• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

حين يُصافح الحقُّ يدَ الظلم: مداهنة لا تُغتفر

فهيمة رضا / الأربعاء 04 حزيران 2025 / ثقافة / 754
شارك الموضوع :

وسوف نندهش أكثر لو علمنا أن حتى صمتنا يؤثر على الكون، ويزيد في السعادة أو الشقاء

في يومٍ لا ينفع مالٌ ولا بنون، لا نستطيع أن نخلق الأعذار، فنقول: لم يكن ذنبي، بل ذنب عيني ولساني وفؤادي، بل كما ورد في الآية المباركة:

﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾.

وكما أن كل راعٍ مسؤولٌ عن رعيته، فإن رعاية الجوارح والجوانح من واجب الإنسان.

ما ينظر إليه الإنسان، حتى وإن لم يضع “الإعجابات”، يساهم في رفع عدد المشاهدات، ويزيد من درجة نجاح الجهة المعنية، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشرّ.

وسوف نندهش أكثر لو علمنا أن حتى صمتنا يؤثر على الكون، ويزيد في السعادة أو الشقاء حسب أصل الشيء وجوهره.

لذلك من الجميل أن نشير إلى قول مولانا الإمام الباقر (عليه السلام)، عالم آل محمد، حيث قال:

“إن الله عز وجل أوحى إلى شعيب النبي (عليه السلام): إني معذِّبٌ من قومك مائة ألف؛ أربعين ألفًا من شرارهم، وستين ألفًا من خيارهم.

فقال: يا رب، هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟

فأوحى الله إليه: أنهم داهنوا أهل المعاصي، ولم يغضبوا لغضبي.“¹

فهناك خلطٌ بين المداراة والمداهنة في أذهان الناس؛ فأحياناً يظن الفرد بأنه يُداري الطرف الآخر، لكنه في الواقع يُسانده في ظلمه وظلم الآخرين.

فيكون من صنّاع الظلام الفُجّار، أو يركن إلى الحكّام الفاسدين، فيُشارك في الإفساد ويشجع الفاسدين على فسادهم.

بينما المداراة سلوكٌ إيجابي يُساق به المخطئ إلى الإصلاح، أما المداهنة فهي تشجيع وتحفيز على الظلم.

وقد روى أبو عثمان الجاحظ عن جُلام بن جندل الغفاري، قال:

كنتُ عاملاً لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان، فجئتُ إليه يوماً أسأله عن حال عملي، إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول:

“أتتكم القِطَارُ بحَملِ النار، اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له.”

فازبأر معاوية وتغيّر لونه، وقال: يا جُلام، أتعرف الصارخ؟

فقلت: اللهم لا.

قال: من عذيري من جندب بن جنادة؟ يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت. ثم قال: أدخلوه.

فجيء بأبي ذر بين قومٍ يقودونه حتى وقف بين يديه، فقال له معاوية: يا عدو الله وعدو رسوله، تأتينا كل يوم فتفعل ما تفعل؟

أما إني لو كنتُ قاتلاً رجلاً من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك، ولكني أستأذن فيك.

قال جُلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر، لأنه رجلٌ من قومي، فالتفتُّ إليه فإذا رجلٌ أسمر، ضاربٌ من الرجال، خفيف العارضين، في ظهره حناء.

فأقبل على معاوية وقال:

ما أنا بعدوٍّ لله ولا لرسوله، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله. أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر.

ولقد لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعا عليك مرارًا أن لا تشبع.

سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:

“إذا وَلِيَ الأمّةَ الأعْيَنُ الواسعُ البلعوم، الذي يأكل ولا يشبع، فلتأخذ الأمةُ حذرها منه.”

فقال معاوية: ما أنا ذلك الرجل.

قال أبو ذر: أنت ذلك الرجل، أخبرني بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسمعته يقول وقد مررتُ به:

“اللهم العنه، ولا تُشبعه إلا بالتراب.”

وسمعته يقول: “أسيتَ معاوية في النار.”

فضحك معاوية وأمر بحبسه، وكتب إلى عثمان فيه، فكتب عثمان إلى معاوية:

“احمل جنيدبًا إليَّ على أغلظ مركبٍ وأوعره.”

فوجه به من سار به الليل والنهار، وحمله على شارفٍ ليس عليها إلا قَتَب، حتى قُدِّم به المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.

فلما قدم، بعث إليه عثمان: أنِ الْحقْ بأي أرضٍ شئت.

قال: مكة.

قال: لا.

قال: بيت المقدس.

قال: لا.

قال: أحد المِصرين.

قال: لا.

قال: ولكني مُسَيِّرك إلى الرَّبذة.

فسيّره إليها، فلم يزل بها حتى مات.²

كان أبو ذر دائمًا يرفع صوته بالحق، ولم يرضَ بالظلم الأموي، حتى قضى نحبه في صحراء الرَّبذة وحيدًا. وكان ذنبه الوحيد أنه لم يُداهن السلطة الأموية.

وفي النهاية، نختم الكلام بقول الإمام الباقر (عليه السلام)، حيث نرى نحن أنفسنا: أين؟ وفي أي صنف؟ ومع من؟

"إذا أردت أن تعلم أن فيك خيراً، فانظر إلى قلبك، فإن كان يُحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته، ففيك خير، والله يحبك.

وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته، فليس فيك خير، والله يبغضك، والمرء مع من أحب.“³

إن الأمر أدق مما نظن؛ حتى الحالات القلبية محسوبة عند الله تعالى، فلا مجال للكذب والادعاءات الواهية.

قلوبنا مكشوفة أمام الله سبحانه وتعالى، وهو يعلم مدى وقوفنا مع الحق أو الباطل!

فلنراجع أنفسنا ليومٍ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.

⸻

المصادر:
١. بحار الأنوار، ج12، ص386، ح12؛ الجواهر السنية، ص28
٢. بحار الأنوار، ج22، ص416
٣. أصول الكافي، ج2، ص103، ح11؛ وسائل الشيعة، ج16، ص183، ح107:32
الامام الباقر
الظلم
الحق
الدين
الفكر
المجتمع
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    آخر القراءات

    اشعارات الهاتف.. دُفعات من البهجة المتعبة للعقل

    النشر : الأثنين 07 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    طرق للتنفيس عن الغضب.. تعرف عليها

    النشر : الخميس 04 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الكرونوفوبيا: الرهاب من المستقبل

    النشر : الثلاثاء 08 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    عشائر بني اسد.. تُجدد الولاء لشهداء واقعة الطف

    النشر : الأثنين 24 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    المدارس الاهلية.. بين الخدمات العالية ومستوى التعليم المتدني

    النشر : الثلاثاء 26 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    اخطبوط العصر الحديث

    النشر : الخميس 26 آيار 2016
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 337 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1090 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 24 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 24 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 24 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة