• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

ينزع قرطيها الأقوى

هدى المفرجي / الأربعاء 09 تموز 2025 / اسلاميات / 414
شارك الموضوع :

الحسين لم يمت، بل صار كل دمٍ ينزف في سبيل الحق. وإذا كان العالم اليوم يخبط في ظلمته كالأعمى، فاعلموا أن عصاه ستُكسَر يومًا

الدنيا تفترّ على قرنِ خيانة، إذ ينزع قرطيها الأقوى، وتسقط الدموع ساخنة، والأبصار نحو النحر شاخصة: يا أبتاه، من للعدل إمام غيرك؟ فذا دمي يسفكه الغادرون ليرتووا، فمن للعدل حين تُسفَك جباهُ الضعفاء، وتئنّ بصمت، والقيد يدمي كاحلها، والليل يُنصت لزفراتها، فهل يُنصت اليوم أحدٌ سواه؟.

قُطع النص وانتهى المشهد، ووقف الناس بذهول: أيُّ حربٍ تلك التي فيها الزمنُ الأعمى يَخبط مُبصرًا بعصاه؟ لوعةٌ تنطلق من عباءة الإيمان، وقدمان لا تُدرِكان الاتجاه، بين الأطفال، ونحر الهدى على رمضاء كربلاء.

ثانية، ويجيء الحسين...

هكذا يُهدّئ الصغار، ولكن بماذا لو لم يجيء؟ تُمسح الدموع، وتسكن الجباه إن استمعوا لهذا النداء: "هل من ناصرٍ ينصرني؟" بينما الأرض تحت وطأة الظلم، والقيدُ يدمي الكواحل، والليلُ مُنصتًا لزفرات الأرامل، والدم يسيل كالنهر العارم، مُغرقًا بقرمزيته تلك الرمضاء، ويصرخ: "إن رحلتُ، فمن للعدل إمامٌ غيرك؟" قُطع النص مرةً أخرى، وشُلّت يدُ الكاتب لهول المصاب، وانتهى المشهد، ولكن الحرب لم تنتهِ، فالزمن الأعمى ما زال يخبط بعصاه، لتتكرر نفس المأساة، وتُذبح التقوى على مذبح الصمت، والجباه العارية يُسفك منها الدماء، فَيَرتوي الظالمون، ونقف مجددًا: "يا أبتاه، من للعدل؟" سؤالٌ يردّده كل مظلوم منذ سقط الحسين في كربلاء، فيُجيب الحق: "ثانيةً، ويجيء الحسين".

ليس بجسده، بل بذلك الصوت الذي يهزّ الضمائر النائمة: "إن كان الدين لم يستقم إلا بقتلي، فـيا سيوف خذيني." ويقف الناس بذهول يتساءلون: أيّ دمٍ هذا الذي لا يجف؟ وأيّ قضيةٍ تلك التي لا تموت؟ فيردّد الصوت في عقولنا هذه المرة: "ثانيةً، ويجيء الحسين..." في كل دمعة تسقط على خد يتيم، أو هي في الليل المعتم صرخات المظلومين، يجيء حين يرفض العالم طرف التغيير، ولو لم يجيء، لظلّ العالم بلا بوصلة، والعدل حلمًا بعيدًا.

لكنه جاء، وسيظلّ يأتي كلما استدارت عجلة التأريخ وعادت ليوم عاشوراء. فلا تنطفئ تلك الشعلة في قلوب المؤمنين، طالما ما زال الطريق مفتوحًا إلى كربلاء. يبقى النصر يبدأ بدمعة وينتهي بثورة، فلن ترجح كفة ميزان العدل إلا بالقتل، ولَما كان العالم يؤاخي طرف التغيير لولا الاستشهاد. لم يكن الحسين مجرّد شهيدٍ سقط على تراب كربلاء، بل كان صرخةً دوَّت في أُذن الزمن، توقظ الضمائر من سباتها كلّما غفت.

فما إن تظنّ الإنسانية أنّ الظلم قد انتصر، حتى تعود ذكراه لتُذكّر الجميع بأنّ الدم الطاهر لا يسكت، وأنّ الحق لا يُدفن تحت رمال الخيانة. فهو يجيء في كل دمعةِ يتيمٍ حُرِمَ حنان أبيه، وفي كل صرخةِ امرأةٍ نُهِبت كرامتها، وفي كل قبضةٍ ضعيفةٍ انتُزع منها حقها.

يجيء حين يرفض الظالمون إلا أن يكونوا سيوفًا للجور، وحين ينسى العالم أن العدل ليس كلمةً تُقال، بل ثمنه الدم. فكربلاء ليست حدثًا مضى، بل درسٌ يتجدد. فالذي حدث على رمضاء تلك الأرض لم يكن مجرّد معركةٍ بين قلةٍ وكثرة، بل كان اختبارًا للإنسانية جمعاء: هل تقف مع القوّة حتى لو كانت باطلة؟ أم تختار الحقّ، حتى لو كلفك حياتك؟ وفي ما مضى، أجابت دماء الحسين (عليه السلام): "إنّ الموت في سبيل العدل خيرٌ من الحياة تحت ظل الذل".

واليوم، كما بالأمس، تئنّ الأرض تحت وطأة الظلم، والأطفال يُقتلون في زوايا العالم المنسية، والأرامل تُذرف دموعًا لا يسمعها إلا الليل، والضعفاء يُسحقون تحت أحذية الطغاة. فإذا سألتَ: "لماذا لا ينتهي هذا الظلم؟" فالجواب في سؤالٍ آخر: "لماذا لم ينتهِ يوم كربلاء؟" ببساطة: لأنّ الصراع بين الحق والباطل صراعٌ أزلي، لكن النهاية محسومة، فكما أن الحسين خرج من رحم المأساة رمزًا للانتصار، فكلّ دمٍ يُسفك ظلمًا سيحرق يومًا يد الظالم، وكلّ دمعةِ مظلوم ستبني جسرًا نحو العدل. فلن يتوقّف الحسين عن المجيء، وسيظلّ يأتي كلّما ارتفع سيفُ الباطل، وكلّما استدار التاريخ ليُكرّر مأساته.

سيأتي في كلّ قلبٍ يرفض الخنوع، وفي كلّ يدٍ ترفع راية الحق. فالشهادة ليست نهاية، بل بداية: بداية يقظة، بداية ثورة، بداية تغيير. فلا تيأسوا إذا طال الليل، فكما أن الفجر يولد من أحشاء الظلام، فإنّ العدل يولد من دماء الشهداء، والحسين لم يمت، بل صار كل دمٍ ينزف في سبيل الحق. وإذا كان العالم اليوم يخبط في ظلمته كالأعمى، فاعلموا أن عصاه ستُكسَر يومًا، وسَيُولد النور من حيث لا ينتظرون، وذلك هو وعد الله: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.

الامام الحسين
عاشوراء
الوعي
كربلاء
الدنيا
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    وعي العباءة الزينبية ٣

    التدهور المعرفي ليس حتميًا مع التقدم في السن.. وفق دراسة جديدة

    زينب العقيلة: سيّدة الصبر والعقل الواعي

    مجالس الرشد العاشورائية

    آخر القراءات

    على قلوبنا... أقفالها

    النشر : السبت 28 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    جبر الخواطر عبادة

    النشر : السبت 13 تموز 2019
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    في عصر الرغبات: كيف يعاد تعريف الحرية من جديد؟

    النشر : الأثنين 09 كانون الأول 2024
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    وأشرقت الأرض بنور المجتبى

    النشر : الثلاثاء 21 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    قراءة في كتاب: فن اللامبالاة

    النشر : الأربعاء 09 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    جائحة كورونا تفاقم من ظاهرة العنف ضد النساء

    النشر : الخميس 11 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 964 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 733 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 614 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 611 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 431 مشاهدات

    من يتصدر نتائج الذكاء الاصطناعي؟ AIO يعيد رسم قواعد اللعبة

    • 361 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1066 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1046 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 970 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 964 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 842 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 733 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان
    • الخميس 31 تموز 2025
    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة
    • الخميس 31 تموز 2025
    وعي العباءة الزينبية ٣
    • الخميس 31 تموز 2025
    التدهور المعرفي ليس حتميًا مع التقدم في السن.. وفق دراسة جديدة
    • الخميس 31 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة