في كل لحظة صمت، يخرج من رأسك مشيًا على أطراف الفكرة. يهرب إلى الورق، يتسلل إلى الحوارات، يُطلّ من نافذة التأمل، ويطرق أبواب أحلامك دون إذن. إنه خيالك، ذلك الكائن العجيب الذي لا يحب القفص، ولا يرضى بالبقاء ساكنًا في مكان واحد.
لكن ماذا تفعل إذا كان خيالك أقوى من أن يُحبس، وأضعف من أن يُهمل؟ كيف تربي خيالًا لا يريد البقاء في رأسك؟ كيف تحتضنه دون أن يبتلعك؟ وكيف تجعله حليفك بدل أن يكون فوضى تشتتك؟
1. استمع له، ولكن لا تطيعه دائمًا
الخيال مثل طفل موهوب، ذكي، لكنه عنيد. سيقترح عليك ألف سيناريو لما يمكن أن يحدث، ومعظمها لا علاقة له بالواقع. سيفكر كيف ستخسر، أو كيف ستحلق عاليًا بلا أجنحة. وهنا تأتي مهمتك: لا تخرسه، ولكن لا تسلمه القيادة أيضًا. استمع إليه، ثم اختَر ما يفيدك، وتجاوز ما يعطلك.
2. اكتب، ارسم، تكلم — أخرجه بطريقة محترمة
الخيال يحتاج إلى منفذ. إذا بقي حبيس رأسك، سيتحول إلى قلق، أو وساوس، أو حتى تعب نفسي. أخرج خيالك إلى العالم: اكتب قصة، ارسم لوحة، دوّن فكرة، أو شارك صديقًا مشهدًا من خيالك. ستفاجأ بأنك خفّفت عنه وأرحت نفسك أيضًا.
3. احمه من التشويش
لا يستطيع الخيال أن يتنفس وسط الضجيج. الهواتف، التوتر، الاستعجال… كلها تقتل الخيال أو تشوهه. اترك له مساحة نظيفة. ربما في لحظة ما قبل النوم، أو أثناء مشي هادئ، أو في وقت تقضيه دون هدف واضح. هنا يبدأ الخيال في النمو بهدوء، ويتحول من فكرة مجنونة إلى إبداع حقيقي.
4. لا تخف من غرابته
الخيال ليس ملزَمًا بأن يكون واقعيًا. قد يخبرك أنك قادر على الطيران، أو أنك يمكن أن تبني مدينة فوق الغيوم. لا تسخر منه، ولا تحاول “تربيته” بالقوة. ربي الخيال بالحب، لا بالقمع. اسأله: “ما الذي تحاول أن تقوله لي من خلال هذه الصورة الغريبة؟” ستكتشف أن وراء كل خيال غير منطقي، فكرة عميقة تحتاج إلى ترجمة فقط.
5. حول الخيال إلى عمل
هنا السر. الخيال الحقيقي لا ينمو إن ظل حلمًا. اجعله مشروعًا، فكرة لمقال، بداية رواية، أو خطة لمستقبلك. هكذا تكافئ خيالك، وتعلمه أن هناك جدوى للهروب من رأسك: أن هناك من يصغي له.
الخيال ليس ضعفًا، بل طاقة. لكنه مثل الرياح، إن لم توجّهها، قد تُسقطك بدل أن ترفعك. ربِّ خيالك كما تربي طائرًا: افتح له النافذة، ولكن علّمه أن يعود.
اضافةتعليق
التعليقات