• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

هدى المفرجي / منذ 3 ساعة / اسلاميات / 220
شارك الموضوع :

من خلال هذا الحديث البليغ، علينا إدراك معنى الكلمة، والسعي لأن نكون أوفياء لأمانتها

كلماتٌ ارتمت في أحضانِ مسامعي، وهي تهدم شخصًا يعزُّ عليّ، فما كانت ردّةُ فعله إلا أن أنزل رأسه خجلًا، وامتلأت عيناه بالدموع.

حينها تساءلت: كيف لكلمةٍ بسيطةٍ أن تخلق جرحًا غائرًا في أعماقِ الإنسان؟ ثم تأتي الذاكرة بصوتٍ هادئ يذكّرني: وماذا عن جُرحك أنت، حين حبستَ الألم حتى تورّمت حنجرتك، سجنًا لصرخةٍ لم تخرج؟

أهو الألم الذي تجمّد في الداخل، أم الكلمات التي ارتدّت كطلقاتٍ صامتةٍ تمزّق الروح من داخلها؟

شيءٌ ما حينها قتلني في ذلك اليوم؛ لم يكن سُوء الجرح هو الأسوأ، بل ذلك التناقض القاسي بين عُمق الجرح وسخافة الاعتذار: "آسف، إن ما في قلبي على لساني"، ممزوجةٍ بضحكةٍ باهتة.

فيا لها من كلمة! أرذل من أن تُوصَف بأنها اعتذار، بل هي هروبٌ واضح، واتهامٌ صارخ للسانٍ يُزعَم أنه خرج عن السيطرة.

وهذا المشهد الشخصي ليس بمعزلٍ عن عالمنا، بل هو جزءٌ من سماءِ خطابِنا العامِّ المتبلّد، منطلقًا من بيوتنا، وعدم الانتباه للكلام حتى يصل إلى المجتمع الخارجي، سواءً واقعيًا أو في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتحول الكلمات إلى قنابلَ موقوتةٍ يرميها القاذفون من خلفِ شاشاتهم، ليأتوك بعدها بحُججٍ هشّة: "لم أقصد"، أو "السياق خانني"، متناسين أن للكلمة مسؤوليةً قبل أن تكون تعبيرًا، وأمانةً قبل أن تكون رأيًا.

للكلام صوارمُ تقطع، وأزهارٌ تشفي

تقف كلماتُ الإمام عليٍّ (عليه السلام) وقفةَ حزمٍ أمام مثل هذه الأفعال، فيقول:

"لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ".

وهنا يكشف عليه السلام الحقيقة التي يحاول الجارح إخفاءها: فلا تكن مخدوعًا، فما قذفه لسانُه لم يخرج من فراغ، بل من قلبه.

ومن خلال كلماتِ سيدِ البلغاء ندرك أن "لسان العاقل خلف قلبه" تعني أنه يُروِّضه ويُصفِّيه، ويتأكد من طهارة ما يخرج منه، فلا ينطق إلا بما يصلح، ولا يقذف إلا بما يُنمِّي.

أمّا الأحمق، فقلبه تابعٌ للسانه العابث، يُلقي بالكلمات كالحصى، لا يُبالي بما تُحدِثه من دمٍ أو ألم، غير مُدركٍ أن لسانه ليس حيوانًا طليقًا بلا صاحب كما يزعم، بل هو الترجمان الأمين لما يخطر في قلبه.

فالكلمات التي تُقال في لحظة غضبٍ أو استهتار، ليست سوى حجارةٍ كانت ملقاة في قاع القلب، فجاءت اللحظة المناسبة ليقذف بها لسانه نحوك.

والاعتذار بهذه الصورة العقيمة هو إقرارٌ صامت بأن هذه الحجارة جزءٌ من بناء نفسه، وأن قلبه وعاءٌ لكل ما هو ثقيلٌ وخطير، لذلك لا يغرنّك اعتذارٌ يجعل من لسانِ المقابل شيطانًا مستقلًّا عن إرادته.

فالعاقل مالكٌ لزمام قلبه ولسانه، والجارح الجاهل لسانُه هو الحاكمُ المطلق لقلبه الفارغ.

وكما أن للقولِ فلسفةً، فإن للاستماع آدابًا وحكمة، فحين يتوجّه إليك أحدُهم باعتذارٍ صادق، كُن متسامحًا لتقبّله، وحكيمًا لتميّز الصادق من غيره.

ولكن لا تسمح لأحد أن يجعل من لسانه سيفًا يصول ويجول، ثم يطلب منك أن تمسح الدماءَ بكلمة "آسف" عابرة.

فالصمت عن الجاهل أحيانًا حكمة، ولكن وضع حدودٍ واضحةٍ للكلام المسيء هو الحكمةُ كلها.

ومن هنا تأتي الترجمة العملية لحكمة الإمام عليٍّ عليه السلام، فهي ليست مجرد كلماتٍ نرددها، بل خارطةُ طريقٍ لترويض النفس.

لذلك عزيزي:

توقف لحظة، وامسك بزمام ذلك اللسان "الشقي" قبل أن يسبقك إلى الهاوية؛ فليست القوة أن تتكلم، بل القوة أن تملك نفسك عند الغضب.

اسأل نفسك: لماذا أريد قول هذا؟

وفي هذه اللحظة من التأمل تكمن لحظة اكتشاف الذات؛ فيها تكتشف تلك "الحجارة" في قاع القلب قبل أن تقذفها وتجرح بها من حولك.

تأكد من ضرورة الكلمة وصحتها ولطفها، فليس كل ما يُعرَف يُقال، وليس كل ما يُقال يُحسَن قوله.

فقم بتصفية ما في قلبك قبل أن يصل إلى لسانك، لأن الكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الخبيثة جريمة.

ومن خلال هذا الحديث البليغ، علينا إدراك معنى الكلمة، والسعي لأن نكون أوفياء لأمانتها، ونعيد هندسة علاقتنا مع أقوى أسلحتنا وأخطرها، ألا وهي ألسنتُنا.

فكما أن الكلمة يمكن أن تكون قبرًا، يمكنها أن تكون حديقةً غنّاء. فلنقتدِ بسيد البلغاء (عليه السلام)، فلا نضع قلوبنا في أيدي ألسنتنا العابثة، بل نروّض ألسنتنا لتُترجم فقط عن طهارة قلوبنا وصفاء نفوسنا.

ولْيكن لساننا دائمًا وراء قلوبنا، ننطق بما يريده القلبُ الطيب، لا بما تهواه الأنانية وتدفع إليه الغفلة. ففي النهاية، ليست كلماتُنا سوى مرآةٍ لأرواحنا، فاجعل مرآتك نقيّة، تنعكس عليها أزهارٌ تشفي، لا صوارمُ تقطع.

الامام علي
المجتمع
الكلمة
الألم
القيم
الوعي
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    إخفاء الهوية في مواقع التواصل الاجتماعي.. اغتراب قسري أم اختيار شخصي؟!

    النشر : الثلاثاء 23 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    ووندوز 10 يتيح لك مراقبة طفلك

    النشر : الخميس 27 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    أنثى الشرق.. عطاء لا ينضب

    النشر : الخميس 16 آذار 2023
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    كيف نتخلص من الأشخاص السلبيين في حياتنا؟

    النشر : الأحد 07 نيسان 2024
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    نادي أصدقاء الكتاب يناقش: قاعدة الثواني الخمس

    النشر : السبت 09 كانون الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    إلى كربلاء: دراسة فكرية عن الزائرين

    النشر : الثلاثاء 22 تشرين الاول 2019
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 555 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 487 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 429 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 379 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 355 مشاهدات

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    • 325 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1203 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1170 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1108 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1088 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1070 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 680 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • منذ 3 ساعة
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • منذ 3 ساعة
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • منذ 3 ساعة
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • منذ 3 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة