قديماً كنا نسمع أن طريق الحق ذات شوكة، والأمير(عليه السلام) طالبنا قائلاً: [اخشوشنوا]، فما بالنا اليوم أصبحنا من أهل الالتزام الترف؟ حتى أصبحت ذات العباءة تبحث عن تكريم لأنها من المرتديات لهذا المستوى من الحجاب، تُرى هل سيأتي يوم نرى فيه حفلات تكريم لطلاب العلم لكي يثبتوا ويصبروا على نظرة المجتمع القاسية لهم، والمعاملة الغليظة معهم، لارتدائهم العمامة والعباءة؟ !
الجواب: إن شاء الله تعالى قطعاً لا. أما لماذا؟
لأن عباءة وعمامة هذا الإنسان هي جزء من هويته العلمية كطالب علوم أهل البيت (عليه السلام)، وجزء من هويته الدينية فهي مظهر وعلامة على حمله لعلوم أهل البيت (عليه السلام)، وسيره بمنهجهم وأخلاقياتهم.
العباءة كرامة ذاتية لصاحبتها لا تُكرم عليها
بالنتيجة هذه الفتاة التي تتزاحم وتتسابق لتسجيل اسمها في حفلات التكريم للمرتديات للعباءة هي غير واعية أن هذه العباءة التي ترتديها إنما هي جزء من هويتها وعنوان تبعيتها لمنهج لعقيلة بني هاشم (عليهم السلام)، لذا الواعية ترى كرامتها بما نالته من توفيق لارتدائها، وذلك سعياً منها لتكون أقرب إلى الكمال الظاهري والمعنوي، لا بتكريمها على ارتدائها بل هي تخجل من أن تُكرم على ما التزمت به امتثالاً إلى فريضة إلهية وبشكلها الأكمل.
متى يكون التكريم على إرتداء العباءة فعلاً غير محمود؟
هذه الظاهرة -المشكورة والمبادرة المحمودة على كل حال لها إيجابياتها ولها أيضاً سلبيات- إن كانت من جهة تشجع الفتيات على الاعتزاز بهذا الإرث الفاطمي الزينبي وتثبتهن على هذا الطريق فهي محمودة، إلا إنها في ذات الوقت تجعل من الالتزام بهذه الفريضة فيه شيء من الترفية والميوعة الدينية إن كان التكريم للشابات.
مثلاً الطفل قد يُحبذ إعطائهُ هدية لأنه صام يوماً كاملاً وهو لا زال لم يبلغ التكليف تشجيعاً له وتحبيباً له في هذه الفريضة، وجعله يعتاد على الصبر الذي يتطلبه الصيام، ولكن ليس من المعقول أو المقبول تكريمه واعطائه الهدايا مثلاً لأنه صائم وهو في سن التكليف.
فهذا يصنع من تدينه ما يعبر عنه بـ"رفاهية التدين" لا الجد في الالتزام وخلق الانضباط والمسؤولية في نفسه تجاه ما كلف به، وأداءه على كل حال، فهو يأتي بها لأنه عبد كُرم بهذه التكاليف، لا أن يؤديها بحثاً عن الهدايا والتكريم!.
وهكذا صاحبة العباءة بعد أن تقرر أن تلبس هذه العباءة وهي فتاة بالغة راشدة قد وصلت إلى مرحلة الحياة الجامعية وما بعدها يجب أن تصنع من تدينها هذا الانضباط وتحمل مسؤولية ما كُلفت به دون الحاجة إلى أن تنتظر تشجيع من هنا، أو تكريماً من هناك، أو مدحاً وثناءًا من هذا وذاك.!
اضافةتعليق
التعليقات