• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

البصيرة والضياع: بين فهم الحقيقة والانخداع بالمظاهر

جنان الهلالي / الأحد 23 آذار 2025 / تربية / 401
شارك الموضوع :

الحكيم هو من يجعل الدنيا طريقًا للمعرفة والارتقاء، لا غاية تستهلكه وتُفقده ذاته

عن بصيرة الدنيا وضلال التعلق بها، قال الإمام علي (عليه السلام): "من أبصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته." وهي عبارة تختصر فلسفة عميقة عن العلاقة بين الإنسان والدنيا، بين من يرى الدنيا وسيلةً للفهم والتبصر، ومن يراها غايةً فينغمس فيها حتى تعميه عن الحقائق الأسمى.

فالرؤية الواعية للدنيا من "أبصر بها"، أي جعل منها وسيلةً للعبرة والتفكر، استطاع أن يدرك حقيقتها الفانية، فالدنيا ليست دار بقاء، بل دار اختبار وتعليم. من ينظر إليها بهذه النظرة يدرك أن المال، والجاه، والمتاع ليست سوى وسائل تُستخدم في طريق الخير والارتقاء الروحي، لا غايات تُعبد وتُطلب بلا نهاية. هذا الإنسان ينجح في استثمار الدنيا دون أن يكون عبدًا لها، بل يكون مستعدًا للآخرة وهو يعيش حياته بوعي وحكمة.

أما الانخداع ببريق الدنيا "أبصر إليها"، أي جعلها غايته المطلقة، فإنه يغرق في ماديتها حتى تعمي بصيرته عن حقيقتها. التعلق الأعمى بالدنيا يجعل الإنسان أسيرًا لشهواته، مهووسًا باللذة والسلطة، حتى يصبح غير قادر على رؤية ما وراءها من قيم أسمى ومعانٍ خالدة. مثل هذا الشخص يخسر ميزان العدل والحكمة، وقد يرتكب المظالم من أجل الدنيا، دون أن يدرك أنه ماضٍ إلى فناء، وأن ما جمعه سيفنى معه أو يتركه لغيره.

إذن ماهو ميزان التعامل مع الدنيا؟

السرّ في النجاة من فتن الدنيا هو الاعتدال، فلا الزهد المطلق هو الحل، ولا التعلق التام بها يؤدي إلى السعادة. بل المطلوب أن تكون الدنيا في اليد، لا في القلب، وأن نستخدمها لا أن نُستَخدم من قبلها. يقول الإمام علي (عليه السلام ): "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، واتخذ منها زادًا للآخرة." وهذا هو الفارق الجوهري بين من يرى الدنيا بوضوح ويبصر بها، وبين من تغشيه أضواؤها فيبصر إليها فقط، فيُعمى عن الحقيقة.

إن كلمات الإمام علي (عليه السلام) تدعونا إلى إعادة النظر في علاقتنا بالدنيا: هل نستخدمها وسيلةً للتبصر والنمو الروحي، أم أننا منغمسون في ملذاتها حتى نسينا حقيقتها؟ وحده من يملك البصيرة الحقيقية يستطيع أن يسير في الدنيا دون أن يعمى بفتنتها، فيكون حرًا لا عبدًا، وواعياً لا مخدوعًا.

كيف نوازن بين الدنيا والآخرة؟

التوازن بين الدنيا والآخرة هو جوهر الحياة الطيبة التي يسعى إليها الإنسان الحكيم فلا يمكن للمرء أن يعيش في عزلة تامة عن الدنيا بحجة السعي للآخرة كما لا يصح أن يغرق في الملذات المادية وينسى أن هناك حياة أخرى تنتظره، الحكمة تقتضي أن يكون الإنسان عاملاً في دنياه كأنه يعيش أبداً وعابداً لربه كأنه يموت غداً. الإنسان مسؤول عن إعمار الأرض وإقامة العدل والعمل الجاد في وظيفته أو حرفته لأن هذا جزء من دوره في الحياة لكنه في الوقت نفسه لا ينبغي أن يسمح لهذه المسؤوليات بأن تسرقه من هدفه الأسمى وهو مرضاة الله، يمكن تحقيق هذا التوازن من خلال عدة أمور منها تنظيم الوقت بحيث يكون هناك وقت مخصص للعمل والسعي ووقت للعبادة والتأمل والتزكية.

كذلك يجب أن يدرك الإنسان أن النية الصالحة تحول كل عمل دنيوي إلى عبادة فالتاجر الذي يبتغي الكسب الحلال لإعالة أسرته هو في عبادة والعامل الذي يؤدي وظيفته بإتقان وإخلاص هو في عبادة.

كما أن التوازن لا يعني الانقطاع عن ملذات الحياة المشروعة بل التمتع بها دون إسراف أو غفلة فالزهد لا يعني الفقر بل يعني التحرر من عبودية المال والشهوات والإحساس بأن كل ما نملكه هو وسيلة وليس غاية، في المقابل لا يجب أن يغلب جانب الآخرة بطريقة تجعل الإنسان يترك مسؤولياته أو يعجز عن تحقيق النجاح لأن الإسلام لم يحث على الزهد المطلق الذي يؤدي إلى الضعف بل أراد قوة متزنة توازن بين السعي المادي والسمو الروحي.

أما النجاح الحقيقي يكمن في أن يكون الإنسان قوياً في دنياه غنياً بنفسه مستثمراً لعمره فيما ينفعه في الدارين فهو يطلب العلم ويعمل ويبني لكنه لا ينسى أن هذه الدنيا ليست إلا معبراً نحو الآخرة، هذا الفهم العميق يجعل الإنسان يعيش حياة متوازنة فيها الاجتهاد والعبادة، فيها الكدح والراحة، فيها القلب المرتبط بالله والعقل الساعي للبناء.

فالإسلام لا يدعو إلى الزهد بمعنى الانقطاع عن الحياة، بل إلى التوازن بين الاستمتاع بالرزق والعمل لما هو أبقى. البصيرة هنا تكمن في أن يرى الإنسان الدنيا وسيلة لا غاية، فيأخذ منها ما يحتاج، دون أن يصبح عبدًا لها. وفي النهاية بين البصيرة والعمى، هناك خيط رفيع يعتمد على نظرة الإنسان إلى الدنيا. فإن رآها بعين الحكمة، قادته إلى الخير، وإن انشغل بمظاهرها، أعمته عن جوهرها. الحكيم هو من يجعل الدنيا طريقًا للمعرفة والارتقاء، لا غاية تستهلكه وتُفقده ذاته.

الامام علي
الدنيا
الوعي
الانسان
المجتمع
التفكير
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    يقظة قلب

    تغلّب على الغضب وانسجم مع الحياة

    هل للولادة القيصرية مخاطر على صحة الأم والطفل؟

    آخر القراءات

    كورونا تزعزع الطقوس الرمضانية عن عروش محبيها

    النشر : الثلاثاء 05 آيار 2020
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    أسماء تتعدى المألوف وتثير الجدل لحامليها

    النشر : الأثنين 10 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    تصرّف وكأنك قوي الشخصية

    النشر : الثلاثاء 18 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    تحقيق وضوح الأهداف في إدارة الفرق الالكترونية

    النشر : الثلاثاء 03 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    هل تؤثر البدانة على العقل مثل الجسم؟

    النشر : الأربعاء 18 كانون الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الشيخ مرتضى معاش: تحتاج الكتابة الى قفزة لإعادة مسار التفكير وتنظيمه

    النشر : الخميس 05 تموز 2018
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1013 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 457 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 367 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 358 مشاهدات

    القهوة لشيخوخة أفضل فقط للنساء

    • 349 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3448 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1068 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1067 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1013 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 993 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 977 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بوصلة النور
    • منذ 2 ساعة
    هذا هو الغدير الحقيقي
    • منذ 2 ساعة
    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟
    • منذ 2 ساعة
    يقظة قلب
    • الأثنين 16 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة