في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية، وتنامي النقاشات المجتمعية والدينية حول الحجاب، أجرت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية استبيان بهدف فهم الدوافع، المواقف، والضغوطات المرتبطة بارتدائه. وشاركت فيه أكثر من 450 امرأة.
ويُعد الحجاب موضوعًا حساسًا ومتنوع الآراء في المجتمعات العربية والإسلامية، إذ تتفاوت المواقف تجاهه بين كونه فرضًا دينيًا، أو تقليدًا اجتماعيًا، أو اختيارًا شخصيًا نابعًا من قناعة داخلية. فتم إجراء هذا الاستطلاع لقياس توجهات النساء وآرائهن حول الحجاب وتجاربهن الشخصية والاجتماعية المتعلقة به، وذلك عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة في استمارة إلكترونية أرسلت عبر مواقع التواصل ضمت (30) سؤالًا قُسمت لأقسام منها أسئلة باختيارات ومنها أسئلة مفتوحة.
نستعرض مجموعة منها هنا مع الإجابات:
هل سبق وأن شعرت أنك بحاجة إلى دعم نفسي أو اجتماعي للاستمرار في الحجاب؟ كانت الإجابات: لا، لم أشعر بذلك بنسبة 85.5% ، ونعم، بنسبة: 8.5%
أما السؤال هل ترين أن الإعلام يؤثر على نظرة الفتيات للحجاب؟ فكانت نسب الإجابة كالآتي:
نعم، بشكل كبير بنسبة: 68.4%، ونعم، لكن ليس دائمًا: بنسبة: 21.9%، ولا، لا أعتقد أن له تأثيرًا واضحًا بنسبة: 9.8%
هذا يعني أن الغالبية العظمى ترى أن الإعلام له تأثير قوي على نظرة الفتيات للحجاب. وهذا يشير إلى وعي عالٍ بدور الإعلام في تشكيل القيم والمفاهيم، سواء من خلال النماذج المقدمة أو الخطابات الموجهة.
وسؤال آخر عن العوامل التي قد تؤثر على قرارك بخلع أو ارتداء الحجاب؟ كانت الإجابات بنسبة: 86.6% قناعاتي الشخصية فقط، وبنسبة: 8.3% العائلة والمجتمع، وبنسبة: 5.1% البيئة والعمل.
وسؤال هل تعتقدين أن الحجاب قد يؤثر على ثقتك بنفسك؟ أجبن: نعم، بشكل إيجابي بنسبة: 58.9%، وبنسبة: 40% لا يؤثر، وأجبن نعم، بشكل سلبي بنسبة صغيرة جدًا (تُقدّر بأقل من 1%).
أشار ذلك إلى أن الأغلبية ترى أن الحجاب يعزز الثقة بالنفس. وهذا يعكس ارتباطًا عاطفيًا وقيميًا بالحجاب كجزء من الهوية والاعتزاز بالذات. و يُشير إلى شعور بالكرامة، أو التمكين، أو احترام الذات المرتبط بالحجاب.
وسؤال: إذا كنتِ غير محجبة، هل تفكرين في ارتداء الحجاب يومًا ما؟ بنسبة: 94.7% أجبن: نعم، في المستقبل القريب.
وهذه نسبة هائلة جدًا من غير المحجبات لديهن نية فعلية أو قرار قريب بارتداء الحجاب. كشف ذلك عن ميول قوية نحو الالتزام بالحجاب مستقبلًا. وعكس تأثرًا إيجابيًا إما بالقناعة الشخصية أو بمحيط داعم، أو حتى استجابة لمرحلة نضج داخلي.
أما سؤال: هل تشعرين بأن الحجاب يؤثر على فرصك في العمل أو الدراسة؟ فكانت الإجابة بنسبة: 85.4% لا، لا يؤثر،
ونعم، لكن بشكل طفيف بنسبة 11.8%. ونعم، بشكل كبير بنسبة حوالي 2.8%.
والسؤال: كيف ترين نظرة المجتمع للحجاب في بيئتك؟ أجبن بنسبة: 74.4% إيجابية ومحترمة. وعادية، لا يوجد تمييز بنسبة 19.6% . وسلبية بعض الشيء بنسبة 5.9%.
وفي سؤال آخر: هل تشعرين بأن الحجاب يحد من حريتك في اختيار الملابس؟ كانت الإجابات بنسبة: 66.4% لا، لا أشعر بذلك، ونعم، لكن أتقبّل ذلك بنسبة 30%، ونعم، كثيرًا بنسبة 3.6% تقريبًا.
وسؤال: هل سبق وتعرضتِ لتعليقات سلبية بسبب حجابكِ؟ جاءت الإجابات بنسبة 46.4% لا، لم أتعرض إلى ذلك، وبنسبة 23.8% لا، نادرًا . وبنسبة: 18.1% نعم، أحيانًا، ونعم، كثيرًا بنسبة 11.8% ، وهذه النسبة، برغم صغرها، لا يمكن إغفالها؛ لأنها تشير إلى تجارب صعبة قد تؤثر نفسيًا أو سلوكيًا.
فتكون النسبة 70.2% من المشارِكات لم يواجهن أو نادرًا ما واجهن تعليقات سلبية. و 29.9% منهن تعرضن لتعليقات سلبية أحيانًا أو كثيرًا.
سؤال آخر هل تعتقدين أن الحجاب فرض ديني؟ أجبن نعم، بشكل قاطع بنسبة 88.2%، ونعم، لكنه يعتمد على التفسير الديني بنسبة 10.5%، و بنسبة: 1.3% لا أعتقد أنه فرض، وبنسبة 54.3% ديني بحت
وبنسبة: 40.3% اقتناع شخصي بأنه يزدني احترامًا وهيبة، وعادات وتقاليد بنسبة صغيرة، أقل من 5% .
سؤال: هل كان ارتداؤك للحجاب اختيارًا شخصيًا أم بتأثير العائلة والمجتمع؟ كان الجواب: اختيار شخصي بنسبة: 56.2%، ومزيج من العوامل بنسبة 27.2% ، وبتأثير العائلة بنسبة 15.6%.
تُظهر البيانات أن الحجاب بالنسبة لغالبية النساء هو قرار ديني وقناعة شخصية، وليس نتيجة ضغوط اجتماعية كبيرة. وعلى الرغم من أن بعض النساء واجهن تعليقات سلبية، فإن معظمهن لم يشعرن بأن الحجاب يحد من حريتهن أو فرض عليهن دون قناعة.
وسؤال: كيف يتغير شعورك تجاه الحجاب عندما تكونين وحدك مقارنة بوجودك في مكان عام أو مكان يستهزئون بالحجاب؟ نعرض بعض الإجابات منها:
- سافرت لعدة دول، حجابهم يختلف عن العباءة العراقية، لم أهتم لنظراتهم ولا استهزائهم، من أين أنتم؟ أو عبارات استهزاء، ولم أغير حجابي بكل مراحل حياتي.
- أكيد أشعر بأني مميزة بينهم ولا أهتم لكلام الناس.
- عندما أتواجد في مكان عام أشعر بالفخر أني مرتدية للحجاب.
وفي سؤال تخيلي أنك تكتبين رسالة لنفسك قبل ارتداء الحجاب، أو قبل خلعه، ماذا ستكتبين؟ نستعرض بعض الإجابات:
-أنا امرأة ضائعة بلا هوية، أعبث في أوراق الحياة المبعثرة، في ظلمات الحياة عليّ أن أجد قبس من نور يهديني لإيجاد الطريق.
-أرتديته وأنا صغيرة السن فلم أستوعب ما فيه من محاسن، ولكن الآن لم ولن أفكر ثانية بالتخلي عنه نهائياً.
-قبل ارتدائي للحجاب وأنا صغيرة، كنت أتطلع أن أكبر وأكون مثل أمي، ووجدتُ فيه هيبة ووقار واحترام ومكانة في المجتمع.
-أنا ألبس حجابي لآخر عمري لأنه واجب إسلامي، الله كلفني به، وهو وقاري من الله تعالى.
-مرحباً يا أنا... هل أنتِ سعيدة؟ هل حياتك جميلة ومرضية بالنسبة لكِ؟ ربما نعم، لكن السؤال الأهم: هل الله راضٍ عنك؟ هل والديكِ راضيين؟
تُظهر نتائج الاستبيان توازنًا بين الدوافع الدينية الشخصية وبين إدراك الضغوط الاجتماعية المحيطة بارتداء الحجاب. أغلب الفتيات عبّرن عن أن ارتداء الحجاب كان خيارًا نابعًا من قناعة ذاتية أو فهم ديني، في حين أن نسبة صغيرة أشارت إلى تأثير البيئة المحيطة. في الوقت نفسه، لا تزال بعض المشاركات يشعرن بأن الحجاب يحد من حريتهن أو يجلب لهن تعليقات سلبية.
والتوصيات التي تتضح أهميتها من نتائج الاستبيان:
1. تعزيز الحوار المجتمعي حول حرية المعتقد والمظهر الشخصي.
2. تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للفتيات اللواتي يشعرن بالضغط في قرار ارتداء الحجاب.
3. نشر التوعية الدينية المستندة إلى التفسير الوسطي المعتدل.
4. مواجهة التنمر أو التعليقات السلبية بحق المحجبات عبر حملات توعوية.
واتضح من ذلك أن الحجاب لا يحد من حرية اللباس، إنما هو تنظيم لها. والمجتمع يرى أن الحجاب واجب ديني، وهذا جيد، لكنه يفرضه أحيانًا بقسوة، وهذا غير صحي.
إضافة إلى وجود استهزاء بالحجاب من بعض الفتيات غير المحجبات، ويُنظر للمحجبة كأنها قديمة أو متشددة. وهذا يدل على عدم احترام قيمة الآخر وبالتالي يدل على عدم نضج هذه الأفراد.
اضافةتعليق
التعليقات