• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الماء والنوارس

زينب الاسدي / الخميس 30 تشرين الثاني 2023 / تربية / 1640
شارك الموضوع :

القصة من ضمن المجموعة القصصية الفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة أم البركات

كانت الغيوم تحتبس في السماء وتنذر بهطول قريب اعتقدتُ دومًا أن المطر يخلق مزاجًا يثير التأمّل وقد اعتقد غير قليل من الشعوب والأقوام بقداسة الماء وقدرته على الشفاء وقد قال عنه الله عزّوجلّ وجعلنا من الماء كلّ شيءٍ حيّ، تناولتُ كأسًا منه وجئتُ به إلى فاطمة، كانت ممدّدة في غرفة لا تتجاوز بضعة أمتار مدّت في أرضه بساطًا من الجلد، يا لقدري الغريب! لماذا اختارني الله لأكون بقربها عند زواجها وعند مماتها، كنّا صديقتين وكانت هي الأقرب إليّ من كلّ نساء المدينة كانت ممدّدة بوجهها الملائكي المفرط في الهدوء والبراءة، استندتُ على سريرها، انهارت حواجز وانبثقت من ركامها فيوض فوّارة من الذكريات معيدة فتح جراح لم تلتئم، استذكرتُ اليوم الذي كنتُ عند خديجة في آخر لحظات حياتها، كانت قد ضعُفت ووهنت وبان عليها الاستسلام لمصيرها المحتوم ولكنّها كانت هادئة أيضًا، ترى هل أورثت هدوءَها فاطمة؟ أم أنّهما فهمتا فلسفة الموت والانتقال من الفرش نحو العرش والملكوت؟ أم كانت خديجة هادئة لأنّها أُشبعت بالمصائب وعانت ما عانت من صوادم الأيّام حدّ التخمة فلم تعد تقوى تحمّل المزيد ستنوب عنها فاطمة إذًا وتتولّى مهام أمّها في الذود عن الرسول، ولكن في يومها اغرورقت عينا خديجة بالدموع عندما اجتازت فاطمة الغرفة فقلتُ لها:

ما بالك يا خديجة ممّ تخافين وقد بشّرك الرسول بالجنة وأنت سيّدة نساء العالمين؟

استأنفت أمّ المؤمنين سكوتها هنيهة ثمّ كسرت الصمت الذي ران للحظة وقالت بصوت غلبت فيه نبرة الحزن:

  • يا أسماء تُرهقني فاطمة كلّما فكّرتُ بليلة زفافها، فهو يوم تحتاج فيه المرأة لمن تُفضي إليها بسرّها وتستعين بها على حوائجها وفاطمة صبيّة، أخاف أن لا يكون أحد بقربها.
  • فقلتُ لها:
  • يا سيّدتي لك عهد الله إن بقيتُ إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر..

كم كان يومًا جميلًا ومباركًا، كنتُ بجانبها كما وعدتُ خديجة أوليها الاهتمام وأوفّر احتياجاتها.. كانت يومذاك تحمل في شكلها وهيئتها بهجة تغالب السنين والذكريات الحزينة..

راحيل

كان زواج علي وفاطمة بسيطًا في الأرض ولكنّه أحدث صخبًا في السماوات فقد أُقيمت حفلة القران في السماء الرابعة عند البيت المعمور، كان الصخب مشتدًّا وقد أُعلنَت الاحتفالات والأفراح، احتشدنا في صفوف وقد بلغنا أربعين ألف ملك أشهَدَنا الله على عقد القران وقد نُصب منبرٌ من نور، كان راحيل من ملائكة حُجُب الله وليس في الملائكة أحسن منطقًا منه ولا أحلى لغة  أوحى الله إليه أن يعلو ذلك المنبر وأن يثني عليه بما هو أهله ثمّ أعقبه جبرئيل وقرأ خطبة العقد ثمّ أوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ والياقوت، فابتدرت إليه حور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت، فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة.

باركَ زواج علي وفاطمة سماواتِنا فكنّا نلوذ بهما كلّما اشتدّت علينا الأمور، حتى أن فطرس قد لاذ بهما عندما نزلنا نبارك لفاطمة وعلي ولادة الحسين وقد كان الله عزوجل عذّبه جرّاء تقصيره في العبادة فكسر جناحه ونبذه في جزيرة عبد فيها الله سبعمائة عام ولمّا ولدت فاطمة الحسين رآنا صاخبين نهبط ونصعد بين الأرض والسماء وقد كان جبرائيل يهبط في  ألف من الملائكة ليهنؤوا الرسول فحملوا معهم فطرس فقال النبي صلی الله عليه وآله وسلم: يا جبرئيل، قل له يقوم ويمسح جناحه بهذا المولود وعد إلي.

قال: فقام الملك ومسح جناحه المكسور بالحسين عليه السلام فعوفي من ساعته وصار كما كان.

النعش الحبشي

لم تبق الأيّام على حالها فقد تغيّرت وسقتنا من كأسها المرّة حدّ الارتواء، لم يسلم هذا البيت الذي أنشئ على الإيمان وقامت دعائمه على بركات الرسول ودعائه من كيد الأعداء وأحقادهم الجسورة مضت الأيام والشهور حتى جاورتُها في مرضها وعلّتها، تحرّكت فاطمة في فراشها، كان الألم هصورًا لم يترك لها أيّ خيار للمقاومة، تذوي كل يوم كزهرة تودّع الربيع، كانت تستأنس بي وتنسجم معي وتسكن إليّ و تبثّ آلامها، في يوم من أيّام مرضها كنتُ مسترسلة معها في حديث فقلتُ لها: عندما كنّا في الحبشة رأيتهم يصنعون نعشًا مختلفًا فيضعون أعمدة على أركان النعش حتى يرتفع الغطاء.

فلا يبين أي شيء ..

نظَرَت إليّ نظرة باردة فطنتُ من خلالها أنّ شيئًا يشغل بالها فبادرتني الكلام بصعوبة وبحشرجة متقطّعة:

  • لقد نحلتُ يا أسماء وذهب لحمي، ألا تجعلين لي شيئًا يسترني عند تشييعي، أريد من ذلك النعش الذي يُصنع في الحبشة؛ رحتُ أؤانسها في الكلام وأتجاذب معها أطراف الحديث علّها تهدأ ويرتاح بالها، ثمّ طلبتُ سريرًا جاؤوا به، قلبته على وجهه وجئتُ بشيء من جريد النخل فشددته على قوائمه ثمّ غطّيته بثوب، لمّا رأته فاطمة سُعدت به وندّت عن شفتيها ابتسامة فاترة ثمّ قالت: ما أحسن هذا وما أجمله لا تُعرف به المرأة من الرجل.

كنتُ أحاول جاهدة أن أخفّف عن قلبها المسكين ما كان ينوء تحته من ملايين الأطنان من المآسي التي كانت تطحنها طوال فترة غياب أبيها ووفاته.

كانت الأيّام عصيّة غير راحمة فقد خطفت منّا سرًّا من أسرار الوجود التي أرسلها الله من جنانه واستودعها أرضه، فلم تعرف كائناتها عظمة هذا السرّ وأبين حمله، رحيل فاطمة قصم ظهري وتركني أتجرّع مرارة الفقد، كانت صديقتي الأقرب والأحن، آه يا خديجة! لو عرفتِ بمصابها لطلبت منّي مرافقتها في وفاتها بدل زفافها، علّك تسألين ماذا فعلتُ يومها؟  الكلام كثير، وللكلام قدرة على التقطيع كالحسام أحيانًا! كنتُ بجانبها أيضًا عندما انسابت كالماء بينما رحتُ أنا أرمّم مسافات البعد، وأرتّق الجراح أرى عليًّا يتقلّب في أتون الغياب وأرى الحسنين مثل نورسين يحومان حول النعش يرومان الانتعاش.. أما هي فقد تابعت مسيرها في الفضاء اللامتناهي تكسر آفاق الانتظار..

فاطمة الزهراء
قصة
التاريخ
اهل البيت
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    يقظة قلب

    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    آخر القراءات

    نحو علاقة ايجابية بين العمّة والكّنه

    النشر : الأربعاء 23 آذار 2016
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    تمكين المرأة من خلال سيرة السيدة زينب

    النشر : الخميس 16 كانون الثاني 2025
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    ما هي الأوردة العنكبوتية وكيف يتم علاجها؟

    النشر : الأثنين 23 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    صيحة مسلمة

    النشر : الأربعاء 10 حزيران 2015
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    كيف ينبغي أن يستعد مرضى الصداع النصفي لشهر رمضان؟

    النشر : الأثنين 11 آذار 2024
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    من هو المسؤول عن الفقد والحرمان في بيت النبوة والإمامة؟

    النشر : السبت 01 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1013 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 457 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 367 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 358 مشاهدات

    القهوة لشيخوخة أفضل فقط للنساء

    • 349 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3448 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1068 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1013 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 993 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 979 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بوصلة النور
    • منذ 3 ساعة
    هذا هو الغدير الحقيقي
    • منذ 3 ساعة
    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟
    • منذ 3 ساعة
    يقظة قلب
    • الأثنين 16 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة