• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

صدى الجدران

مروة حسن الجبوري / الأثنين 28 ايلول 2020 / منوعات / 2110
شارك الموضوع :

جاء ذلك اليوم الذي شعر أن هناك عدو كاسر يهاجم جسده الضعيف فلا يملك غير سلاح الدعاء

بعد انتشار فايروس كورونا في الدول العربية لابد أنك صادفت يوما مصاب، أو يكون أحد أفراد عائلتك أو قد تكون أنت، هنا يوميات مسن في ردهة المعالجة، مسن قطع نصف قرن من عمره تلونت خصلات شعره باللون الأبيض فبدأ خريف العمر يرسم ملامحه، مع خوف من هذا الفيروس والتزامه بكافة الاجراءات الوقائية من ارتداء الكمامة والكفوف، ويتعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق.

إلا أنه جاء ذلك اليوم الذي شعر أن هناك عدو كاسر يهاجم جسده الضعيف فلا يملك غير سلاح الدعاء، توضأ بدموعه لعلها تنجيه من الألم، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، اثبتت اصابته بفيروس كورونا، وبدأت علامات الوباء تظهر، يغلي جسده كماء يغلي، شفتاه تتقطع من الحرارة، حتى تغيرت ملامحه، فأصبحت باهتة مضطربة، صرخة جسده وهو يئن لا جدوى من العلاج، يسكنه الصمت في ضجيج الردهات حتى تشعر انه فقد الحياة، لكنه في الحقيقة فقد الامل، بين جثث الاموات وعويل المحبين، يجلس الرجل المسن، الردهة تستقبل الحالات الطارئة وعلى مدار الساعة هناك من يرحل وهناك من ينتقل إلى ردهة أخرى وسعيد الحظ من يغادر الردهة بقدميه لا محمولاً على الأكتاف، كان يردد مع كل صرخة محب كان الله في عونهم هنيئا قد رحل في السماء يكمل علاجه فعلاجات الأرض قاتلة، باستغراب وحيرة كيف لرجل مسن بعد هذه التجارب التي قطعها من الحروب والهجرة هكذا يستسلم لفيروس صغير لا يكاد يرى بالعين المجردة.

قطع سؤالي وطلب أن ارفع درجة الأوكسجين أكثر، الهواء الذي يفاض من الأرض لا يصل إلى رئته، تغير لونه حتى تلك العروق أصبحت سوداء تشهق الهواء بقناع التنفس الاصطناعي، ثمة صراع بين الوقت والعمر، بدأ يسرد يومياته عندما كان يرقد في ردهة الحمايات رقم ( 8).

اعتاد أن يمسك المسبحة في أطراف يده، لكن حرارة جسده تفرط بحباتها فتسقط على الأرض، بدمعة ساخنة على وجنتيه، يطلب أن تعلق على رقبته كطائر في عنقه، وكلما أكمل من تسبيحة أدار حباتها مرة أخرى، ترتفع دعوات مرافقيه، عندما  تنخفض نسبة الأوكسجين، كنت أسمع أنفاسه المتصاعدة، كان يلهث ليحصل على نسمة هواء تدخل رئته، سعاله الجاف يفتق بتلك الحويصلات فتقذفها كأنها الراجفة. لا شيء هنا غير أصوات العويل تشاهد الميت وهو يدفع بعربة نحو ثلاجة الموتى أمام المصابين، حتى يشعروا أنهم اللاحقون بعده، فالسباق هنا يختلف كلما انخفض الأوكسجين تصل مسرعا لتلك الجثث الباقية.    

لا تصدق أن المريض الذي هرب منه الأبناء والأحبة أصبح الآن في ردهة الغياب وبين أعداد المنسيين، فيتصدق عليه المرافقين وبعض الممرضين في قضاء حاجته فترى دموعه تنهمر مع دعواته للخير لمن يساعده وهو يقول تركوني أولادي هنا،

(يوم يفر المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه..).. لم تأتِ الرادفة بعد حتى يفر الولد من مرافقه أبيه ويقوم في خدمته فيتركه أسيراً لتلك الأيادي، هل الفيروس يعيق بر الوالدين؟ فيتركهم امواتاً على قيد الحياة، تؤلمني صرخة الأم التي تقف عند النافذة تنتظر من يأتي لزيارتها، فتضرب الجدار بيدها وكأنها ضربت شهور الحمل وسهرها بذلك الجدار.  

يوميات مسن يرى تلك المشاهد ويسمع ورغم أنه مازال أسير تلك الردهات بين الحميات والانعاش لعلها الحياة تعود مرة أخرى، لا أحد يعرف النهاية وحده الله من يعلم، بين أبنائه من ردهة الانعاش يردد على مسامع أولاده رضي الله عنكم وأسعدكم فهو محمول على كف الرحمة والبر، بينما تغفى عيون الراقدين في انتظار زيارة لقريب أو حبيب، وآخر ما دونه المسن.

إن كميات العلاجات هنا لا توصف، فطبيب يجد العلاج الروسي هو المنقذ وآخر الليل يأتي طبيب آخر ويرفض العلاج ويقول الهندي أفضل وفي أول ساعات الصباح من يقول المصري هو العلاج الفريد، ومازالت الأموال تصرف حتى تجاوزت المعقول ولم يجد المصاب العلاج الشافي، ازرّق جسده وتراخت أعضاءه وبدأ يدخل مرحة الخطر، والقول هو أننا نجرب هذه العلاجات حتى نعرف النتيجة، مع نهاية اليوم قال الممرض في ردهة الانعاش: انتهت حلول الارض والأمر متروك للسماء.

كورونا
الازمات
الايمان
قصة
الحزن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    ابنتي.. احتفظي بيوم بلوغكِ

    النشر : الأثنين 02 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ ثانية

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    النشر : منذ 5 ساعة
    اخر قراءة : منذ ثانية

    كيف تتغلب على الخوف من ركوب الطائرة؟

    النشر : الأثنين 28 آب 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    أنا أرفق بابني

    النشر : الخميس 05 نيسان 2018
    اخر قراءة : منذ ثانية

    ماهي مقاييس لياقتك البدنية؟

    النشر : الثلاثاء 29 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ ثانية

    بودكاست مع الحسن بن علي.. رجلُ الفحوى

    النشر : الأحد 16 آذار 2025
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 370 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 362 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 336 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 328 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3453 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1085 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1008 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 994 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 5 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 5 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 5 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة