• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

روحٌ خضراء في رِحاب الجنة

مريم حسين العبودي / السبت 07 آيار 2022 / تطوير / 2447
شارك الموضوع :

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة

تتعاقب أحداث الحياة، تُظلمُ تارة، وتُنيرُ تارةً أخرى، تتكاملُ مع بعضها البعض لتوصل المرء إلى حقيقةٍ لا مفرّ منها، ألا وهي أن "كُلُ شيءٍ هالِكٌ إلا وجَهه". تقعُ أموراً قد تهدّك، تُزلزل وجودك، تُثيرُ فيك حُزناً مُجلجلاً، كأن لا أنفاس تُستساغ بعده، ثم تفطِن إلى أن كلُه بعين الله، فتسلّم الأمر له.

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة، لقد أضافوا شعوراً طيّباً في أرجاء المنزل، ينتشرُ صوت زقزقتهم فيلوّن الأثير من حولنا. لكُلٍ منهم شخصية متفرّدة تختلف عن صاحبه، أحدهم مشاغب مرح، كثير الحركة ولا ينفك يزعجُ الآخرين بنقرةٍ أو حركةٍ ما، والآخر صامتٌ كثير الطيران، يتباهى بقدراته الجناحيّة بغنج. بينما الثالثة تشبه البطة في مشيتها وتجلسُ في الأرجوحة الخاصة بها داخل القفص ولا تكاد تغادرها إلا حين تدخل لبيتها الخشبيّ الصغير، وتشبه الرابعة الصفراء صغار الدجاج، نحيلة وقليلة الحيلة لا نشاطات مميزة لديها. لكُلٍ منهم اسم، ولكُلٍ منهم ميزته الاستثنائية.

صباح الأمس وبعد أن تجهزّتُ للذهاب إلى العمل، مررتُ على المكان الذي هم فيه، حيثُ يقيمون في قفص أُبقيه مفتوحاً يخرجون منه ويرجعون إليه وقتما يشاؤون. للوهلة الأولى، أرتجف قلبي، أحدهم مفقود! شُلّت أنفاسي وأنا أراه ملقىً على أرضية القفص، ممدداً ومتحجراً، جناحيه مضمومان نحو جسده، كان منكباً على وجهه... لم أتمالك نفسي ولم أدرِ ما أفعل. بدأتُ أبكي كالأطفال، تهطلُ دموعي تباعاً دون توقف، يا إله هذه الروح، ماذا أفعل! كان أهلي نائمين، الصباح لا يزال باكراً، ولقد فُجع قلبي به. أردتُ أن أضمره في التُراب بأسرع فرصة ممكنة، أردت مواراة جسده الأخضر الصغير، وحيث أننا لا نملكُ حديقة، لففته بمنديل ووضعته خارج المنزل، لم أشأ أن يبقى قرب الآخرين، فإن الحيوانات تتألم عند الفقد وتبكي روحها ... أخبرتُ أبي أن يدفنه لاحقاً، وقد فعل، وندمت بعدها لأني لم أحتفظ بريشةٍ منه...

تساءلت، إن كانت أجسادنا نحنُ البشر تتحلل وتتآكل، فهل يحدثً الأمر ذاته مع الريش؟ هل تتحول أداة الحرية لسجنٍ خانق؟ هل يأكل التُراب تدرجات الأخضّر المصفر؟ وكيف تخرُج روح طيرٍ صغير مثله، كيف بدأ الأمر، وكيف انتهى؟ وفي أي ساعةٍ من الليل ارتحل مهاجراً نحو الأبدية المُطلقة؟ وهل سينتظرني هناك؟ هل سيظهر أمامي شغبه ومرحه كما اعتاد أن يفعل؟ هل سيتذكرني؟ كنتُ أغازله وأحاكيه كأنه طفلي المدلل... قد لا يفهم أي شخص لا يملك علاقة وثيقة بنوع أو عدة أنواع من الحيوانات هذا النوع من المشاعر، لكن للحيوانات قدرة عجيبة في جعل القلب يأنس بها.

لم أملك يومها إلا التوكّل، تذكرتُ مناماً رأيته قبل فترة، كان فيه صوتُ تلاوةٍ خاشعة لسورة الرحمن، وقد تكرر مقطع "كُلُ من عَليها فان" مرات عدّة، وقد علِق في مسمعي منذ ذلك اليوم. فكُلُ من عليها فان، وكلُ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه، وكلنا أرواحٌ مجسدة، تعيشُ شطراً من قدرها ثم ترتحل، وآهٍ أيها الطائر الأثير، هلا تنتظرني هناك؟ أعدُك، سأكونُ روحاً خضراء مثلك.

الانسان
قصة
الحياة
الموت
الايمان
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الإمام الحسن.. مدرسة الفضيلة في قلب يثرب

    كعكة عيد الميلاد أمنية مؤجلة

    أعد ترتيب فوضاك الداخلية: خطوات صغيرة لتغيير كبير

    المضادات الحيوية تضر بالأمعاء... وهكذا يتم ترميمها

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    آخر القراءات

    5  أشياء لا تعرفها عن زبدة الفول السوداني

    النشر : الأحد 28 آيار 2023
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    استخرج مكنوناتك.. دورة الكترونية أقامتها جمعية المودة

    النشر : الأثنين 17 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    وطن وكفن: هنا بغداد

    النشر : الثلاثاء 12 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ثورة الحسين.. امتداد لرسالة النبي محمد

    النشر : الأثنين 07 ايلول 2020
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    إيربودز تحصل على الضوء الأخضر كأجهزة مساعدة للسمع

    النشر : الأحد 15 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    كيف تؤثر الحيوانات الأليفة على سلوك الأطفال؟

    النشر : الأثنين 13 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1028 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 812 مشاهدات

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    • 667 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 659 مشاهدات

    الخاسرون في اختبار الولاية

    • 531 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 454 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1076 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1059 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1028 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 977 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 847 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 812 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الإمام الحسن.. مدرسة الفضيلة في قلب يثرب
    • منذ 5 ساعة
    كعكة عيد الميلاد أمنية مؤجلة
    • منذ 6 ساعة
    أعد ترتيب فوضاك الداخلية: خطوات صغيرة لتغيير كبير
    • منذ 6 ساعة
    المضادات الحيوية تضر بالأمعاء... وهكذا يتم ترميمها
    • منذ 6 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة