• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

جدتي.. المرآة الصافية

مروة حسن الجبوري / الأربعاء 18 كانون الثاني 2017 / حقوق / 4499
شارك الموضوع :

في صباح اليوم حصل معي مالم كنت اتوقعه بحياتي، حيث كنت واقفة عند النافذة اُطعم عصفورتي، وارتشف فنجان قهوتي الساخن، بينما كنت اتغنى مع عصفورت

في صباح اليوم حصل معي مالم كنت اتوقعه بحياتي، حيث كنت واقفة عند النافذة اُطعم عصفورتي، وارتشف فنجان قهوتي الساخن، بينما كنت اتغنى مع عصفورتي بالكلمات وتبادرني بزقزقة جميلة جدا، فيما يدور في رأسي بقايا الماضي وايام العز، ذاكرتي عنيدة معي، ترفض ان تمحي الذكريات فتجعلني ادور حولها، وتعرضها امام عيني بكل ما فيها من اوجاعها وافراحها، ايامها، وطفولتها المرهفة، الاهل والاصدقاء، كل هذه الذكريات تلاعب ذاكرتي العاجزة عن الهرب، لا احد يغيب عن مخيلتي، كلهم حاضرين، المكان والزمن والحدث، ثمة ذكرى عزيزة انا من احتفظ بها ولا اود ان احذفها مادام قلبي ينبض.

وهي ذكرى لامرأة كبيرة في العمر سمراء اللون، اعجمية اللسان، تجلس وسط الدار ومجدلة الشعر، نظيفة، انيقة المظهر، حنونة كحنان امي واكثر، تلف شعرها بعصبة سوداء، احنى الزمن ظهرها فأصبحت جميلة جدا بقصرها، الشيب غزى شعرها فما اجمل لون الشيب في شعر جدتي.

يديها الناعمة تشبه سنابل القمح، فغدت اصابعها تحلو وكأنها كتبت بها التسابيح، جدتي لا تعرف القراءة لكنها علمتني مالم تستطع ان تعلمني به المدارس، جدتي حكيمة في وقتها الطفل المريض تعرف وجعه وتسكن لوعه، الغريب يلجأ الى مرفأ الامان، الحزين يعرف من يمحي حزنه فيطرق الباب على جدتي.

لا تملك شيء لكنها اعطت وقدمت كل شيء، صبورة على النكبات، عظيمة في المواقف، تخفي دمعتها فتحكي الوسادة عن سيل دموعها ليلاً، وفي الصباح تتفقد الجيران وتطعم من تعرفهم، تجلسنا بقربها وتقص علينا قصص الماضي وتوصينا بوصايا القدماء..

 اسمعوا يا احفادي: في القديم كان هناك مالم يكن هنا موجود، كان الناس يفتقدون بعضهم، يتراحمون بينهم، يا احفادي في السابق كنا نلعب ونرتع، لم يكن هناك انترنت، يشغل الاولاد عن الاهل واللعب، ننام مبكرا، ونستيقظ مع صوت الديك، كل ما يهمنا اننا نأكل ونذهب الى بيت (الملة) التي كانت تعلمنا قراءة القرآن، وقتها لم اتعلم عندها كثيرا يا احفادي بسبب لغتي، تعلمت منها سور القصار، وكلما اقرأها اهدي ثوابها الى الملة، اما انتم يا احفادي فكل شيء في وقتكم متوفر ولا تملكون شيء!.

تتنهد جدتي وهي تسرح شعري، لا انكر اننا كنا مشاغبين معها نأخذ نظارتها فتغضب علينا وتدور حولنا وهي تحاول ان تمسك بنا، لكنها تلاعبنا في الدوران، تسبق ابوينا في ارضائنا، وتستر على قبائح اعمالنا،  لا ترى ولا تسمع، تخرجنا معها عند اسواق سيد عباس لتشتري لنا، لا تمانع مهما بلغ الثمن، وتكتفي بابتسامة منا.

مضت السنوات وكأنها كانت مؤقتة لنا، يحل الظلام وتغرب الذكريات مع غروب الشمس، جاء الظلام مسرعا، اختفت جدتي من عالمنا، ضاعت البسمة ورجعت لنا الدمعة، نشعر بان الايام كانت من الاحلام، وان فقد جدتي ضياع، يا ليتني ارتمي بحضنها واقول لها: كبرت جدا يا جدتي، احتاج الى نظرة منكِ، فانا متعبة وانتِ تعلمين اني لست مشاغبة، الدنيا هي من عاكستني،  فعلت معي افعال لم تحكيها لنا،  كنت تقولين ان غدا اجمل يا احفادي، غدا اصبح مخيفا وحزينا برائحة البارود في وطني.  

الحياة
الانسان
قصة
الحزن
الايمان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    تمكين المرأة من خلال سيرة السيدة زينب

    النشر : الخميس 16 كانون الثاني 2025
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    حتمية الطفوف وإشهار السيوف

    النشر : الأربعاء 27 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    هل أصبح البشر متعلقين عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟

    النشر : الخميس 12 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الأبناء.. الضحايا الأكبر للخيانة الزوجية

    النشر : الثلاثاء 22 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الغرق في متاهات الحياة

    النشر : الثلاثاء 02 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الأكل على متن الطائرة.. هل هو صحي؟

    النشر : الخميس 13 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ 22 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 413 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 367 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 345 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1081 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1063 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 5 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 5 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 5 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 6 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة