• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

شفق الروح

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 26 كانون الثاني 2021 / ثقافة / 3313
شارك الموضوع :

في مساء اليوم أغمضَتِ السيّدةُ عينيها قليلاً لعلّها تجدُ بقايا صوَرِهم

في أزقّة المدينة القديمة منزل صغير.. علّقَت على جدرانها راياتٍ خُضر، هناك بِرْكة ماء وعلى سطح دارها علَمٌ أبيض، لهذا البيت  قصّة خلّدَتْها سيّدةٌ بدويّةٌ بتلك الشواهد، أقصُّها عليكم من الليلة الأولى وحتّى الفجر الأخير.

في مساء اليوم أغمضَتِ السيّدةُ عينيها قليلاً لعلّها تجدُ بقايا صوَرِهم، اشتدّتِ الرياحُ في الخارج، أخذَت تلاعبُ الأشجار وتقلعُ ثنايا الأبواب حتّى طرقَت بابَ حجرتِها، كانَت تعلمُ أنّها ريحٌ كاذبةٌ لا تحملُ شيئاً، وأنّ البابَ لم يعدْ من يطرقُها، فقد رحلوا جميعا، الرياحُ تأتي عندها فتصبح بعد هيَجانها ناعمةً تداعبُ وجهها، تشهقُ بتلك الشهقة وتردّد: "آه يا هوى الهاب"..

تجعل حسراتِها تتطايرُ بقوّةٍ نحوَ سماء الحجرة، فتحَت ذراعيها وهي تحاول أن تحيطَ الهواءَ من حولها وتحتضنه، شعرَت بأنّ هذه الرياحُ قد حملَت لها أرواحَ الراحلين فصدقَت لأوّل مرّة معها.

هل سينتهي ما كان يؤرّقها وينغِّصُ أيامها؟ هل يعود الراحل بكفنٍ مرّةً أخرى؟! بين تمتماتِ الروح وأمنياتِ القلب، تمسكُ بحبّات المسبحةِ الّتي صنعَتها من ترابِ الأحبّة وخطّت عليها أسماءَهم وختمَتها بإسم المعشوق، "ح س ي ن". تحدّقُ في الحجرة وتستعيدُ تلك الذكريات، تطويها السنون تحت وسادتِها، تصغي إلى صوت الرياح، قد تكون الليلةَ الأخيرة.

تثير شجونها، تبكي من الشوق، ماذا يمتلك الفاقدون غير تلك الدموع والكثير من الذكريات؟.

دجى عليها الليلُ بظلمتِه، ملجؤها الوحيد سجادتُها الّتي افترشتها منذ الغروب، أضاءَت فتيلَ سراجها، لكن ماذا ستبصر فكلّ ما حولها ظلامٌ حالِكٌ! انتظرَت  بصيصَ ضوء النهار، لكنّها تدركُ أنّه الفجرُ الأخير.

أثقلَت خطاها، تتهاوى ما بين جدارٍ وآخر، كلُّ عزمِها أن تكملَ آياتِ ﷲ، سمعَت  همساً في حجرتِها، أرهفَتِ الرّوح له سمعا، يا أيّتها النفسُ المطمئنّة ارجعي إلى ربِّك راضيةً مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي.

أشرقَت روحُها كمشكاة، ثوانيَ الليلِ تشاكسها فمرّة تُذكِّرُها بقمرِها وأخرى بعزيز قلبها، خارَت قواها فبعد سنواتٍ مازالَت تنتظرُهم عند عتبة الباب، أثقلَت عليها الأيّام، يمضي الوقتُ بسيف الجرم يقاتل وحدتها، من الصعب أن تعيشَ في دارٍ كان فيها قمرٌ ونجوم، والآن يخيفها رداءٌ الظلمة.

تفزعها إطلالة الظهيرة وتشعر بتلك الحرقة والنار الّتي اشتعلَت فيها، كلّ ركن في الحجرة ينهشها بحداثة قديمة، صوت خرير المياه، صهيل الخيل، إشعال النار وصوت الأطفال كلُّ ذلك يذبحها فتعود إلى حجرتها خاويةً تخنقها العبرة فتمسك المسبحة وتسبّح لجلال وجه اللّٰه، وتردّد في صدرِ العبرة "إنَّ موعدهم الصبحَ أليس الصبح بقريب"..

تهزُّ جذوعَ الصبر ليتساقطَ منها الصبر قليلاً، صدىً يحمل نبضَ الأحبّة يضجُّ في الجدران، في شفق الروح أوجاع تصارع الأوقات، في الساعاتِ الأخيرة ينكشف عن عينِها الغطاءُ فتعود إلى أرشيف حياتها.. أولادها وماقدّموا، وعن ثمرة قلبها، ترهقها الأحداث فتشعر أنّها لم تقدّم شيئا، توقفَّت عند حادثة القمر والكفوف والعين، في لحظة.. في دقائق.. تشعر أنّها كافأت ولدها بتلك الأضاحي، صنعَت من ترابهم مسبحةً تعلّقها بطرف حجابها فكلّما اشتاقَت لمرآهم تأخذها وتقبّلها.  

لم ينتهِ بعد؛ فهناك صور لسيّدةٍ رجعَت خاليةً لا إخوة ولا بنين، هنا صرخَت  وضربَت على رأسها، كانت تذرف روحها لا دمعها، تتهاوى مع الصور، حتّى انتهت عند محطّة الوداع، تحدّق وتمعن التحديق، هل سيكون العِناق قريبا؟ لا أحدَ يبقى هنا، تموت خطاي ونداءاتيَ اليوم، أبقى كما أنا، أبقى أمّ البنين، وأكتب في صفَحات الغياب، فعلى الراحلين مثل الحسين فلْيبكِ الباكون ولْيضجّ الضاجّون.

الحب
اهل البيت
قصة
التاريخ
ام البنين
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    استفزاز جديد للمسلمين.. مسابقة رسوم مسيئة للرسول الكريم

    النشر : الأثنين 06 كانون الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الاسلام: أب العلم الحديث

    النشر : الأربعاء 19 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ ثانية

    وما أدرى الثور أني عنترة!

    النشر : الأثنين 30 تموز 2018
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الصلاة.. فقط في رمضان!

    النشر : السبت 04 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    طيف الندى.. دراما تعزف على أوتار الوجع

    النشر : الأحد 03 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    فن الإلقاء والعرض والتحدث الفعال.. ورشة اعلامية تقيمها جمعية المودة

    النشر : الأربعاء 15 آب 2018
    اخر قراءة : منذ 17 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 370 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 362 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 336 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 331 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3453 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1085 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1010 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 994 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 6 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 6 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 7 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة