• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

موسم الاضطهاد: مرحلة تعرقل الوصول لتحقيق الذات

ليلى قيس / الأربعاء 17 آب 2022 / تطوير / 1658
شارك الموضوع :

مع بروز التيار الاضطهادي، تكون الحالة النفسية للإنسان قد بلغت درجة عالية من التوتر

إن فشل تحقيق الذات، فشل الوصول إلى قيمة ذاتية تعطي للوجود معناه، يولد أشد مشاعر الذنب إيلاماً للنفس، وأقلها قابلية للكبت والإنكار، هذه المشاعر تفجر بدورها عدوانية شديدة تزداد وطأتها تدريجياً بمقدار تراكمها الداخلي. وعندما تصل العدوانية إلى هذا الحد لا بد لها من تصريف يتجاوز الارتداد إلى الذات وتحطيمها، كي يصل حد الإسقاط على الآخرين.

مع بروز التيار الاضطهادي، تكون الحالة النفسية للإنسان قد بلغت درجة عالية من التوتر الانفعالي والوجودي العام، يدخل في مرحلة من الغليان الداخلي للعدوانية التي كانت مقموعة بشدة، والتي بدأت تفلت من القمع وتطفو على السطح، بعد أن كانت مرتدة على خلال أولية التبخيس الذاتي، وما يرافقها من رضوخ مازوشي، إذ إن كل أولويات مرحلة الرضوخ تظل عاجزة عن التصريف الملائم للتوتر العدواني الناشئ عن القهر.

إنها لا تفي بالحاجة إلى التوازن النفسي الضروري لأن الإنسان لا يمكنه احتمال التبخيس الذاتي بشكل دائم، لا بد له من الإحساس بشيء من العزة والكرامة، بشيء من الاعتبار الذاتي في نظر نفسه ونظر الآخرين.

إذ أن لب الشعور الاضطهادي هو التفتيش عن مخطئ يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخلياً. الإنسان الاضطهادي بهذا المعنى، لا يستطيع أن يكتفي بإدانة ذاته. إنه بحاجة لإدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم، الإنسان الاضطهادي يصاب بذعر لا يمكنه احتماله إزاء إمكانية شعوره بالذنب، إنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية ذنبه، لأن العدوانية في هذه الحالة تهدد وجوده بالانفجار.

وهكذا لا يجد أمامه من سبيل إلى اتهام الآخرين بالذنب، وبالتالي بالعدوانية. إنه يصب عدوانيته فيهم وعليهم ويجعلهم ممثلين لها، حاملين أوزارها وأوزار تقصيره الوجودي، تحويل الآخر بهذا الشكل إلى مصدر للعدوانية ورمز لها، يفسح المجال في مرحلة تالية لإمكانية تبرير الاعتداء عليه، الاعتداء مشروعاً لأنه يتخذ طابع الدفاع عن النفس.

إذا كنت عدوانياً تجاه الآخر، فما ذاك إلا كي أدافع عن نفسي ضد التهديد الذي أتعرض له من عدوانيته. ثم إن إلصاق العيب الذاتي بالآخر يحوله إلى رمز للنقص والعار. نتخلص بذلك من عارنا الذاتي من ناحية (مما يمكننا من استعادة بعض الاعتبار الذاتي)، ونجعل الاعتداء عليه مشروعاً ومبرراً لأنه عدوان على رمز العيب والعار.

الاعتداء على الآخر انطلاقاً من الوضعية، ليس اعتداء على قيمة إنسانيته، بل هو بكل بساطة تحطيم لرمز السوء والعار.

من خلال الوضعية الاضطهادية يتحول الآخر إلى عقبة تعرقل الوصول إلى تحقيق الذات. وبمقدار ما تترسخ هذه النظرة عن الآخر كعقبة، يفقد إنسانيته تدريجياً في نظرنا، ويتحول إلى أسطورة شر.

ليس هناك من التزامات تجاهها أو حرمة لوجودها، بل على العكس لا بد من القضاء عليها في التشفي.

وهو فعل يتخذ طابع القضاء على العقبة الوجودية، مما يجعلنا نفهم السهولة المذهلة التي يتم فيها العدوان.

في المرحلة الاضطهادية إذاً، تسقط مشاعر الذنب والتبخيس الذاتي على الآخر، لا المتسلط بل الشبيه، الآخر المقهور أو الأكثر قهراً. وتوجه إليه العدوانية المتراكمة متخذة طابع الحقد المتشفي.

والهدف من ذلك هو تحطيم الصورة غير المقبولة عن الذات التي يعكسها للإنسان المقهور من هو أكثر غبناً. منه، مما يعطيه انطباعاً، ولو وهمياً، بالإفلات القهري.

وعلى هذا الاساس يخلق مناخا من العنف العام ومن هذا المناخ وما يتضمنه من أسلوب متوتر استغله المستعمرون والمتسلطون الداخليون، حين فسر بشكل مزور على أنه جزء من طبيعة بعض الشعوب التي عانت طويلاً من القهر.

فاكتسبت تلك الشعوب شهرة الدموية أو العناد وركوب الرأس أو العدوانية، التي فسرت جميعاً بأسباب عرقية أو ما شابهها من التفسيرات المجحفة، التي لا هدف لها سوى تبرير البطش الذي ينزله المستعمر أو المتسلط الداخلي بها، إنهم لا يفهمون سوى لغة القوة.. اللطف لا يجدي معهم.. لا يجوز التساهل معهم، سيستجيبون بالعنف والتخريب، سيتطاولون على أرباب نعمتهم.

هنا نلاحظ مأزقاً آخر يحشر فيه الإنسان المقهور، إنه ضحية عنف مزمن ومنظم، ولكن يطلب منه أن يكون مهذباً، لأنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية ذنبه، لأن العدوانية في هذه الحالة تهدد وجوده بالانفجار، وهكذا لا يجد أمامه من سبيل إلا اتهام الآخرين بالذنب، وبالتالي بالعدوانية، إنه يصب عدوانيته فيهم وعليهم ويجعلهم ممثلين لها، حاملين أوزارها وأوزار تقصيره الوجودي.

باختصار تام إن عملية تحويل الآخر بهذا الشكل إلى مصدر للعدوانية ورمز لها، يفسح المجال في مرحلة تالية لإمكانية تبرير الاعتداء عليه.

المصدر:
"بتصرف من كتاب التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور، للكاتب د. مصطفى حجازي"
المجتمع
السلوك
التفكير
الشخصية
القيم
مفاهيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    لو أدركته لخدمته أيام حياتي

    النشر : الأحد 22 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الإيثار في حبِ الوصي

    النشر : الأربعاء 21 آب 2019
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    ورشة الكترونية للكتابة الأبداعية

    النشر : الأربعاء 20 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    ألبِس كلماتك حلّة جميلة تليق بك

    النشر : الأحد 08 كانون الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    الوجبات السريعة تهددك وتصيبك بالاكتئاب.. مخاطر لا تعرفها للـ Fast Food

    النشر : الأحد 09 تشرين الاول 2016
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    سُبل اتساع النفوس

    النشر : الخميس 13 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ 28 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1070 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 371 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 364 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 337 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 335 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3455 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1086 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1070 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1015 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 996 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 8 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 9 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 9 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة