كشفت دراسة جديدة عن وجود مستويات عالية للغاية من المواد الكيميائية السامة المعروفة باسم PFAS (مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل)، في عيّنة صغيرة من الفوط والسراويل الخاصة بالدورة الشهرية القابلة لإعادة الاستخدام.
وقال غراهام بيزلي، أستاذ الفيزياء والكيمياء والكيمياء الحيوية في جامعة نوتردام بولاية إنديانا، والمؤلف الرئيسي للدراسة:"سواء استخدمنا منتجات النظافة النسائية أم لا، فسنتعرض جميعًا لهذه المواد"، مضيفًا أنّ "كل شيء في الولايات المتحدة ينتهي بمكبّات النفايات، ومع الوقت تتسرّب هذه المواد الكيميائية الدائمة إلى مياه الشرب، ومياه الري، وسلسلة الغذاء".
تُعرف هذه المواد باسم "المواد الكيميائية الأبدية" لأنها لا تتحلّل بالكامل في البيئة. وتُصنَّف على أنها مُعطِّلات للغدد الصماء، وقد ربطت وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) بين أنواع مختلفة من هذه المواد ومشاكل صحية خطيرة تسببها، مثل:
السرطان
السمنة
ارتفاع الكوليسترول
انخفاض الخصوبة
انخفاض وزن المواليد
البلوغ المبكر
اضطرابات هرمونية
وأشارت الدراسة إلى أن أعلى مستويات التلوّث تم رصدها في نوع من مركبات PFAS "المحايدة"، وهي فئة من المواد التي كان العلماء على علم بوجودها، لكن لم يتمكنوا من قياسها بدقة إلا في الآونة الأخيرة، وبدأوا حديثًا باختبار أضرارها بشكل أعمق.
وأوضح بيزلي "أننا في العادةً نقيس نوعًا من مركبات PFAS يُعرف بالمركّبات الأيونية، التي تحمل شحنة كهربائية. يمكننا قياسها حتى عند مستويات منخفضة جدًا تصل إلى أجزاء في التريليون". لكنّ التكنولوجيا الحديثة تُتيح الآن للعلماء قياس مركّبات PFAS الحيادية، التي لا تحمل أي شحنة.
وقالت كاثرين شيلينغ، أستاذة مساعدة بعلوم البيئة بمركز إيرفينغ الطبي في جامعة كولومبيا بنيويورك، غير المشاركة في الدراسة: "يُعتقد أن بعض أنواع PFAS الحيادية مرتبطة بذات الأضرار الصحية التي تسببها المركبات الأيونية".
وأضافت في حديثها مع CNN: "هذا مهم لأنّ مركّبات PFAS الحيادية غالبًا ما تمرّ من دون أن تُرصد، لكنها في الواقع يمكن أن تُمتص بسهولة أكبر عبر الجلد، أو عبر الأغشية المخاطية مثل المهبل، لأنها قادرة على الانتقال بسهولة عبر الأنسجة الدهنية".
قد كشفت الاختبارات الجديدة، بحسب الدراسة، عن كميات مقلقة من هذه المركّبات الحيادية في بعض منتجات الدورة الشهرية القابلة لإعادة الاستخدام.
وأوضح بيزلي أنه "عندما قمنا بقياس مركّبات PFAS الحيادية، كانت التركيزات أعلى بكثير، ليس بمستوى أجزاء في التريليون، ولا حتى في المليار، بل وصلت إلى أجزاء في المليون، وهذا مستوى مرتفع جدًا".
ولفتت شيلينغ إلى "أننا لا نفهم تمامًا حتى الآن كيف تتصرف هذه المركّبات داخل الجسم، أو ما قد يعنيه التعرض طويل الأمد لها"، مضيفة أن "مركّبات PFAS الحيادية لم تُدرس بعد بشكل كافٍ، ولا توجد قوانين واضحة تنظم استخدامها إلى الآن".
بعض مركّبات PFAS تُضاف عمدًا
نُشرت الدراسة في مجلة Environmental Science and Technology Letters الثلاثاء ، وقامت بتحليل 59 منتجًا، شملت:
قال بيزلي:"لم نذكر أسماء الشركات المصنّعة في دراستنا، لكن الغالبية كانت من شركات أمريكية".
وأضاف:"كما شمل التحليل عددًا قليلًا من المنتجات من أمريكا الجنوبية، وبعضها من أستراليا وأوروبا. ورغم أن عدد العينات كان محدودًا، فإننا نعتقد أنها تُمثّل عينة تصويرية واقعية للسوق".
بالإضافة إلى قياس مركّبات PFAS الأيونية والحيادية، درست الدراسة ما إذا كانت مستويات PFAS المكتشفة منخفضة بما يكفي للإشارة إلى أن وجودها ناتج عن تلوث غير مقصود أثناء عملية التصنيع، كما بحث العلماء عن مستويات أعلى تشير إلى أن هذه المواد الكيميائية قد أُضيفت عمدًا.
وأعرب بيزلي عن صدمته بعدما "وجدنا أنّ 33% من سراويل الدورة الشهرية و25% من الفوط القابلة لإعادة الاستخدام احتوت على مركّبات PFAS أُضيفت عمدًا، وغالبًا لمنع تسرّب السوائل من المنتجات".
وأضاف أن العديد من المواد المستخدمة في هذه المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام تم استيرادها من مورّدين خارجيين في دول أخرى، قد لا يكون لديهم الوعي الكافي بمخاطر مركّبات PFAS مقارنةً بالمصنّعين المحليين.
وتابع: "بدا الأمر عشوائيًا، ففي بعض الأحيان تُضاف PFAS إلى الطبقة الداخلية من القماش، وأحيانًا إلى الطبقة الخارجية، وأحيانًا بين الطبقات، وهذا يُشير إلى أنهم لا يعرفون فعليًا ما الذي يفعلونه".
وعلّق بيزلي أنه "لا توجد أي علامات أو ملصقات توضّح ذلك، لذا لا يملك المستهلكون أدنى فكرة، لأنه لا توجد وسيلة تمكنهم من معرفة ما إذا كانت هذه المواد موجودة أم لا".
إلى ذلك، أشارت أليسا ويكس، المؤلفة الرئيسية للدراسة، إلى وجود بعض النتائج المشجّعة. وأجرت ويكس هذا البحث أثناء دراستها العليا في جامعة نوتردام، وهي الآن باحثة ما بعد الدكتوراه بكلية نيكولاس للبيئة في جامعة ديوك بولاية نورث كارولاينا.
وقالت: "فقط جزء من المنتجات احتوى على مستويات عالية من PFAS، وهذا يعني أن استخدام هذه المواد ليس ضروريًا في تصنيع منتجات النظافة النسائية القابلة لإعادة الاستخدام"، مضيفة في بيان أنه "يجب أن يكون بإمكان المصنّعين إنتاج هذه المنتجات النسيجية من دون اللجوء إلى مواد كيميائية مثيرة للقلق".
قالت كاثرين شيلينغ إن عددًا متزايدًا من المراهقين والبالغين يبحثون عن خيارات أكثر صداقة للبيئة، في وقت لا يزال فيه العلماء يجهلون إلى حدّ كبير كمية مركّبات PFAS وغيرها من المواد الكيميائية التي يُمكن أن يمتصّها الجسم عبر الأنسجة المهبلية مع مرور الوقت.
وأضافت: "هذه فجوة كبيرة في فهمنا، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار عدد الأشخاص الذين يعتمدون على هذه المنتجات شهريًا ولسنوات طويلة".
وتابعت: "رغم أن هذه النتائج قد تبدو هامشية للوهلة الأولى، فإنها تسلّط الضوء على حاجة أوسع إلى البحث والتنظيم والشفافية بشأن المواد المُستخدمة في جميع منتجات الدورة الشهرية". حسب cnn عربية
اضافةتعليق
التعليقات