• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

للحلمِ بقية

دنيا عبد الكريم / السبت 12 كانون الأول 2020 / ثقافة / 5859
شارك الموضوع :

كانَ وما زال حلمها أن تقرأَ وتكتب، أن تعبثَ بالأوراقِ والأقلامِ والألوانِ

كزهرة قُطِفتْ قبلَ أوانها، هي جميلةٌ، جميلةٌ جدا، لكنها تعيشُ غربةَ الياسمين، كانت ثلاثينية وكان حجابها من أجملِ ما يكون وأضفى عليها رونقاً يُشبه رونقَ الأزهارِ، تحملُ إحدى طفلتيها على صدرها والأخرى تمسك بها من يدها، التقيتُ بها صدفةً في عملي وأنا على يقينٍ تامٍ دوماً أن الصدفَ ماهي إلا ترتيبٌ إلهي، ملامحُها مريحةٌ، إبتسامتها لها معانٍ كثيرةٍ، تكلمنا لدقائقٍ معدودةٍ فأخبرتني أنها تعيشُ غربةَ الحرفِ والكلمةِ، تفتقدُ تراقصَ الحروفِ والكلماتِ والعبارات في فمها لروايةٍ أو  لقصيدةٍ أو حتى لقصةٍ صغيرةٍ تقرؤها لصغيراتها  قبلَ النومِ، هي تفتقد الكتاب.

ذبُلت تلكَ الياسمينةِ وأجبرتها الحياة أن تُضّيعُ أملا!.. وعلى حسبِ قولها (فقدته منذ زمن بعيد!)..

هي تضطربُ، تصرخُ، تُعاني، ويرتفعُ صوت اللا بداخلها لكن بصمتٍ وبملامحٍ أقربُ ما تميلُ إلى الرضا والقبول، لا أحدُ يسمعُ!، تلك الأم الياسمينة، تلك الأرض التي لطالما أعطت ومازالت، لا أحد يسمع ما تعانيه لأنه ببساطة صوت القلب لا يُسمع!.

كانَت هناك جذوةٌ صغيرةٌ من حلمٍ يابسٍ تقبعُ في زاويةٍ صغيرةٍ من صحراءِ قلبها أرادت أن تُصيبها ولو بقطرةٍ صغيرة من ذلك الأملِ المفقود، عله يحيا، عل شيئا من غرور الياسمين يُجبره على النهوضِ مرة أخرى فينمو ويزدهر لكن دون جدوى لم تستطعْ، كان هناك الكثير بداخلها لكن قلمها كان أخرساً، وكلماتها تلاشت مع كل تلك العواصف التي أصابت صحراء قلبها.

لم تكن تعرف القراءة والكتابة. لم يسمحوا لها أن تتعلم، لم يُعطوها حقاً أنزله الله لها في كتابه. قال تعالى: (اقرأ باسمِ ربك الذي خلق).

كانَ وما زال حلمها أن تقرأَ وتكتب، أن تعبثَ بالأوراقِ والأقلامِ والألوانِ.

أنْ يكونَ بجانبِها كتابٌ تقرأُ فيه قبل أن تنام ليلا، أن تُناقش القمرَ الذي يغفوْ كلَ ليلةٍ في أحضانٍ الياسمين المنسدلِ على نافذتها عن بطل رواية، وأَن تقصُ عليه أمنياتها المكتوبة في دفترٍ صغيرٍ.

كان حلمها أن تقرأ وتكتب، أن تلفظ صلاتها بالصورة الصحيحة، أن تقرأ القرآن في الفجر وتهديه لأمواتِها، أن تزورَ الأئمة الأطهار بزياراتهم في الأضرحة المقدسة،

أن تدل أحدهم على مكان ما عندما يصادفها في الطريق ويسألها، أن تقرأ ما كتبت لها أنا حين التقيتها، عن كيفية إعطاء الدواء لطفلتها الصغيرة دون أن أرسم لها قمراً وشمساً! كان جُل ما تتمناه تلك الياسمينة أن تقرأَ وتكتب، أن يكون لها حق التعليم في أمةٍ أولَ كلمة برسالة نبيها(اقرأ).

كانت موقنة تماما أن لها حق أن تتعلم، أن تقرأ، أن تكتب، وأن حرمانها من ذلك الحلم ماهو إلا ضرب أعمى للعادةِ والتقليد، همجيةٌ علا صوتها على العلمِ والمعرفة.

لطالما آمنت أن يكون لها حق التعلم، حق أن يكون لها كراسة خاصة تكتب فيها مايحلو لها أوحتى مذكرة صغيرة تحتفظ بها في حقيبتها لتدون فيها أعياد ميلاد ابنتيها!، كانت أمنياتها أبسط من أن تكون أمنية، أبسط من ذلك بكثير!

هي لم تطلبْ سوى أن يكون لها حقُ القراءةِ والكتابة، كانت تستطيع أن تتهجأَ كلَ مشاعرِ الكونِ حولها، لكنها لم تكن تعرف أن تكتب سطراً واحداً.

حُرمت أن يكون لها كُتباً وحقيبة، قلماً وجديلتين!.

لطالما حَلُمت بأنها تلك الصغيرة التي كانت تراها في أحلامها والتي تقف أمام الصف وشعاع الشمس متسلل من إحدى النوافذِ معانقاً عينيها البنيتين ومصافحاً طوق الياسمين في شعرِها، وهي ترنو لدرسها بحماس أمام الجميع والصف يردد معها، والمعلمة تلك المرأة الوقور بملامحٍ مريحة تأخذُ زاويةً من الصفِ تراقبهم مبتسمة كأنهم لوحة جميلة يلتقي فيها الماضي والحاضر بالمستقبل، لينتهي الدرس وتثني عليها معلمتها (بأحسنتِ ياوردتي) صفقوا لها، ويُصفقُ لها الجميع وتجلسُ هي في مقعدِها فخورة بنفسها تتصاعد أنفاسها مع أصوات الطلاب فرحاً وزهواً، لكن فجأة تنتبهُ من نومها لترى أنها في حلمها الذي لطالما حَلُمت به، كبرت هي ولم تكبر تلك الصغيرة في الحلم، للحلمِ بقيةٌ.

أيقظتها صغيرتها تريد منها أن تربط لها شعرها قبل ذهابها للمدرسة..

 هي تقول: لو كنت فقط أقرأ وأكتب كنت اكتفيت!.

وأنا أقول: كان من حقها أن تقرأ وتكتب وتتعلم وتلتحق بالمدرسة والجامعة وتحقق ماتريد لأن التعليم حق وواجب ألزمنا به رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم)..

هذه الياسمينة الجميلة ذكرتني بقول الشاعر محمود درويش الذي اقتبستُ منه عنوان مقالتي (للحلم بقية)، والذي يقول:

ولنا أحلامنا الصغرى كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة

لم نحلم بأشياء عصية

نحن أحياء وباقون.. وللحلمِ بقية.

المرأة
التعليم
الحياة
قصة
الحزن
الظلم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    يتعرف على المرض من الملامح.. ثورة في تشخيص الأمراض النادرة

    النشر : الثلاثاء 06 آب 2024
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    مثنى وثلاث ورباع.. مشكلة أزلية مع النساء

    النشر : الأحد 03 آذار 2019
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    القلب أم العقل.. أيهما يفوز؟!

    النشر : الأثنين 31 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    نصائح توفّر الوقت والجهد لترتيب ثلاجتك.. تعرفي عليها

    النشر : السبت 18 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    الإضطراب النفسي والشخصية الحساسة

    النشر : الخميس 04 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    تربة مقدسة عند إمام قديس

    النشر : الأثنين 07 حزيران 2021
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 555 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 497 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 434 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 381 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 360 مشاهدات

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    • 327 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1207 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1170 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1112 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1090 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1070 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 681 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • منذ 12 ساعة
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • منذ 12 ساعة
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • منذ 12 ساعة
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • منذ 12 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة