انطلاقًا من أهمية الكتابة وأثرها، وما توليه جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية من اهتمام في هذا المجال إذ خرّجت الكثير من الكاتبات وفتحت لهن بابًا في العمل والإبداع، أقامت ورشة متخصصة في مجال الكتابة الإبداعية يوم السبت الموافق 29/ 11 / 2025 في مقر الجمعية في كربلاء..
ركزّت على تأصيل المهارات اللغوية السليمة كشرط أساسي لا غنى عنه لأي كاتب يطمح لأن تكون كتابته رفيعة ومنضبطة ومقبولة. وحاولت الورشة عبر محاضرها المدرب والإعلامي محمد الموالي من البحرين، تفكيك الفكرة التقليدية القائلة بأن تعلم القواعد النحوية والصرفية المعقدة هو البوابة الوحيدة لإتقان اللغة والكتابة.
افتتح الموالي الجلسة بمحاولة العودة إلى الجذور الفطرية الطبيعية لتكوين اللغة، مؤكدًا أنها تنشأ في الأصل من الأصوات التي يسمعها الإنسان في محيطه. واستشهد بتنوع اللهجات العربية من الخليج إلى العراق، والتي يتعرف الناس من خلالها على بعضهم، كدليل على أن الصوت هو الأساس.
وأوضح أن الاستماع هو الحجر الأول في بناء الملَكة اللغوية، فهو يبني مخزونًا صوتيًا ومفرداتيًا، ويخلق ما أسماه السياق اللغوي، الذي يمكّن الإنسان من فهم النصوص وتوقع الكلمات حتى مع وجود أخطاء إملائية طفيفة. وضرب مثلاً عمليًا على قوة السياق في توجيه الفهم.
وربط المدرب بين مهارة الاستماع والفصاحة، مُعدًا أنها تُكتسب بالسماع والممارسة، كما كانت الحال في عصور نقل المعرفة والحديث والسيرة عبر الرواية الشفهية. وحذر من القفز إلى الأحكام النحوية المعقدة في بداية تعلم اللغة، لأن ذلك قد ينفّر المتعلم ويقتل شغفه.
ثم انتقل الموالي إلى الركيزة الثانية المكملة للاستماع، وهي القراءة، عادًّا إياها الوسيلة الأفضل لطباعة صورة ذهنية للمفردات والتراكيب، مما يمنح الكاتب أو المتحدث طلاقة ويسرًا في التعبير، ويحميه من الوقوع في الحشو والتكرار أو اللزمات اللفظية أثناء الكلام أو الكتابة.
وشدّد على أن الممارسة العملية للغة عبر التحدث والقراءة الجهرية، حتى ولو كان المرء وحده، أمر حيوي لتطوير هذه المهارات، مبينًا أن الجمع بين الاستماع والقراءة والممارسة هو طريق الاكتساب الطبيعي للغة، كما يحدث مع الطفل في بيئته.
مثلما أكّد المحاضر أن الالتزام بهذه الأسس الثلاثة (الاستماع، القراءة، الممارسة) يؤدي حتمًا إلى القدرة على الكتابة بسلاسة. وانتقل بعدها إلى علاقة هذا البناء اللغوي بالإعلام والكتابة الإبداعية، قائلاً: اللغة هي لسان الإعلام وأداته الأولى. وأوضح أن ضعف اللغة يؤدي إلى عجز في فهم النصوص وتحليلها، وبالتالي عجز في الإنتاج الإبداعي المؤثر.
وتطرّق إلى أشكال اللغة في الإعلام، مثل اللغة البيضاء التي وصفها بأنها مزيج مدروس بين الفصاحة والبساطة، بهدف تقريب الفكرة للمتلقي دون تكلف، مع الحفاظ على الإيقاع الموسيقي الجميل للغة. ونبّه إلى ضرورة قدرة الإعلامي على الانتقال المرن بين مستويات اللغة (العامية، البيضاء، الفصيحة، العلمية) وفقًا للسياق والضيف والمحتوى.
واختِتمت الورشة بتلخيص الركائز الأساسية التي يجب على كلّ من يريد دخول عالم الكتابة الإبداعية، وبخاصة في المجال الإعلامي، أن يبني عليها: الاستماع النشط، لبناء المخزون اللغوي والسياق.
والقراءة الواسعة، لتنمية الذخيرة اللغوية والصور الذهنية. مع الممارسة الدائمة عبر التحدث والكتابة لترسيخ المهارة. والفهم العملي للغة باعتبارها أداة حية قادرة على التشكل حسب السياق، وليس مجرد قواعد جامدة.
وجدير بالذكر، أن جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تركز على تطوير قدرات الكاتبات وحثهنّ على الاستمرار والاستزادة، من خلال توفير بيئة ثقافية داعمة، وفتح آفاق التعبير الإبداعي أمام الأصوات النسوية الواعدة.
كما تسهم في صقل المواهب عبر الأنشطة والورش، بما يعزز حضور المرأة في المشهد الثقافي والفكر.








اضافةتعليق
التعليقات