• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

كيف يتحقق الاحترام عبر اللهجة العراقية؟

سمانا السامرائي / الأحد 04 آيار 2025 / ثقافة / 635
شارك الموضوع :

ألا يُذكر الاسم في المحادثات العامة مطلقاً، باعتباره حرمة من الحرمات، فيُستعاض عنه بـ "عفواً"

يعتمد الوعي الإنساني بالآخر على عدة عوامل، بعضها يحتاج إلى الخبرة والدراية لفهمها وفهم أبعادها، وإن كانت تترك أثراً فورياً على الشعور، والبعض الآخر أبسط قليلاً، كما في "الكلمة" التي يفهمها السواد الأعظم.

وفي مجتمعنا العربي عامة، والعراقي تحديداً، نستخدم لغة عالية الاحترام، شديدة التهذيب، ننتقي المفردات كما ينتقي المرء من الجواهر أفضلها وأنقاها، وهو ما يجعل الآخر مستريحاً في حدوده الشخصية، قادراً على التركيز على أهداف اللقاء المُعلَنة، بعيداً عن ثقل المشاعر الشخصية والاعتبارات غير الضرورية الأخرى.

ثم جاءت الموجة الأمريكية التي آمن بها الجميع دون نقاش، والمستلة من قواعد قد تكون مناسبة للمجتمع الأمريكي بأحسن تقدير، والتي قد تكون – في حقيقة الأمر – غير مناسبة، وغير لائقة بأحد مطلقاً، سوى مجموعة من المهرطقين على الإنترنت الذين مُنحوا منصات للتحدث والتشدق ونيل الشهرة.

ومن بين أجمل ما كان سائداً في اللهجة العراقية أمورٌ أربعة أقف عندها بكثير من التقدير:

أولها: ألا يُذكر الاسم في المحادثات العامة مطلقاً، باعتباره حرمة من الحرمات، فيُستعاض عنه بـ "عفواً"، "بلا زحمة"، "من رخصتكم"، وما إلى ذلك، للفت الانتباه قبل طلب شيء ما أو التحدث عموماً. وعند الاضطرار لاستخدام الاسم، يُسبق بلفظة "أستاذ/ست"، "دكتور"، "مهندس"، "حضرتك"، وغيرها، لإضافة غلالة على الاتصال البشري تُذكّر بحفظ حدود الود والاحترام، وتؤكد على ضبط النفس، وتقديم التفهم والتعقّل على التسرّع ودفقات الشعور المهتاجة.

ثانيها: استخدام صيغة الجمع وعدم استخدام الضمائر المفردة عند التحدث مع الأشخاص الأكبر سناً، أو الأعلى مقاماً، أو الغرباء، أو ممن لا تربط بينهم علاقات خاصة، بل علاقة عامة.

إن هذا الأسلوب يُؤطر العلاقات بوضوح، ويرسل رسالة مفادها أن ما يحضر في هذه اللحظة الاتصالية هي الذوات العامة، وأنك تتحدث حينها لا كفرد يطفو في الزمن، بل ككيان يحمل إرثاً وتأريخاً، مستحضراً شرف أسرتك وسموّ قيمك وعمق نظرتك، ومستودِعاً الكلام سمعتك المستقبلية. وهذا الثقل الممنوح للكلمة يُهذّبها ويزيدها رزانة وسداداً، فهي ليست عابرة، بل هي تعبير عنك، وكل ما يرتبط بك، وتمتدّ منه ويمتدّ منك، هي حالة دائمة من رسمٍ لقصتك بكلماتك.

ثالثها: إن اللغة العربية، واللهجة العراقية تحديداً، غير آمرة إلا مع الطفل أو عند شحذ الهمم، ففي الحديث المعتاد نقول: "إذا تسمحون"، "من يصير لكم وقت"، "بلا زحمة عليكم"، "بلا أمراً عليكم"، "من فضلكم"، "لو تحبون"، "حسب ما تشوفون"، وغيرها من العبارات التي تضمن عرض الموضوع بصراحة، وتترك مساحة للآخر أن يقرر ما يشاء دون ضغط، مع كثير من الاعتبار لتجربته الحياتية ورؤاه الشخصية.

وأخيراً: التورية، فلا يُصرَّح بالمواضيع الحساسة، أو التي لها وقع أليم أو مزعج أو مقلق، أو ببساطة تشكّل جزءاً من الخصوصية، بل يُستعاض عنها بكلمات أخف، وتُستخدم كلمات تدل على المعنى، مثل "ذلك المرض" إشارة إلى "مرض السرطان"، و"ارتباط"، "العائلة"، "أم/راعي البيت" بدلاً من "زواج" و"الزوج/الزوجة"، لما في المفردات الأصلية من ألم أو درجة عالية من الخصوصية.

وهو ما يمنح المحادثة العامة بهاءً ونبلاً، فتمرّ على القائل والسامع مروراً حسناً، فيُدرَك المعنى دون أن تمتعض النفس أو تشعر بأن حدودها مخترقة. فقبل أن تصبح أسرار العائلات على الشاشات بشكل مجاني وفاضح، كان كل شيء يُعدّ سراً من أسرار المنزل التي لا تخرج خارج الأبواب مهما حصل – ولذلك في إفراطه مساوئ لا ننكرها في مقالنا هذا –، ولذلك عندما يضطر المرء للولوج في خصوصيات المقابل، يدرك أنه في أرض مقدسة، حرم الآخر الذي يجب ألا يُهتك، لذلك يلج بكثير من الحذر والمراعاة والانتباه.

إن اللغة العربية، بلهجاتها المختلفة ومنها العراقية، تضع الاحترام عنواناً، وتُؤطّره بطرق عدة ذات قيمة عظيمة ومُهذِّبة للناطقين بها، طرقٍ صنعها تراكم الأزمان، وهذّبتها الحضارات والأديان المتعاقبة.

ووجود من يستخدمها على نحو خاطئ لا ينفي أصالتها، ولا يأخذ ببريقها، ولا يُضيّع معانيها، فهي تؤكد على حماية الشعور والخصوصية بعزلها عن الأماكن العامة، وتضع حدوداً تلقائية لمستخدمها دون جهد منه، وتجعل الأحاديث الودية الحميمة للمقرّبين، وتؤكد على استخدام لغة لائقة للمكان والزمان المناسبين، وتمنح العلاقات الإنسانية تصنيفات لا يحدث فيها لبس، ولا تشتبه فيها الصفات والمراكز والتسميات، وتُحقّق بذلك الإنجاز المنشود للأهداف المقرّرة للاجتماع الإنساني، فلا تتبدد الجهود نتيجة لطغيان "شعور الأنا" في مساحات العمل، ولا تغمر الأحاديث الخاصة سماتٌ رسمية، بل إنها تشجّع على استخدام أسلوبين مع الشخص ذاته في اليوم ذاته إن تباينت الأدوار خلال ذلك اليوم.

إن تقدير الآخرين وحماية حدودهم، لغةً وفعلاً، هو تقدير للنفس وحماية للحدود الشخصية، فهي دعوة ذات سطوة للآخر للتعامل بالمثل، وتشجيع لخلق بيئة قائمة على مبدأ "لكل مقامٍ مقال"، مما يُسكن العقل ويُذهب عنه الارتباك.

العراق
السلوك
الاخلاق
العادات والتقاليد
الشخصية
المجتمع
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    آخر القراءات

    اشعارات الهاتف.. دُفعات من البهجة المتعبة للعقل

    النشر : الأثنين 07 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    طرق للتنفيس عن الغضب.. تعرف عليها

    النشر : الخميس 04 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الكرونوفوبيا: الرهاب من المستقبل

    النشر : الثلاثاء 08 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    عشائر بني اسد.. تُجدد الولاء لشهداء واقعة الطف

    النشر : الأثنين 24 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    المدارس الاهلية.. بين الخدمات العالية ومستوى التعليم المتدني

    النشر : الثلاثاء 26 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    اخطبوط العصر الحديث

    النشر : الخميس 26 آيار 2016
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 337 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1090 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 24 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 24 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 24 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة