• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

روحٌ خضراء في رِحاب الجنة

مريم حسين العبودي / السبت 07 آيار 2022 / تطوير / 2329
شارك الموضوع :

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة

تتعاقب أحداث الحياة، تُظلمُ تارة، وتُنيرُ تارةً أخرى، تتكاملُ مع بعضها البعض لتوصل المرء إلى حقيقةٍ لا مفرّ منها، ألا وهي أن "كُلُ شيءٍ هالِكٌ إلا وجَهه". تقعُ أموراً قد تهدّك، تُزلزل وجودك، تُثيرُ فيك حُزناً مُجلجلاً، كأن لا أنفاس تُستساغ بعده، ثم تفطِن إلى أن كلُه بعين الله، فتسلّم الأمر له.

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة، لقد أضافوا شعوراً طيّباً في أرجاء المنزل، ينتشرُ صوت زقزقتهم فيلوّن الأثير من حولنا. لكُلٍ منهم شخصية متفرّدة تختلف عن صاحبه، أحدهم مشاغب مرح، كثير الحركة ولا ينفك يزعجُ الآخرين بنقرةٍ أو حركةٍ ما، والآخر صامتٌ كثير الطيران، يتباهى بقدراته الجناحيّة بغنج. بينما الثالثة تشبه البطة في مشيتها وتجلسُ في الأرجوحة الخاصة بها داخل القفص ولا تكاد تغادرها إلا حين تدخل لبيتها الخشبيّ الصغير، وتشبه الرابعة الصفراء صغار الدجاج، نحيلة وقليلة الحيلة لا نشاطات مميزة لديها. لكُلٍ منهم اسم، ولكُلٍ منهم ميزته الاستثنائية.

صباح الأمس وبعد أن تجهزّتُ للذهاب إلى العمل، مررتُ على المكان الذي هم فيه، حيثُ يقيمون في قفص أُبقيه مفتوحاً يخرجون منه ويرجعون إليه وقتما يشاؤون. للوهلة الأولى، أرتجف قلبي، أحدهم مفقود! شُلّت أنفاسي وأنا أراه ملقىً على أرضية القفص، ممدداً ومتحجراً، جناحيه مضمومان نحو جسده، كان منكباً على وجهه... لم أتمالك نفسي ولم أدرِ ما أفعل. بدأتُ أبكي كالأطفال، تهطلُ دموعي تباعاً دون توقف، يا إله هذه الروح، ماذا أفعل! كان أهلي نائمين، الصباح لا يزال باكراً، ولقد فُجع قلبي به. أردتُ أن أضمره في التُراب بأسرع فرصة ممكنة، أردت مواراة جسده الأخضر الصغير، وحيث أننا لا نملكُ حديقة، لففته بمنديل ووضعته خارج المنزل، لم أشأ أن يبقى قرب الآخرين، فإن الحيوانات تتألم عند الفقد وتبكي روحها ... أخبرتُ أبي أن يدفنه لاحقاً، وقد فعل، وندمت بعدها لأني لم أحتفظ بريشةٍ منه...

تساءلت، إن كانت أجسادنا نحنُ البشر تتحلل وتتآكل، فهل يحدثً الأمر ذاته مع الريش؟ هل تتحول أداة الحرية لسجنٍ خانق؟ هل يأكل التُراب تدرجات الأخضّر المصفر؟ وكيف تخرُج روح طيرٍ صغير مثله، كيف بدأ الأمر، وكيف انتهى؟ وفي أي ساعةٍ من الليل ارتحل مهاجراً نحو الأبدية المُطلقة؟ وهل سينتظرني هناك؟ هل سيظهر أمامي شغبه ومرحه كما اعتاد أن يفعل؟ هل سيتذكرني؟ كنتُ أغازله وأحاكيه كأنه طفلي المدلل... قد لا يفهم أي شخص لا يملك علاقة وثيقة بنوع أو عدة أنواع من الحيوانات هذا النوع من المشاعر، لكن للحيوانات قدرة عجيبة في جعل القلب يأنس بها.

لم أملك يومها إلا التوكّل، تذكرتُ مناماً رأيته قبل فترة، كان فيه صوتُ تلاوةٍ خاشعة لسورة الرحمن، وقد تكرر مقطع "كُلُ من عَليها فان" مرات عدّة، وقد علِق في مسمعي منذ ذلك اليوم. فكُلُ من عليها فان، وكلُ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه، وكلنا أرواحٌ مجسدة، تعيشُ شطراً من قدرها ثم ترتحل، وآهٍ أيها الطائر الأثير، هلا تنتظرني هناك؟ أعدُك، سأكونُ روحاً خضراء مثلك.

الانسان
قصة
الحياة
الموت
الايمان
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    الحياة الزوجية وأهمية الاستشارة مع الأخصائيين

    النشر : الخميس 14 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ ثانية

    موسم الاضطهاد: مرحلة تعرقل الوصول لتحقيق الذات

    النشر : الأربعاء 17 آب 2022
    اخر قراءة : منذ ثانية

    لو أدركته لخدمته أيام حياتي

    النشر : الأحد 22 ايلول 2024
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الإيثار في حبِ الوصي

    النشر : الأربعاء 21 آب 2019
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    ورشة الكترونية للكتابة الأبداعية

    النشر : الأربعاء 20 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    ألبِس كلماتك حلّة جميلة تليق بك

    النشر : الأحد 08 كانون الثاني 2017
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1070 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 371 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 364 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 337 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 335 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3455 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1086 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1070 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1022 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1015 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 996 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 8 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 9 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 9 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة