلى هذا المستوى المنهزم، يومَ كانوا يتناحرون على رفات الدنيا ويدخرون لهم ولأبنائهم وحفدتهم وهو يكنسُ بيت المال، ولا يدخرُ لنفسهِ سوى إيمانه الكبير.

لم ينفك عن هذا الرجل الحسد والحقد، لأنه لم يكن طبيعيا بالنسبة لزمانه، لذلك لم يستوعبوا ما هو عليه فسلكوا معه مسلك التوهين حتى راح عمرو بن العاص يصف عليًا بأنه تلعابة يداعس ويعافس وأن فيه دعابة. وبلغ من حقدهم أن تقف إحداهن لتقول:

لا هُمّ فاعقر بعليٍ جمله     

              ولا تبارك ببعير حمله

وأخرىٰ حين يبلغها نبأ مصرعه تجيب الناعي بقولها:

وإن يكُ ناعيًا فلقد نعاه          

          نعيٌ ليس في فيهِ التراب

ذلك أن العرب كانوا إذا فقدوا عزيزا ونعاه أحدهم يقولون له: "في فيكَ التراب" ولكن هذا الخبر بالنسبة لها أمر مفرح!.

وحقّ لهُ أن يضيقَ صدره فهو لم يتسع له وعاء عصره; كونه يحتاج إلى وسط أكبر من وسط الكوفة ولذا نراه يصعد المنبر فيقول: «اللهم إني قد مللتهم وملّوني وسئمتهم وسئموني فأبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر لهم مني اللهم مث قلبي ميث الملح في الماء»٣.

ولهذا لم يتفاعل ذلك المجتمع معه التفاعل المطلوب رغم ذلك الحشد من المناقب والميزات، وهذا حالُ من يحمل ذلك الكمّ الهائل من المعرفة ولا يرى من يقدر على حمله حتى راح ذات يوم يضرب على صدره وهو يقول: «إن ها هنا لعلمًا جمّا لو أصبتُ له حملة».٤، ولحزن الحظ أنهم راحوا يقارنوه بمن لا يساوي حتى غُرزةً في نعلهِ.

 _____

١- الآلوسي، الخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينيّة لعبد الباقي العمري، ص١٥.
٢-بحار الانوار ج٣١، ص٣٢١-٣٢٩.
٣-الشريف الرضي، نهج البلاغة، الخطبة ٢٥.
٤- المصدر السابق، الحكمة ١٤٤.

الامام علي
المجتمع
الخير والشر
الدين
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    آخر القراءات

    العنف ضد المرأة.. أشكال وأنواع وظلم بلا نهاية

    النشر : الثلاثاء 09 حزيران 2015
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    هل صرح القرآن الكريم بإسم الامام علي؟!

    النشر : الثلاثاء 11 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    ما علاقة التوتر بتساقط الشعر؟ 

    النشر : الثلاثاء 19 ايلول 2023
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    بوصلة الولاية

    النشر : الأحد 16 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الماء والنوارس

    النشر : الخميس 30 تشرين الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الفقر في منهج الإمام علي

    النشر : الخميس 25 شباط 2021
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 547 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 422 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 417 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 375 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 373 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 338 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1198 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1162 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1104 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1084 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1067 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 667 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة
    • منذ 2 ساعة
    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟
    • منذ 2 ساعة
    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة
    • منذ 2 ساعة
    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر
    • منذ 3 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة