• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

في رحاب السر الخفي: مسيرة الروح نحو كربلاء

زينب شاكر السماك / الخميس 22 آب 2024 / حقوق / 1255
شارك الموضوع :

كان نظام الحكم البائد يسعى بشتى الطرق لقمع هذه الزيارة، ولكن قوة الإيمان كانت أكبر من كل قيود وظلم

في عمق كربلاء المقدسة، حيث تنصهر الأزقة في عبق التاريخ، تتجلى روحانية زيارة الأربعين كسرٍ إلهي غير مرئي، يجذب الملايين من أنحاء العالم إلى قلب المدينة المقدسة. كطفلة نشأت في هذا المحيط التاريخي، كنت أراقب بذهول كيف أن زيارة الأربعين التي كانت تُمنع بشدة في زمن النظام البائد، بدأت تتحول إلى أحد أعظم التجمعات الروحية في التاريخ.

في تلك الأيام، كان النظام البائد يسعى جاهداً لعرقلة إحياء هذه الشعائر المقدسة، أذكر كيف كنت أراقب من نافذتي الطفولية المشهد المهيب للزوار، وهم يخطون خطواتهم ببطء وثبات على الأقدام، متحدين بذلك القوانين الجائرة التي كانت تفرض عقوبات قاسية على من يأتي سيرا على الأقدام. كان نظام الحكم البائد يسعى بشتى الطرق لقمع هذه الزيارة، ولكن قوة الإيمان كانت أكبر من كل قيود وظلم.

الزوار، في تحدٍّ عظيم للقيود المفروضة عليهم، كانوا يأتون عبر طرقات ملتوية ومخفية، وكأنهم يستجيبون لنداء سماوي لا يراه سوى قلوب المخلصين. كانت خطواتهم المتثاقلة تعكس صبرًا وإيثارًا عميقين، وتضفي على المدينة طابعًا من الإيمان الخالص والتفاني الذي لا يمكن تفسيره إلا بأنه من مصدر إلهي.

ومع مرور الزمن، تحول هذا المشهد إلى تجربة عظيمة لا تُصدق. من زوار زاحفين عبر طرقات مخفية إلى مظاهر مهيبة تُجسد ألوان الحشود المتوافدة من كل بقاع الأرض. بدون تنظيم مركزي أو اتفاق مسبق، بل هو نداء الروح الذي يجذب الملايين إلى قلب كربلاء. زيارة الأربعين أصبحت حدثًا عالميًا، يجتمع فيه الناس من جميع أنحاء العالم، بكل ألوانهم وأعمارهم، تحت راية واحدة.

كل عام، وأمام هذا التجمع المهيب، أجد نفسي غارقة في تساؤلاتي حول هذا السر الإلهي العجيب وراء زيارة الأربعين. ما الذي يجعل هذه الحشود الهائلة تتوافد من كل بقاع الأرض، متحدية كل الصعوبات، لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)؟ لماذا يستمر هذا الإصرار عبر الأجيال والسنين، رغم تغيرات الزمن والمجتمعات؟ ما الذي يكمن وراء هذا الارتباط الروحي العميق؟ كيف يمكن لحدث وقع منذ أكثر من ألف عام أن يستمر في جذب هذه الجموع الهائلة عامًا بعد عام؟

السر يكمن في تلك التضحية العظيمة التي قدمها الإمام الحسين (عليه السلام). لقد ضحى بكل شيء: حياته، عائلته، وحتى أصحابه، من أجل نصرة كلمة الله وتحقيق العدالة في وجه الظلم والطغيان. هذه التضحية درسًا خالدًا في الإيمان والثبات على المبادئ. وهنا يظهر السر الإلهي في عظمة هذه المناسبة: لأن الإمام الحسين (عليه السلام) قدّم كل ما يملك من أجل الله، فإن الله بدوره أعطاه كل شيء.

وضع الله جل وعلا سر إلهي هذه الزيارة، كأنه نداء خفي يلامس وجدان كل موالٍ. إنه نداء لا تسمعه الأذن، بل تشعر به القلوب المؤمنة، يناديها من أعماق الروح لتسجل أروع صور الإخاء والترابط الروحي. كأن هناك صوتًا خفيًا يطرق وجدان المؤمنين، يدعوهم للسير في طريق الحق والتضحية، لتجسيد معاني الوفاء والحب لأهل البيت (عليهم السلام).

إنها ليست مجرد رحلة جسدية إلى كربلاء، بل هي معجزة إلهية تتجلى في صورة هذا الجمع العظيم، حيث يتلاقى الناس من كل أنحاء العالم تحت راية واحدة، تذكرهم بقضية الإمام الحسين (عليه السلام) وتربطهم بخيوط غير مرئية من الإيمان والمحبة. إنها دعوة روحية، تخرج من قلب المعاناة التي عاشها الإمام وأهل بيته، لتصل إلى كل مؤمن، وتدفعه للانضمام إلى هذه المسيرة المباركة.

كموالية نشأت في بيت يعشق أهل البيت (عليهم السلام)، أدرك أن هذه الزيارة هي تجسيد للإيمان العميق الذي يسكن قلوب الملايين. انها دعوة لتجديد العهد والولاء، ووسيلة لتطهير النفس وتعزيز الروحانية. فكل خطوة يخطوها الزائر نحو كربلاء هي بمثابة شهادة على الإخلاص والإيثار، وإعلان عن حب لا ينضب للإمام الحسين (عليه السلام).

إنها رحلة تتخطى الأبعاد الجسدية لتغوص في أعماق الروح، حيث يجد كل مؤمن نفسه في رحلة من نوع آخر، رحلة نحو الله، نحو الحقيقة، نحو النور. في هذه اللحظات، تتجلى معاني الإيثار، وتزدهر القيم الإنسانية في أبهى صورها.

إن استمرارية هذه الزيارة التي تعد رمزًا خالدًا للوحدة والإيمان، وتزايد أعداد المشاركين فيها عبر الأجيال تعكس قوة الرسالة التي حملها الإمام الحسين عليه السلام. إنها رسالة تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتخاطب الضمير الإنساني في كل عصر. هذه الزيارة ليست مجرد تجمع بشري، بل هي تجديد للعهد مع الله، ومع القيم التي ناضل من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام).

الامام الحسين
كربلاء
زيارة الاربعين
عاشوراء
المجتمع
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    من أفكار المجدد الشيرازي: القوانين المادية في المجتمع الغربي

    النشر : الخميس 05 آيار 2022
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    القلب أم العقل.. أيهما يفوز؟!

    النشر : الأثنين 31 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    كيف حمل الامام السجاد راية الاصلاح عن طريق الدعاء؟

    النشر : الثلاثاء 31 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    حافظ على صحتك النفسية

    النشر : الأربعاء 26 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    وصايا للتحكم في أوقات الفراغ والاستفادة منها

    النشر : الثلاثاء 24 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    عيد الغدير.. يوم العهد المعهود والميثاق المأخوذ

    النشر : الخميس 06 آب 2020
    اخر قراءة : منذ 6 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 412 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 365 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 344 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1079 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1061 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 663 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 4 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 4 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 4 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 4 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة