• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

حين يرى القلب إحسان الله في شدائده

جنان الهلالي / السبت 05 نيسان 2025 / تربية / 601
شارك الموضوع :

بل التمسك بالدعاء والاستعانة بالله، فبعض الأبواب لا تُفتح إلا باللجوء إليه

قد تبدو الحياة أحيانًا سلسلة من المحن والابتلاءات، وتكاد النفس تتساءل: لماذا كل هذا الألم؟ لماذا الظلم؟ لكن حين ننظر بعين الإيمان، نكتشف أن وراء كل محنة إحسانًا إلهيًا خفيًا، لا يدركه إلا من صبر وتأمل في حكمة الله.

قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) تجسد هذه الحقيقة بأبهى صورها. فقد واجه منذ صغره ألوانًا من الشدائد، من حسد إخوته إلى رميه في البئر، ثم بيعه عبدًا، وصولًا إلى ظلمه وسجنه. ورغم كل ذلك، لم نسمع منه كلمة تذمر أو شكوى، بل ظل محسنًا في كل حال، حتى إننا نجده في نهاية القصة لا يذكر الألم، بل يشير إلى لطف الله في كل ما مر به: "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" (يوسف: 100).

لم يقل "ظلمني إخوتي"، أو "عانيت ظلمًا في السجن"، بل رأى الإحسان الإلهي حتى في المحن. هذا الإدراك العميق لقلب يوسف (عليه السلام) هو ما جعله يثبت في وجه الشدائد دون أن يفقد إحسانه، لأنه كان يرى يد الله تعمل في كل شيء، ولو كان ظاهره شرًا.

جزع الإنسان وعدم صبره

الإنسان بطبيعته عجول، يريد أن يرى نتائج الخير فورًا، فإذا أصابه البلاء جزع وضاق صدره، متسائلًا: لماذا أنا؟ لماذا يحدث لي هذا؟ فينسى أن المحن ليست عقوبة، بل قد تكون تهيئة لخير أكبر لا يدركه في لحظته. كثيرًا ما يدفعنا الجزع إلى فقدان الثقة بحكمة الله، فنرى الابتلاء وكأنه نهاية الطريق، بدلًا من أن ندرك أنه مجرد مرحلة في قصة أوسع، قصة يرسمها الله بعلمه ولطفه.

فالذي فقد عمله قد يكون على موعد مع رزق أفضل، والذي تأخر زواجه قد يكون محفوظًا لقدر أجمل، ومن تأخر شفاؤه قد يكون الله يرفع درجته ويكفر سيئاته.

لكن القلب عندما يضيق، لا يرى إلا الألم، فينسى أن حتى تأخير الفرج يحمل في طياته رحمة. وهنا يأتي دور الصبر، فالصبر ليس مجرد تحمل الألم، بل هو ثقة بالله أن العوض قادم، وأن ما يخبئه الله لنا أعظم مما نتمناه. فلو أن يوسف (عليه السلام) جزع في السجن، لما كان أهّل نفسه ليكون وزيرًا بعد ذلك. الفرق بين من يجزع ومن يصبر ليس في حجم البلاء، بل في طريقة رؤيته له. فمن رآه عقبة سقط فيه، ومن رآه خطوة نحو الأفضل انتظر الفرج وهو موقن أن الله لا يخذل عباده.

سر الإحسان وسط الابتلاءات

ما الذي يجعل الإنسان قادرًا على رؤية لطف الله وسط الألم؟ إنها الثقة بحكمة الله، والإيمان بأنه لا يقدر شيئًا إلا وفيه الخير، وإن كان الخير خافيًا. الإحسان ليس فقط في التعامل مع الآخرين، بل هو قبل ذلك إحسان الظن بالله، واليقين بأنه لا يترك عبده، بل يصنع له الأفضل، ولو بدا الطريق شاقًا. سيدنا يوسف لم يكن إحسانه مقتصرًا على صبره فحسب، بل امتد ليكون إحسانًا في العمل والسلوك، في البئر كان صابرًا، في بيت العزيز كان عفيفًا، في السجن كان ناصحًا، وفي الحكم كان عادلًا. لم يكن الإحسان مجرد شعور داخلي، بل كان أسلوب حياة، فكان الإحسان هو المفتاح الذي فتح له أبواب الخير رغم ظلمات المحن.

السؤال الأهم كيف نرى إحسان الله في حياتنا؟

ليس من السهل دائمًا أن نرى الخير في المحن ونحن نعيشها، لكن يمكننا أن ندرب قلوبنا على الثقة بالله من خلال التأمل في قصص السابقين: فكل قصة قرآنية تعلمنا أن الابتلاء ليس نهاية القصة، بل بداية لطف جديد.

كما لابد من مراجعة تجاربنا الماضية، كم من أمر كرهناه ثم اكتشفنا لاحقًا أنه كان سببًا في خير لم نكن نتوقعه. ولابد للمؤمن والعارف بكرم الله من المداومة على الإحسان رغم الألم، مهما كان حاله، فليحسن في القول والعمل، كما فعل يوسف (عليه السلام)، حين قابَل الجحود بالعفو، والظلم بالصبر، والغدر بالإحسان، فكان جزاؤه رفعةً ومُلكًا بعد السجن والمِحن، فلا تظننَّ أن الخير يضيع عند الله، فكل معروف تزرعه، ولو لم تلقَ ثماره الآن، سينبت في وقته المقدر لك.

وكما أن بعض الابتلاءات لا تُعرف حكمتها إلا بعد حين، يجب عدم الانزلاق في وادي الجزع، بل التمسك بالدعاء والاستعانة بالله، فبعض الأبواب لا تُفتح إلا باللجوء إليه.

وما يراه القلب اليوم ضيقًا خانقًا، قد يكون غدًا نافذة تُطل على رحمة لم تكن تخطر على البال. فالثقة بحكمة الله تجعل المرء يسير في دروب الحياة مطمئنًا، حتى وإن كانت الخطوات متعثرة، لأن خلف كل محنة منحة، وخلف كل ظلام فجرٌ جديد. حين يرى القلب إحسان الله، يتبدل الضيق سكينة، والمحنة منحة، وتصبح كل لحظة من الألم نافذة تطل منها على رحمة الله الواسعة. فليكن شعارنا في كل ضيق: "وقد أحسن بي".

الايمان
الحياة
الدين
الاسلام
القرآن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    آخر القراءات

    اشعارات الهاتف.. دُفعات من البهجة المتعبة للعقل

    النشر : الأثنين 07 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    طرق للتنفيس عن الغضب.. تعرف عليها

    النشر : الخميس 04 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    الكرونوفوبيا: الرهاب من المستقبل

    النشر : الثلاثاء 08 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    عشائر بني اسد.. تُجدد الولاء لشهداء واقعة الطف

    النشر : الأثنين 24 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    المدارس الاهلية.. بين الخدمات العالية ومستوى التعليم المتدني

    النشر : الثلاثاء 26 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    اخطبوط العصر الحديث

    النشر : الخميس 26 آيار 2016
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 411 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 361 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 359 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 337 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1192 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1090 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 660 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 24 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 24 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 24 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة