• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

لا حِرمانٌ ولا شبع

مريم حسين العبودي / الثلاثاء 21 كانون الأول 2021 / ثقافة / 2491
شارك الموضوع :

الربط بين الدنيا والعالم الحتمي النهائي، يتطلب ارتداء نظارات خاصة لا تُشترى إلا بالابتلاء والنضج البطيء

إن الاقتراب من الفهم العميق لحكمة الدنيا والآخرة يشتمل على الربط المباشر بينهما، أن تُرى الدنيا بمنظار الآخرة، حتى في أكثر الأمور دُنيويةً، أن يأكل المرء فيستشعر عُمق حكمة قوله تعالى "وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب". 1

أذكرُ موقفاً حدث معي قبل فترة، لكنه رسخ في عقلي وتأملته مطولاً. كنتُ أشتري عصيراً من متجرٍ للعصائر والآيسكريم، وانا أطلب العصير عادةً دون سُكر، فقلت للفتى الذي يُعد الطلبات ذلك كي يتذكر، فلم يسمعني بسبب أصوات الخلاطات العالية، فلما هدأت الآلات وبدأ يسكب العصائر، قلت له إنني أريده دون سُكر، وكان قد وضع سكر في الخلاط بالفعل! فأكمل سكبه وجهزه ثم أعطاه لفتاة كانت قد طلبت ٣ عصائر فقط، فقال لها هذا الرابع ضيافة من المتجر! وراح يُعد لي واحداً جديداً دون سُكر. تأملت الموقف بعُمق حينذاك، وقلت في نفسي، سُبحانه! يرزق دون حساب.

الربط بين الدنيا والعالم الحتمي النهائي، يتطلب ارتداء نظارات خاصة لا تُشترى إلا بالابتلاء والنضج البطيء، حيث إن إمكانية عيش لذائذ الأرض من دون الانغماس في الدنيا يحتاج مقدرة عظيمة، أن يتمتع المرء بعطايا الله دون الانهماك فيها كأنها شيءٌ حتمي وثابت الوجود، بل كونه مُحركٌ رئيسي للسعي نحو مصدر العطاء الأكبر، نحو مورد اللذائذ والأرزاق.

أن يتأمل الرجل أهل بيته، ينظرُ إلى زوجته فيتذكر "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا" أن يعاملها بعطفٍ ورأفةٍ مُجسِداً: "وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة"(2). لذّة الأنس بالدنيا وزينتها لا يكتمل إلا حين يمتزج بنكهة الآخرة، وما أقلّهم أولئك الذين يشتبكُ العالمين في جوفهم، يعيشون روحيّة السماوات بأرضٍ واسعة، ولا تزيدهم رغبات الدنيا فيهم إلا تقرباً من رياض المعشوق الأبدي.

ينبغي على المخلوق أن لا يقع في فخ الفصل بين العالميّن، فإنه حين يعيش كأنه قابعٌ في الدُنيا دون انتقال للعالم الثاني، فإنه يتحوّل إلى أداةٍ طيّعة تُحركه خيوط الحياة الفانية، تُحيله إلى دابةٍ لا تعرف إلا الاستهلاك والاعتياد على المتوفر لها ولا تنتظر إلا أن ينقضي اليوم ليبدأ الغد وتنال منه ما قُسم لها، إنها عملية تناولٌ مستمر دون أن يهدف إلى شيء ودون أن ينتجُ عنه ثمر.

وإن من يحيا متصوفاً زاهداً في الدنيا تمام الزُهد، لا يحيا فيها إلا منهكاً متعباً يكادُ لا يذوقُ فيها طعاماً ولا شراباً خوفاً من أن تُبّدِل الجحيم مسراته لحروقٍ لا شفاء لها، وتعاقبه على ابتسامةٍ ترتسمُ على محياه. ينزوي بنفسه عن الناس لا يألفهم ولا يألفونه، كأن مفاتيح الفردوس الأعلى تكمن في شقاء نفسه وحرمانها. إن السعيدُ الآمن، يسعى إلى نيل فلاح الدنيا والآخرة، وهو من يوازنُ بين الكفتين، فلا يُحرمُ في الأولى ولا يُعاقبُ في الآخرة.

(1)  سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 37.

(2)  سُورَة الروم/ الآية/ 21

الانسان
الحياة
الدين
الشخصية
السلوك
التفكير
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    السيدة أم البنين والجهاد الاعلامي بعد عاشوراء

    النشر : الثلاثاء 19 شباط 2019
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    المجتمع ومتلازمة التذمر!

    النشر : الخميس 13 حزيران 2019
    اخر قراءة : منذ 25 ثانية

    حواء... اهتمي بنفسك

    النشر : الثلاثاء 21 شباط 2017
    اخر قراءة : منذ 30 ثانية

    لحظة ألم.. دعاء زين العابدين اذا اعتدى عليه الظالمين

    النشر : السبت 04 تشرين الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 33 ثانية

    أنا لست فاشلا!

    النشر : الأثنين 30 تموز 2018
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    أزمة تجربة!

    النشر : السبت 29 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 605 مشاهدات

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 557 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 518 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 385 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 379 مشاهدات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    • 342 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1211 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1173 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1115 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1095 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1076 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 687 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • الخميس 18 ايلول 2025
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • الخميس 18 ايلول 2025
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • الخميس 18 ايلول 2025
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • الخميس 18 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة