• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وقفات تأملية في أراجيز الصحبة الوفية: وعلى نفسهِ لبصير

فاطمة الركابي / الخميس 18 تموز 2024 / اعلام / 1258
شارك الموضوع :

سمت نفسه إلى حيث مجاورة النفوس الزاكيات، ونال بذلك من عظم المقام ما نال

يُذكَر في كُتبِ المقاتل "أن نافعُ بن هلالٍ برز، فأخذ يرمي بنِبالٍ مسمومةٍ كتب على أفواقها اسمَه، وجعل يقول:

ارمي بها مُعلَمَـةً افواقها  مَسمومَةً تجري بها أخفاقها

لَيَمـلأنّ أرضها رَشّـاقُـها  والنفس لا ينفعُها إشفاقُها 

فقَتَل اثني عشر رجلاً من أصحاب عمر بن سعد سوى مَن جَرَح.. حتّى فَنِيَتْ نِبالُه، عندها جَرَّد سيفَه يضرب في أعدائه فتَواثَبوا عليه وأحاطوا به يرَمُونَه بالحجارة والنِّصال، حتّى كسَرَوا عَضُدَيه فأخَذوه أسيراً "(١). 

المحور الذي تدور حوله سمات هذا الناصر والصاحب للإمام الحسين (عليه السلام)، هو هذا المقطع من ارجوزته [والنفسُ لا يَنفعُها إشفاقُها] فالهيمنة على النفس، ومعرفة ما لها وما عليها -هو كما يبدو- ما أوصله إلى ما وصل إليه، فالنفس ترقى بمعرفة صاحبها لقيمتها وببذلها فيما يستحق، فكلما كان المبذول له شيء أعظم واكبر في هذا العالم، كلما سمت وارتقت وتكاملت في ذلك العالم. 

فهذه الحقيقة التي قالها فيها اشارة الى هذا المعنى، أي إن هذا هو موطن بذلها، لا موطن الإشفاق عليها، ولهذا لما قال له الإمام الحسين (عليه السلام):ـ " ألاَ تَسلُكُ بين هذينِ الجبلَينِ في جوفِ الليل وتنجو بنفسك؟! وقع نافعٌ على قَدَمَي الإمام يُقبّلهما ويقول:ـ ثكلَتْني أُمّي! إنّ سيفي بألف، وفَرَسي بألف، فَوَاللهِ الذي مَنّ بك علَيّ، لا فارَقْتُك حتّى يَكِلاّ عن فَرْيٍ وجَرْي"(٢).

بل لما نتأمل في أجوبته لما وقع بين يدي الأعداء نجد ذات الحقيقة يشير إليها في حديثه، وذلك في قوله لما "أمسَكْه الشمر بن ذي الجوشن ومعه أصحابه يَسوقونه.. حتّى أتى به عُمرَ بنَ سعد، فقال عمر: وَيْحك يا نافع! ما حمَلَك على ما صنعتَ بنفسك؟! أجابه نافع: إنّ ربّي يَعلَم ما أردتُ"(٣).

الملفت أن محور الحديث هو ايضاً كان عن هذه النفس، وكم إجابته فيها ترفع عن التبرير وهذا فيه كشف لجانب قوة تتمتع بها هذه النفس، فالإجابة كانت حازمة جازمة عن معرفة صاحب هذه النفس لمقصده، فهو قال: أنا لا حاجة لي لأعلمك بماذا صنعت بهذه النفس، فالأمر كل الأمر هو ما أردته من هذا الصنيع هو معلوم عند الله تعالى، وكأنه يشير إلى جواب استفزازي للسائل- أي عمر بن سعد- بمعنى إنظر أنت ماذا صنعت بنفسك، وبماذا ستجيب الله تعالى ربك؟ فالمسألة في النهاية هي أن الحاكم هو الله تعالى، وهذه النفس ملكه سبحانه.

أما فيما قيل له "من قِبَلِ رجل ـ وقد نظر إلى الدِّماء تسيل على وجهه ولحيته: أما ترى ما بك؟! فأجابه نافع: واللهِ لقد قَتَلتُ منكم اثنَي عَشَر رجلاً سوى مَن جَرَحتُ، وما ألوم نفسي على الجَهد، ولو بَقِيَتْ لي عَضُدٌ ما أسرَتُموني "(٣).

كان الرد ذات الرد، وهو التركيز على ما بذل والذي سيلاقي به الله تعالى، لا بما فقد أو خسر، فهو ناظر للثمار الاخروية لا الآثار الدنيوية، هو لا ينظر لتلك الدماء السائلة ولا لجوارحه المقطعة على أنها خسران بل علامة اثمار لجهوده، لمجاهدته لاعداء الحق، فالنفس التي ترى هذه الثمار لا تلام على جهدها بل تتمنى المزيد حتى ولو كان المزيد هو من الجراح والآلام.

ثم قال شمر لابن سعد: "اقتُلْه ـ اصلَحَك الله! قال ابن سعد: أنت جِئتَ به، فإن شِئتَ فاقتُلْه". هنا نلحظ أن عمر ما تمكن من قتله، ولعل ذلك الجواب قد أثر فيه وارجعه الى نفسه فرأى ما صنع بنفسه من معاداة خير خلق الله تعالى. 

أما قوله لما "جرّد شمرٌ سيفَه.. حيث قال له نافع: ـ أمّا واللهِ ـ يا شمرُ ـ لو كنتَ من المسلمين، لَعَظُم عليك أن تَلقى اللهَ بدمائنا!"(٣)، ففيه بيان إن شمراً قد محض الكفر محضاً حتى دخل في زمرة شرار خلق الله تعالى، فخرج من زمرة أهل الإسلام فأين هو وأين اهل الإيمان؟!

وهكذا ختم رحيله بهذه العبارة "فالحمدُ لله الذي جَعَل مَنايانا على يَدَي شِرارِ خَلْقه"(٣)، وهنا نشير إلى أمرين: الأول إن من علامات حُسن العاقبة أن يُختم للإنسان بالقتل على أشد خلقه عداوة للحق، إذ لا يقتل خيار الخلق إلا شرار الخلق، أما الثاني ففيه جنبة من الأدب مع الله تعالى فهو لا يجزم على الله تعالى بنيل رفقة خيار خلقه إنما صرح بما هو ظاهر أمامه من واقع، مع إنه كان ذو يقين وقد بشره نفس الإمام الحسين (ع) واراه منزلته في الجنة، ولكن ما أوصله لهذه المنزلة الرفيعة عند الله تعالى هي هذه المعرفة، هذا التواضع في جنب ما اعطى وما بذل.    

وهكذا "قدّمه الشمر، وضَرَب عُنُقَه"(٣)، فسمت نفسه إلى حيث مجاورة النفوس الزاكيات، ونال بذلك من عظم المقام ما نال، كيف لا! وقد خصه خاتم الحجج (عج) بالذكر والسلام في زيارته لجده سيد الشهداء. 

—————

(١) مقتل الامام الحسين(ع): ص٢٤٨.

(٢) الدمعة الساكبة: ص٣٢٥.

(٣) مقتل الامام الحسين(ع): ص٢٤٩

الامام الحسين
عاشوراء
#عاشوراء_في_النبأ
كربلاء
الدين
الايمان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    من أفكار المجدد الشيرازي: القوانين المادية في المجتمع الغربي

    النشر : الخميس 05 آيار 2022
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    القلب أم العقل.. أيهما يفوز؟!

    النشر : الأثنين 31 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    كيف حمل الامام السجاد راية الاصلاح عن طريق الدعاء؟

    النشر : الثلاثاء 31 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    حافظ على صحتك النفسية

    النشر : الأربعاء 26 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    وصايا للتحكم في أوقات الفراغ والاستفادة منها

    النشر : الثلاثاء 24 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    عيد الغدير.. يوم العهد المعهود والميثاق المأخوذ

    النشر : الخميس 06 آب 2020
    اخر قراءة : منذ 3 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 412 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 365 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 344 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1079 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 663 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 4 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 4 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 4 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 4 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة