• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

فن الإقناع في التربية: غرس القناعة أعظم من فرض الطاعة

سجى عبد الأمير الركابي / الأحد 13 تموز 2025 / تربية / 331
شارك الموضوع :

امنح طفلك مساحة ليُعبّر، اسأله، اجعله يفكر، ولا تلقّن دون تفسير. فالمناعة الحقيقية لا تأتي من الممنوعات

في زمنٍ تتسارع فيه الثقافات، وتتداخل فيه المفاهيم، لا بدّ أن نعيد التفكير في أدواتنا التربوية، فالصراخ لم يعد يجدي، والضرب لم يعد يُنتج، والمراقبة لا تثمر إلا في حضورها. إن التربية الحقيقية لا تُقاس بعدد الأوامر التي أُصدرت، بل بعدد القناعات التي استقرت في أعماق الطفل حتى غدت جزءًا من وعيه وضميره.

حين يتمكن الوالدان من غرس قناعة صادقة في قلب الطفل، فإنهما يمنحانه حصنًا نفسيًا يحميه من التغيرات الخارجية، ويهبه مناعة ذاتية ضد الانجراف في مجتمعات قد تختلف عنه في القيم والسلوك. ومتى ما استقرت القناعة، بات السلوك انعكاسًا داخليًا لا فعلًا متصنّعًا يذوب عند أول اختبار.

لا تخف على طفلك إن شبّ في بيئة غربية ما دمت قد زرعت في قلبه نور الفهم، وقوة البصيرة، وأشبعت عقله بالحب لا بالخوف. لأن القناعة، حين تُزرع بالحكمة والموعظة الحسنة، تبقى ثابتة لا تهزها العواصف، ولا تغيرها المغريات.

ولنا في سيرة النبي محمد ﷺ أبلغ درس، حين أتاه رجل في مجتمع مفتوح، وقال له بلا مواربة: "يا نبي الله، إني أحب الفاحشة!" موقف كهذا في زمننا قد يُقابل بالصدّ، بالشتائم، وربما بالعقوبة، لكن النبي ﷺ لم يصرخ، لم يغضب، بل احتضن هذا السؤال الشائك بعقل المربي العظيم وروح الحبيب الرحيم.

اقترب الرجل حتى لامست ركبته ركبة النبي ﷺ، فقال له بلينٍ وهدوء: "ألك أم؟" قال: نعم. "أتحب أن يُفعل بها ذلك؟" قال: لا. واستمر يسأله عن ابنته، أخته، عمته، وخالته، وفي كل مرة يعترف الرجل برفضه لتلك الفعلة بحق من يحب. فقال له النبي ﷺ: "ولا الناس يحبون ذلك لنسائهم."

ذلك الحوار القصير كان كافيًا لقلب القناعة في داخله رأسًا على عقب. يقول الرجل: "دخلت على رسول الله ﷺ، وما من شيء أحب إليّ من الفاحشة، وخرجت وما من شيء أبغض إليّ منها." بهذه البساطة، وبهذا العمق، استطاع النبي أن يُحوّل الشهوة إلى حياء، والأنانية إلى احترام، والرغبة العابرة إلى وعيٍ راسخ.

هكذا يكون الإقناع، لا بالعنف، بل بالاقتراب من الفطرة، وتحريك المشاعر الإنسانية، وربط الأفعال بالنتائج على من نحب. هذه الطريقة لا تُغيّر السلوك فقط، بل تُغيّر القلوب.

إن الردع يجب أن يكون آخر العلاج، حين تفشل كل الوسائل، أما البداية فهي دوماً بالحوار، وبناء الجسور لا الحواجز. تربية الأطفال اليوم تحتاج إلى صبر المحاور لا عصا الغاضب، إلى دفء القرب لا قسوة البعد.

امنح طفلك مساحة ليُعبّر، اسأله، اجعله يفكر، ولا تلقّن دون تفسير. فالمناعة الحقيقية لا تأتي من الممنوعات، بل من الإقناع العميق. فإذا نجحت في غرس الفكرة، فلن تقلق على ابنك أينما ذهب، لأن القناعة التي صنعتها داخله، ستظل ترشده ولو كنت غائبًا عنه.

الطفل
الاب والام
التربية
السلوك
صحة نفسية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟

    وعي العباءة الزينبية ٢

    الامام الحسين.. صياغة ربّانية

    آخر القراءات

    من أسس التربية الفاطمية لكل أم مهدوية

    النشر : الأحد 22 تشرين الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    أولويات النظام المالي والاقتصادي في حكومة الامام علي

    النشر : الخميس 29 آذار 2018
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    طبيب العلل

    النشر : الأربعاء 21 حزيران 2017
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    بطل العلقمي كما عرفناه

    النشر : السبت 13 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    كتب تَبْنِي مجتمعات

    النشر : الأربعاء 12 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    الطالب الأول.. قيود حطمها الإصرار

    النشر : الثلاثاء 06 آب 2019
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 577 مشاهدات

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    • 500 مشاهدات

    النساء أكثر عرضة للزهايمر بمرتين... لهذه الأسباب

    • 415 مشاهدات

    صراع الروح وتجلّي الحق

    • 392 مشاهدات

    نشأة الذكاء الأصطناعي وتطوره

    • 390 مشاهدات

    واقعة الطف معركة عابرة، أم هي قضية حق وإصلاح؟

    • 373 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1290 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 902 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 711 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 685 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 667 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 629 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها
    • منذ 22 ساعة
    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟
    • منذ 22 ساعة
    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة
    • منذ 22 ساعة
    سرطان الساركوما.. لماذا يُصيب الأنسجة الرخوة في الجسم؟
    • منذ 22 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة