• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وهن القلاع

زينب الاسدي / السبت 14 نيسان 2018 / ثقافة / 2128
شارك الموضوع :

كان النسيم القادم من السفوح الجبلية يدغدغ وجناته ماراً بكل مساماته المتراصة ومعانيه الطفولية, بدءاً بخصلات شعره الشقراء المتناثرة على جبين

كان النسيم القادم من السفوح الجبلية يدغدغ وجناته ماراً بكل مساماته المتراصة ومعانيه الطفولية, بدءاً بخصلات شعره الشقراء المتناثرة على جبينه العريض المشرف على عينيه البنيتين، وأنفه المدبب الصغير المحشور بلطافة هندسية في محياه البرئ الذي بدأ يأخذ قالباً يافعاً وهو يتقافز فوق جداول العمر وقد أحصى منه إثنا عشر عاماً.

كان قيس جالساً قرب الدار يراقب عن بعد دجاجته وهي تتقدم موكب فراخها، لا تكف من التقاط الحبوب المتناثرة هنا وهناك، داعية إياهم لتكرار العملية، من يا ترى علمها الاهتمام بصغارها بهذه الدقة؟! فكرة راودته وخطفت ثوان من انتباهه قبل أن تتطاير مسرعة وهو يسمع أصوات الفرح والسرور المتعالية مبشرة بولادة أخته الصغيرة.

أخذ يتقافز مبتهجاً، دخل الدار مهرولاً ماراً بالدهليز الطويل المؤدي في نهايته إلى الغرفة التي تعلو الأرض بدرجتين، ليجد أمه في حال يرثى لها، بينما تحمل أيادي القابلات المولودة الجديدة، وقد عمت في الأجواء نشوة الفرح بعد هذه الولادة المتعسرة.

كانت أخته ناعمة جداً وصغيرة، حتى أن إصبعاً واحداً منه يكفي ليحشر في كل كفها؛ غريبة هذه المخلوقة الضعيفة القادمة من عالم آخر، والتي حازت على اهتمام والدته المنكفئة على رضاعتها ليل نهار.

مضت الأيام وهو يراقبها تكبر كلما شربت من ذلك السائل السحري.

سمع يوماً على سبيل الصدفة إحدى النساء توصي أمه بشرب الكثير من الماء فإنه يدر اللبن بغزارة نظراً لحرارة الشمس وضراوتها في النهار.

لم تكن حال القبيلة بهيجة كما في دارهم؛ فقد أخذت نواقيس الحرب والحصار، تضج مضاجع الرجال الذين لا يكفون عن التداول في أمورها.

راح أحدهم يتكلم بصوت جهوري عال وخطوط الاستنكار تخط حنايا جبينه:

لا يمكن هذا! إذا قطع المسلمون خارج الحصون موارد الماء سنهلك جميعا لا محالة، سيذبل الزرع خلال أيام وتجف الجرار بعد ساعات.

قال آخر منبرياً:

لنخرج مهاجمين قبل حلول الكارثة فهذا هو الموت بعينه!

استأنف شاب بدت عليه مظاهر المعرفة:

لماذا لا نبني مخازن للمياه؟ سوف تكفي لحين حفر آبار جديدة لربما داخل القلاع وهكذا نتدارك الموقف.

صاح من نهاية المجلس أحدهم معترضاً:

غير معقول! ليس لدينا الوقت الكافي.

بدا هياج أصواتهم بمثابة نعي جنائزي متعال، اخترق كل وجوده، وهو يتمخض في مناقشات

 ومجادلات لا تعرف النهاية. تقوقع في ذاته مكتئباً يعتصره الألم.

أول ما راح يفكر به اللبن الذي لا يدر من صدر أمه إلا بالماء، تنهد عميقاً ثم توجه نحو الجرة القابعة في زاوية الدار وحركها؛ تلاعب الماء في قعرها مصدراً أنيناً مجهولاً أصابه بقشعريرة مزعجة، حملها و توجه نحو النهر ليملأها ويعيدها مكانها كما كانت، ثم راح يرنو بنظرة إلى الدجاجة المحتشدة مع فراخها حول القدح تعلمهم رشف قطرات الماء.

مر أسبوع وحالة الاستنفار طاغية في جنبات الحصن.

أخذت الأحداث المرة تفسد بهجة الحياة، لم يعد قيس يشاهد البسمات على وجوه المارة المتسكعين في الأزقة كما إعتادها  فقد حل الوجوم  مكانها بترقب مميت.

كل شيء كان يبدو خائفاً من سياسة الحرب ومكر القادة ودهائهم.

رزحت خيبر في بهت تام شل قواها وهي تتوجس خيفة المصير المجهول.

في الصباح، انقشع الليل بظلامه الدامس، لتتوج الشمس جبين السماء، مشرقة مفعمة بالحيوية والنشاط ، تبعث بأشعتها نحو الكروم والمزارع.

كان ذلك اليوم غير الأيام؛ بدت فيه الورود فواحة والعصافير صاخبة أكثر من ذي قبل.

تراكض الرسول في طرقات القرية وهو ينادي بلهجة توحي بالجذل والسعادة:

أيها الناس!

أيها الناس!

لن يقطع الماء!

منع رسولهم محمد قطع موارد الماء!

أيها الناس!

انقشعت غمامة الهم لما علت الزغارد في كل مكان، وطفحت تباريح الأمل تحوم في أجواء القلاع الخيبرية التي بدت عملاقة لا تقهر، بعد أن قضت الليالي ساهرة وهي تنتظر قرار الرسول (ص)، الذي خط شموخ الإنسانية مستهزئاً بحمى وطيس الحرب.

توجه قيس راكضاً نحو القربة وحملها ليملأ قدح الدجاج الذي شارف على الانتهاء، بعد أن رمى شبه نظرة نحو أمه التي كانت تجتر دموعها، وهي تناغي طفلتها اللامبالية بتطور الأحداث.

بحار الأنوار : ج٢١ص٣٠ - ٣١ ب ٢٢ ح٣٢.

 

الانسان
الحياة
قصة
الامام علي
التاريخ
مفاهيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بيعة الغدير وأولويات حضارة التكوين

    الإستجارة في عائلتي

    عن الغنى والفقر في الفقه واللغة

    أنت تحيا بالمعادن... فما نصيبك منها؟

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    آخر القراءات

    القراءة.. رحلة عوالم سحرية

    النشر : الأثنين 28 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الحوراء زينب وثورة الحزن

    النشر : السبت 27 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    فلنرحل معه..

    النشر : الأثنين 15 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    في رِحابِ غَديرِكُم

    النشر : الخميس 13 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    نزهة في ربوع الرحمة

    النشر : الأربعاء 01 آيار 2024
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    دور المذيع في توجيه دفة الحوار: تقنيات إدارة النقاشات في البرامج التلفزيونية والإذاعية

    النشر : السبت 12 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1031 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 398 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 347 مشاهدات

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    • 340 مشاهدات

    في اليوم العالمي للتبرع بالدم: امنحوا الأمل.. معًا ننقذ الأرواح

    • 335 مشاهدات

    يقظة قلب

    • 331 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3470 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1102 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1081 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1052 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1031 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 1001 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بيعة الغدير وأولويات حضارة التكوين
    • منذ 22 ساعة
    الإستجارة في عائلتي
    • منذ 22 ساعة
    عن الغنى والفقر في الفقه واللغة
    • منذ 22 ساعة
    أنت تحيا بالمعادن... فما نصيبك منها؟
    • منذ 22 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة