• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

روح العروق

ولاء عطشان / الأثنين 05 آذار 2018 / ثقافة / 2871
شارك الموضوع :

يستند الطبعيون في تقسيمهم للأنواع إلى مشاهدتهم بعض الصفات التشريحية التي تظهر منتظمة ثابتة بالوراثة، واليوم نعلم أن هذه الصفات تتحول بتبدّ

يستند الطبعيون في تقسيمهم للأنواع إلى مشاهدتهم بعض الصفات التشريحية التي تظهر منتظمة ثابتة بالوراثة، واليوم نعلم أن هذه الصفات تتحول بتبدُّلات غير محسوسة تتراكم وراثةً، ولكننا إذا نظرنا إلى الأزمنة التاريخية القصيرة وحدها أمكننا أن نقول إن الأنواع لا تتغير.

وحين طُبِّقت مناهج الطبيعيين في التقسيم على الإنسان أظهرت لنا أمثلة متمايزة، وهي حين استندت إلى الصفات التشريحية الواضحة، كلون البشرة وشكل الجمجمة وحجمها، أمكنها أن تقرر اشتمال الجنس البشري على أنواع مختلفة متغايرة إلى الغاية متباينة الأصول على ما يحتمل، ويرى العلماء المحافظون على التقاليد الدينية أن هذه الأنواع هي العروق فقط، ولكن الأمر هو – كما قيل بحق: "أن الزنجي والقفقاسي، إذا كانا من فصيلة الحلزون، يقرَّر علماء الحيوان بالإجماع أنهما نوعان مختلفان لا يمكن أن يولدا من زوجين افترقا عنهما بالتدريج".

ولا تحتمل تلك الصفات التشريحية، ولا سيما التي يمكن أن تنالها يدُ التحليل، غير تقسيمات عامة موجزة، ولا يظهر اختلافها إلا في الأنواع البشرية البادية التباين؛ كالبيض والزنوج والصُّفر مثلاً، غير أن هنالك أمماً كثيرة التشابه من الناحية الجثمانية شديدة الاختلاف في شعورها وسيرها؛ ومن ثمَّ في حضاراتها ومعتقداتها وفنونها، أفيمكن أن يُنْظَم الإسباني والإنكَليزي والعربي في زمرة واحدة؟ ألا تبدو الفروق النفسية بينهم لكل ذي عينين؟ ألا تُقرأ هذه الفروق في كل صفحة من تاريخهم؟

وقد أريد – عند عدم الاختلاف في الصفات التشريحية – أن يُستند في تقسيم بعض الشعوب إلى عناصر مختلفة كاللغات والمعتقدات والزُّمر السياسية عن تقديمه من عناصر التقسيم عرَضه علينا علمُ النفس، وعلم النفس هذا يدل على أنه يوجد خلف نُظُم كل أمة وفنونها ومعتقداتها وانقلاباتها السياسية ما يصدر عنه تطور هذه الأمة من صفات خُلقية وذهنية، ومن مجموع هذه الصفات يتألف ما يُسمى روح العِرْق.

لكلِّ عِرْق مزاجٌ نفسي ثابت ثبات بِنْيِتِه التشريحية، ولا نرى ما يدعو إلى الشك في وجود نسب بين المزاج النفسي وتركيب الدماغ، ولكن العلم لم يبلغ من التقدم ما يُكْتَنَه به هذا التركيب؛ ولذلك يتعذر علينا اتخاذه أساساً للبحث، وهذا إلى أن معرفة ذلك التركيب لا تُغيِّر شيئاً من وصف المزاج النفسي الذي يُشْتقُّ منه فتبديه لنا المشاهدة.

والصفات الخُلقية والذهنية التي يتألف من اقترانها روح الشعب هي عنوان لخلاصة ماضيه وتراث أجداده وعوامل سيره، وفي بعض الأحيان تلوح تلك الصفات أول وهلة كثيرة التقلب لدى أفراد العرق الواحد، غير أن البحث الدقيق يدل على اتصاف معظم أفراد هذا العرق في كل وقت بصفات نفسية مشتركة ثابتة ثبات الصفات التشريحية التي تُتَخذ في تقسيم الأنواع، والصفات النفسية كالصفات التشريحية تنتقل بالوراثة انتقالاً منتظماً مستمراً.

والمؤثرات التي يخضع لها الفرد وتوجِّه سيره ثلاثة أنواع؛ فالنوع الأول – وهو أهمها لا ريب – هو تأثير الأجداد، والنوع الثاني هو تأثير الآباء القريبين، والنوع الثالث – وهو الذي يُعتقد أنه أقوى العوامل مع أنه أضعفها على العموم – هو تأثير البيئات، وما تنطوي عليه من مختلف المؤثرات الفيزيائية والأدبية التي يخضع الإنسان لها ما دام حياً ولا سيما في إبان تربيته، لا تؤدي إلى غير تغيير ضئيل، والبيئات لا تؤثر بالحقيقة إلا عندما تركمها الوراثة في صعيد واحد زمناً طويلاً.

يتألف روح العرق من اجتماع ما يأتي به أفراد البلد الواحد من الأفكار والمشاعر حين يولدون، وهذه الروح، وإن كانت خفية في جوهرها، ظاهرة كثيراً في آثارها، وهي تسيطر على تطور الأمة بالحقيقة.

وإذ كان الأموات أكثر من الأحياء بما لا يُحصى فإنهم أقوى من الأحياء بما لايُحصى، فالأموات يسيطرون على دائرة اللاشعور الواسعة؛ تلك المنطقة الخفية التي يصدر عنها جميع مظاهر الذكاء والأخلاق، والشعب مسيّر بأمواته أكثر مما بأحيائه، الأموات في القرن بعد القرن هم الذين أوجدوا أفكارنا ومشاعرنا، ومن ثمّ جميع عوامل سيرنا، والأجيال الغابرة تفرض علينا أفكارها فضلاً عن مزاجها الجثماني، ونحن نحمل وزر خطايا الأموات ونقتطف ثمرة فضائلهم.

ومهما يكن أمر العرق الذي يُبحث فيه اليوم، وسواءٌ أكان هذا العرق متجانساً أم غير متجانس، فإنه يجب أن يعد عرقاً مصنوعاً على الدوام، لا عرقاً طبيعياً ما دام قد تمدَّن ودخل ميدان التاريخ منذ زمن طويل، واليوم لا تجد العروق الطبيعة إلا عند الهمج، وعند الهمج وحدهم تستطيع أن تبصر أمماً خالصة من كل اختلاط، وأما معظم العروق المتمدنة فعروق تاريخية.

ولا نشغل أنفسنا الآن بأصول العروق، وليس من المهم أن تكون العروق قد كوّنتها الطبيعة أو كونها التاريخ، وإنما الذي يهمنا هو أخلاق هذه العروق التي تمت في ماضٍ طويل، وهذه الأخلاق إذ أُمسكت في قرون بفعل أحوال عيش واحدة، وهذه الأخلاق إذ تراكمت بالوراثة، اكتسبت مع الزمن ثباتاً وعيَّنت مثال كل أمة.

من كتاب (السنن النفسية لتطور الأمم) للكاتب غوستاف لوبون
الانسان
العلم
التاريخ
الحياة
الاخلاق
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    خطوات القراءة المتعمقة وأهميتها

    النشر : الأربعاء 26 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    ماهي المهام الثلاث للحياة؟

    النشر : السبت 25 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    المرأة والزهرة تؤامان

    النشر : الأثنين 03 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الحسين.. ماضي موروث ومستقبل متجدد

    النشر : الأربعاء 26 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    المرأة زهرة الحياة

    النشر : الأثنين 13 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    أكتوبر الوردي.. شهر التوعية المبكرة لتفادي سرطان الثدي

    النشر : الأحد 04 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ 27 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 555 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 488 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 433 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 379 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 355 مشاهدات

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    • 325 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1204 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1170 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1109 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1089 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1070 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 680 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • منذ 6 ساعة
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • منذ 6 ساعة
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • منذ 6 ساعة
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • منذ 6 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة